قاسم سلمان العبودي ||
مرة أخرى يتمادى صبي المخططات الكبرى بحرق نسخة من القرآن الكريم وبأصرار وعناد قل نضيره ! الغريب في الأمر أن السويد كدولة تعتبر نفسها ( متحضرة ) لكن هذا التحضر المزعوم قطعاً هو وفق القياسات الغربية التي تعتبر المسلمين فئة ما قبل الأخيرة ، و تصَّر أصرارً كبيراً على حماية المنحرف سلوان وتفسح المجال لهُ في التمادي . يا ترى ما هو الدافع وراء تلك السلوكيات المنحرفة ؟
نعتقد أن حرق المصحف الشريف يأتي كحلقة ضمن مسلسل تعمل عليه دوائر المخابرات الغربية بدافع من الصهيونية العالمية التي أصطدمت مشاريعها التوسعية باستراتيجية الحرب التي أنتهجها المحور المقاوم للتواجد الصهيوني . أن تكتيكات المواجهة العسكرية بين المحور المقاوم وبين الجيش الصهيوني ، أو أدواته في المنطقة ، أذهلت ( إسرائيل ) وجيشها الذي يعد في المنظور الغربي ، جيش لن يقهر . لكن الوقائع الاخيرة تشير بوضوح الى تراجع ذلك الجيش وتقهرهُ ، وأنحسار مساحات تحركه . لذلك عمد الموساد الصهيوني الى أبتكار وسائل جديدة لمواجهة المحور عبر النيل من عزيمته وصبره ، وأحراق المصحف الشريف واحدة من تلك الوسائل .
سلوان قطعاً ( مطية ) مخطط دولي كبير ، لكن المثير للأهتمام هو أصرار السويد على تحدي الدول الإسلامية بأكملها ، رغم طرد السفيرة من بغداد . نرى أن السويد أصطفت مع المحور الاميركي الذي يريد من دول العالم الإسلامي أن تكون الممول الرئيسي للحرب القادمة مع الصين ، وخصوصاً أن السويد قد أنضمت مؤخراً الى حلف الناتو . هناك طبول حرب تدق في واشنطن بمحركات صهيونية ، لعودة القطبية الامريكية وتسيدها للعالم مرة أخرى ، وتشير المتابعات الى أن الولايات المتحدة تعول كثيرًا على النفط والغاز العربي في المواجهة القادمة . تسارع وتيرة التطبيع الصهيوني- السعودي تصب في خانة المسلسل التصعيدي مع الدول الاسلامية ، و الغرب وإسرائيل يدركون جيداً أن بعض الدول الإسلامية وخصوصًا العربية لاتقيم وزناً للقرآن الكريم ، وأن صرحوا بغير ذلك .
يبدوا أن المقصود من الأساءة بحرق المصحف ، تلك الدول الاسلامية التي انخرطت في محور الصراع المقاوم للصهيونية ، وعلى رأس تلك الدول الجمهورية الاسلامية الايرانية و جمهورية العراق التي ذهب رئيس حكومتها الى سوريا الصمود متحدياً قانون قيصر الذي تفرضه الولايات المتحدة على الشعب السوري ، وايضاً كسر العراق للحصار الامريكي على الشعب الايراني عبر مقايضة النفط العراقي ، بالغاز الأيراني . لذلك نرى أن عملية استهداف القرآن الكريم ، هي مقدمة لشيء أكبر تعدهُ مطابخ المخابرات الغربية بالضد من هذه الدولتين .
أن تعاطي المرجعية الدينية في النجف الاشرف ، وقم المقدسة مع حادثة أحراق القرآن الكريم ، والذهاب بالمخاطبات والرفض ، الذي تم توجيهه الى المنظمة الدولية ، متخطية بذلك حكومات الدول التي تم الأحراق على أراضيها لأعتبار إن تلك الدول سائرة في فلك الهيمنة الغربية من جهة ، ومن جهة ثانية تعرية تلك الدول من إدعائها التحضر والمدنية . لقد كان موقف المرجعية الدينية في العراق وإيران يعادل ، بل يفوق كل الاستنكارات واعلانات الشجب التي صدرت من الحكومات الاسلامية مجتمعة . الجدير بالذكر أن الشعب العراقي تعامل بمنتهى التحضر مع حادثة حرق المصحف الشريف ، عندما أقدمت الحكومة العراقية بإغلاق سفارة السويد وطرد السفيرة منها بكل هدوء ، وهذا لم يرق لبعض شركائنا في العملية السياسية وخصوصاً المكون الكوردي وبعض المكون السني ، متحججين بذريعة انفتاح العراق على العالم .
الأمم المتحدة عبر ( أمينها ) لم تعر أنتباهاً للأصوات الأسلامية المستنكرة لحادثة الحرق ، بقدر أهتمامها لرأي السيدين العليين السيستاني والخامنه آي ، لعلمها المسبق بأن هذين السيدين أصبحا محل صناعة القرار التغييري في منطقة الشرق الاوسط ، وهم من يتحكموا بالقرار الدولي فيه ولو بالحد الأدنى . نرى بأن العراق اليوم يمتلك مفاتيح القوة بأخراج المحتل الامريكي من العراق ، عبر تفعيل قرار الشعب العراقي في البرلمان السابق ، وذلك أول أسلحة مواجهة التحركات الصهيونية في المنطقة . أما سلوان فأنه ( دابة ) سرعان ما ينتهي دوره بأسرع ما يكون .
وكُلُّ بابٍ وإن طالت مَـغالِقُهُ
يومًا لهُ من جميلِ الصبرِ مفتاحُ
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha