كوثر العزاوي ||
شجرةٌ بحجم الشموخ، جلبابها العفاف، تحت ظلالِها خارطة إباءٍ وعزم وصبر، بلونِ غـبار الطف، والرمال التي وطِأتها أقدامها تهمس للمُلكِ والملكوت بتعجّب وإعجاب، والسبل التي عَبَرتها تشهدُ بانبهار، كيف أخضَعت الجبابرة المتربّعين على العروش الشائكة الملطّخة بدماء الأزكياء، بدماء أبي الأحرار سيد الشهداء الحسين"علـيه السلام"
معالمُ الشام وآفاق الكوفة تشهدان كيف تزلزلت بحضورها كياناتُ أشباه الرجال حدّ الانهيار، إنها زينب العظمة، صوتٌ وحضور، والدور المنوط بها أعظم!! زينب الموقف والكلمة، زينب إمرأة التاريخ، ومَن على ساريتهِ كُتِبَ الإباء في محضرِ العشق والفناء{ مارأيتُ إلّا جميلا}!!
ترى أيّ جميلٍ ذاك الذي أبصَرتهُ ابنة عليّ والزهراء ولم يكن ليلها كما الليالي، ليل فقدت معه سواطع الأنوار والكواشف الدريّة التي كانت لها سدًا من طمأنينة، ودرعًا من عاديات زمانها، ولمسة حنان، جبالٌ من صبر تتوقف عندها آمال زينب!! آه وقد انطفأ مصباح فجرها المتوهج، وتلاشت أنوار هيبتها لتتحوّل فجأة إلى صرعى تفوح دماؤها بعبق العشاق كلما تمرّ عليها رياح الليل الغاضبة، لتنقل عبيرًا أذفريًا لعطر الحسين وكافلها المقدام، فيالهول ليل الوحشة!، وهي تسرق نفسها من بئر الأسى وحشد من يتامى وثواكل وبقية عصمة السيف عليل مستعِر الحشى، لتنظر هي الى ما بعد نحر الحسين وأُزوفُ رحلة أسرها، ولابد من حساب يرقى الى قدرها لتبدو زينبٌ بعباءة الأسر أميرة مهابة، تستر قلبها النازف امام مشاهدَ أبكت عيون السماء دمًا، وناحت لأجلها ملائكة العرش، لكنها في وادٍ آخر تعض على جراحها لتستنهض همّة زينب اليوم التي أعدّتها يدُ المعصوم قائدة بأمر السماء فأناخت برحل الحسين راضية لتصبح بطلة كربلاء رائدة في محطة الوعي والبصيرة، ومَن لها القدرة على إقناع النجوم والأفلاك لتصوغ منها عِقدًا مضيئًا يبدّد وحشتها ويمزق ظلام الغيّ ويفضح وحشية ذئاب الجبت والطاغوت، فشمس الحسين بعد مغيب نور الجسد المقطّع، لابد أن تشرقَ من جديد ليرى العالم المنتظِرُ شمس الخلود التي لاأفول معها على يدِ صانعة المجد الحسينيّ وأميرة الشام في عصرِ اُسراءِ الشهوات أمراء الرذيلة والغدر طواغيت بني أمية.
١٠-محرم-١٤٤٥هج
٢٩-تموز-٢٠٢٣م
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha