محمد مكي آل عيسى ||
كتابتي هذه ليست عن الجندر والجندرة وما تعنيه وما هي تبعاتها وآثارها ودور الحكومة وعلماء الدين والمنظمات و و و و
وإنما سنحاول أن نعرف لماذا تورّط البعض فانجرّ للولوج في هذا الموضوع؟!
وعندما أقول تورّط فذلك لأن قاعدته وأفكاره ومتبنياته كلها ترفض موضوع الجندر وما يترتب عليه .
نعم لقد اتضح لجهات عديدة بأنها قد تورّطت للترويج لقضية الجندر أو النوع الاجتماعي من حيث لا تدري وبعض هذه الجهات تمتلك الرصانة العلميّة العالية وبعضها ينسب لجهات اسلامية موثوقة ولا غبار عليها أبداً فما الّذي دعاهم لهذا الأمر ؟!
قبل أن نحاول احصاء الأسباب علينا أن نبيّن ثلاث فئات في مجتمعنا ، فأن هناك من لا يمكن أن نقول عنه بأنه تورّط بطرح هذا الفكر وإنما هو عامل بقصد منفذ للأجندات الغربية منتفع منها لا يهمه دين ولا مبدأ ولا مجتمع ولا أسرة ولا يعطي اعتباراً لأي من ذلك فهو عبد عند سفارات الشياطين ينفذ ما يملى عليه وليس نادماً أو متورطاً فهو متبن ٍ لهذه الأجندة وهذه هي الفئة الأولى ، الفئة الثانية هي التي لا تدري ولا يهمها ماذا سيكون وإلى مَ تؤول الأمور وهي تركض يميناً ويساراً لاتدري إلى أين فقط تريد الحراك وهي فئة غير قاصدة أو منتفعة كالفئة الأولى بل هي فئة ساذجة سفيهة لا أبالية ولا تعي معنى المسؤوليّة وهذه هي الثانية ، أمّا الثالثة محور الحديث وفيها الواعي والحريص فيها المؤمن الملتزم فيها صاحب المبدأ . .
هذه الفئة التبس عليها الأمر نعم ، تحرّك الكثير منهم وهو لا يدري وخصوصاً بعد أن تبنّت الحكومة الأمر من خلال التثقيف له فأصبح أمراً روتينياً تتناقله الكتب الرسمية الحكومية وهنا فليس للموظف البسيط إلا الانصياع لإدارته وما تنسّبه .
لكن ومع هذا اللبس ومع هذا الخلط فإن هناك أموراً لو أخذت بعين الاعتبار لما تروط من تورط بذلك وأرى أن من الضروري استقصاء تلك الأمور ليجعلها كلٌ منّا نصب عينيه فلا نتورط بعد يومين بالترويج لمفهوم أفضع ونحن لا ندري .
ومن خلال الملاحظة الشخصيّة وجدت الأسباب التالية :
أولاً : العجلة وعدم التأنّي وعدم التروّي في اتخاذ القرار وقلّة التدقيق والتمحيص لأبعاد المفردات والبحث عنها وسبب تلك العجلة هو قصد سبق الآخرين والتميز عليهم بما لم يصلوا إليه بعد لتحصيل تميّز علمي أو سياسي أو بحثي وغيرها.
ثانياً : حب التجديد الذي يقبع في نفوسنا جميعاً والذي يعود أيضاً للرغبة في التميّز عن الآخرين وكراهة الاطراد المسبب للملل فتهفو النفس لمصطلح جديد لمفهوم جديد ظناً منها أنها قد كسبت كمالاً جديداً والحق غير ذلك .
ثالثاً : الطرب للغريب المستورد وهو بلاء نعاني منه كثيراً فإننا ما سمعنا بمصطلح جديد أو مفهوم جديد قد طرحه الغرب إلّا وسارعنا نتلقفه بدافع الفضول الفطري تارة وتارة وللأسف بسبب شعورنا المزمن بالنقص أمام الغرب ، فالغرب بالنسبة للكثير منّا ربٌ يعبد ما إن صدر عن الغرب أمر إلا واعتنقه .
إن التطور العلمي والتكنولوجي الغربي متفوق بأضعاف مضاعفة على العالم الأسلامي حقيقة لا يمكن لمعاند إنكارها لكن أن تسري هذه المعرفة لتفرض أن التطور الإنساني والثقافي الغربي يفوق العالم الإسلامي فهنا مشكلة ، فالتطور العلمي والتكنولوجي شيء والتطور الإنساني والثقافي شيء آخر ولا يمكن ان نلازم بينهما أبدا . لذا فإننا لو سمحنا لانفسنا أن تطرب لجهاز جديد ، لآلية اتصال جديدة صنعها الغرب فإن علينا أن لا نسمح لها لتطرب لخُلُق جديد اعتمده الغرب إطلاقاً ، علينا أن لا نسمح لانفسنا أن تميل لرؤية كونية جديدة ابتدعها الغرب ومنها ما أفرزته ثقافة الحداثة وما بعدها .
رابعاً : عدم الثقة بموروثنا الإلهي المعصوم الذي وردنا من طيب إلى طيب ومن صالح إلى صالح وبذلوا مهجهم كي تصلنا تلك العلوم الربانيّة التي لاشائبة للنقص والخطأ فيها ، تلك الروايات والأدعية والخطب والمواعظ والرسائل والكتب ، كلنا لازلنا مقصرين في سبر أغوارها لاقتناص لئالئ المعرفة فيها ، فهل يجرؤ أحدنا ليقول أنه على يقين بأنه قد وصل لكل مطالب كتاب نهج البلاغة ومقاصد علي ع فيه ؟!
فعلينا أن نرفع من ثقتنا بموروثنا الذي نصدح به ليل نهار ( الحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم )( إن ذكر الخير كنتم أصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه )
خامساً وأخيراً : عدم التفاتنا للمؤامرة بل أن البعض لايزال يتجاهلها بل هناك من يعتبر اهتمامه بالأمر هو منقصة له وعليه أن يهجر التفكير بالمؤامرة وأهلها .
وعدم التفكير بالمؤامرة يعني أن أثق بعدوّي وأن أغمض عنه عيني ليكيد بي ما يريد ويفعل بي ما يشاء ، كيف لا نضع المؤامرة أمام اعيننا ونثق باعدائنا والكاظم موسى ع يقول (إذا كان الجور أغلب من الحق لم يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يعرف ذلك منه)
والهادي علي ع يقول (وإذا كان زمان، الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا ما لم يعلم ذلك منه)
والصادق جعفر ع يقول (ذا كان الزمان زمان جور وأهله أهل غدر فالطمأنينة إلى كل أحد عجز)
فكل مستورد من الأعداء مسموم ، والعدو لا يرضيه إلا هلاك عدوّه ،فكيف ونحن يلقى إلينا فكر يناقض الحق والخلق يناقض البديهة والتكوين ؟؟.
ويبقى باب الاستقصاء مفتوح للقارئ ليثري الموضوع لعلنا نكون من النبهين وأن لا نقع في ورطة جديدة . . والله من وراء القصد
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha