مجيد الكفائي ||
لم يكن الإمام الحسين (ع) بطلا من ابطال المقاومة والحق والشرف والكرامة حسب، بل كان المؤسس والمدافع الأول عن حقوق الإنسان واول من ارسى تلك القواعد لتصبح بعد الاف السنين حقوقا تدافع عنها المنظمات الانسانية والشعوب وتجعلها قانونا ممنوع التجاوز عليه، ففي العاشر من محرم قبل اكثر من الف عام اعلن الامام الحسين امام الالاف من الناس الذين جاؤا لقتاله قائلا : (ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا احرارا في دنياكم) ، هذه القاعدة التي وضعها الحسين اصبحت فيما بعد احد قواعد حقوق الانسان في اغلب الاتفاقيات الدولية ومادة تدرس في الاكاديميات الرصينة في كل العالم ، ومن يقرأ خطب الحسين يوم عاشوراء يجد ان خطبه هي مواد في حقوق الانسان نصت عليها الاتفاقيات المختلفة في العصر الحديث ، فمن يتفحص قوله (لَا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ، وَ لَا أَفِرُّ فِرَارَ الْعَبِيدِ) يجد ان الحسين يحث على مقاومة الظالم المستبد (حق المقاومة ) وينكر ويأنف من الذل ولو كلفه ذلك حياته وهكذا ضحى بحياته وحياة عائلته من أجل أن يعلم الناس ان الحرية والمبادىء والاخلاق اهم من الحياة تحت ذل العبودية والاستغلال وطغيان الظالمين ، وبدا ذلك واضحا في قوله :(اني لا ارى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما )
لقد رفع الحسين راية الحق ودافع عن حقوق الانسان في وقت لم تعرف البشرية اتفاقيات جنيف ومبادىء حقوق الانسان بل كان الانسان القوي والسلطان الظالم يقتل ويسبي النساء وكانت تعد افعاله هذه المنافية للفطرة البشرية والاخلاق شجاعة وبطولة.
ان معارضة الحسين (ع) لحكم يزيد بن معاوية لم تكن من اجل السلطة بل كانت من اجل اسقاط نظام اتسم بالظلم والفساد والمحسوبية والطغيان وتكميم الافواه ، فرآى الحسين حين ذاك ان واجبه الشرعي والانساني يحتم عليه مواجهة هذا النظام المتسلط الفاسد، لذلك فثورة الحسين هي الدعوة الاولى
إلى الحرية والمساواة بين جميع الناس، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو جنسهم، وهي ايضا ثورة ضد الظلم والاضطهاد والفساد، حين كان الناس يُستعبدون ويُقتلون دون حق. لقد رأى الإمام الحسين (ع) كل هذه الظلم والفساد في نظام بني امية ، فلم يصم أذنه ، بل قرر أن يقف في وجهه ويدافع عن حقوق الناس والامة .
وهكذا كانت ثورة الإمام الحسين (ع) نقطة تحول في تاريخ الإسلام والانسانية فقد أشعلت شعلة المقاومة والحق في نفوس المسلمين والشعوب غير المسلمة، ودفعتهم إلى النضال ضد الظلم والفساد.
فالإمام الحسين (ع) بثورته تلك كان مدافعًا عن حقوق الإنسان بكل ما تعنيه الكلمة،وقد دافع حتى الموت كي ينعم الانسان المضطهد بالحرية والكرامة والعدالة. وكان الشهيد الاول من اجل حقوق الإنسان في العيش الكريم وكان رمزًا للمقاومة والأمل ولازال شعاره هيهات منا الذلة ترفعه الشعوب المضطهدة لتاخذ حقها من الظالمين .
وفي ذكرى عاشوراء من كل عام نتذكر الإمام الحسين (ع) لنجدد عهدنا له بالدفاع عن حقوق الإنسان، وتحقيق العدل والكرامة للجميع.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha