حيدر الموسوي ||
في اكثر من مناسبة يستخدم المدون او الناشط او المثقف او السياسي العراقي مفردة ( الشعب ) ويحذر ان الشعب لن يسكت ولن يقبل وسيقوم بذلك وسوف يعمل الشعب على ذلك
من اكثر المفردات المتداولة المطاطية في وسائل الاعلام هذه المفردة التي حقيقة لا واقع لها
لان باختصار لا وجود لشعب عراقي بل الاصح شعوب متعددة الاتجاهات والولاءات والافكار واختلاف البيئات
والدليل ان الدولة العراقية ما بعد التغيير تدار بالرؤوس الثلاث الكردي والسني والشيعي وهذه هي الحقيقة التي لا يريد ان يراها البعض وما زال يعيش على الاطلال بل حتى الدولة التي تأسست ما بعد ١٩٢٠ خاصة في ظل فترة حكم الملكية كانت السلطة يتداول عليها السني والشيعي
لكن بدرجات وكان الكورد يشعرون بالغبن ايضا
يناقش هذه الايام مجموعات نخبوية محترمة من ضرورة ايجاد البديل عن الطبقة السياسية الحالية وهذه هي طموحات كل النخب في العالم حينما تجد توالي الخيبات في نظام الحكم ، غير ان الواقعية السياسية تتحدث خلاف هذه الامنيات وفق الادلة القريبة وليست البعيدة
فلم تتمكن الاحزاب البديلة والناشئة من الوصول الى السلطة في العراق لا كتمثيل نيابي ولا حتى المشاركة في صناعة القرار كونها لا تمتلك الخزين المعرفي بدهاليز الحياة السياسية وافتقارها الى العلاقات الاقليمية والدولية فضلا من انها بلا مشروع وعمودها الفقري الوحيد هو استثمار نقمة الشارع والحديث عن حال الوصول سيقدمون الخدمات وفرص العمل وغيرها من الحاجات التي تعمل عليها جميع الحركات المطلبية فتكون الصدمة كبيرة بمجرد الوصول الى قبة البرلمان من بينها الحياة الجديدة المختلفة عن حياة البساطة والدخل المحدود حياة الرواتب العالية والامتيازات والانتفاخ الذي يصيبهم جراء تهافت وسائل الاعلام اليهم والصفة الجديدة سيادة النائب وغيرها
ومن ثم الدخول في لجان برلمانية ولقاء وزراء والتفكير هنا يكون مختلف تماما حول تطوير القدرات المالية والمنفعية في ظل ضغط العائلة والاقارب وغيرهم ورغم كل هذا المشوار الذي قطعته تلك الحركات الجديدة الى انها وصلت الى قناعة انها غير قادرة مستقبلا حتى على الحفاظ على مكتسباتها المتحققة لانها لم تتمكن من اجتياز الاختبار في اقناع ناخبيهم بإدائهم
فيما تأتي مجموعات اخرى تحاول دخول التنافس السياسي المزدحم في العراق من الاصل من جديد عبر تشكيل تجمعات سياسية غير انها لم تستفيد من الدرس السابق ولا تعلم مفتاح الاحزاب التقليدية في استمرار وجودها في المشهد السياسي رغم تراجع شعبيتها لكنها بصورة او اخرى لم تتاثر كثيرا كونها تمتلك اغلب زعاماتها الرمزية والمال والاعلام والسلطة
فمن يتمكن مثلا من خوض المنافسة في الاقليم مع زعيم الجبل مسعود البارزاني او ارث المرحوم مام جلال طالباني المتمثل في الاتحاد الوطني الكردستاني
او في الجنوب والوسط وهنا نتحدث عن زعامة لديها شارع يخرج بتغريدة من زعيمها المتمثل بالسيد الصدر او المنافس الاخر وهو حزب الدعوة صاحب الارث التاريخي داخل الوجود الاجتماعي الشيعي ورمزيته الان هو المالكي الذي يعتبر ماركة الدعوة ما بعد التغيير ولديه شارع لا بأس به ، وقد يكون الامر مختلف بعض الشيء في البيئةالاجتماعية السنية بتفاوت كون الرمزيات السنية حديثة العهد على الحياة السياسية لكنها تبقى مؤثرة بحكم المال وما تقدمه على الاقل الى جماهيرها الحزبية
اما الكلام عن بديل علماني او ليبرالي هذه مجرد اوهام في ظل وجود حاكمية امراء المكونات وضرب من الخيال
لاوجود لاي ليبرالية في العراق على الاطلاق مجرد تسميات
، الليبرالية الاقوى تجسدت في شخصيتين الراحل احمد الجلبي ورغم كل تاريخه وما قدمه بالخصوص الى الشيعة الى انه اقصي من منصب كان يفترض ان يكون له لمجرد انه ليبرالي ، والشخص الاخر هو اياد علاوي الذي هو اساسا يتحدث عن العلمانية غير ان الرجل حقيقته قومي واستمد معظم قاعدته الجماهيرية السابقة باعتبار انه الان اصبح في عمر الشيخوخة السياسية من خلال ورقة استقطاب كل العلمانيين المعارضين للحركات الاسلامية بشكل عام وعصبها الاساس هم محبين حزب البعث كونه الوحيد الذي كان يتحدث ليلا نهارا عن انصاف اسرهم وانتقاده لاجتثاث البعث وغيرها
بالنهاية حلم مشروع البديل عن الطبقة السياسة الحالية يبقى حبيس التنظير والترف الاعلامي وقد يحدث شيء يوما ما ولكن هذه تحتاج معجزة حقيقية في الانقسامات المجتمعية
ولكن تاريخيا كل التغيير الذي جرى في العراق لم يحدث من الداخل بل من الخارج وارادة القوى الخارجية
متى ما ارادت التغيير هي من تقرر ذلك وغيرها مجرد محاولات اغلبها تكون ضعيفة وهزيلة لا ترقى الى مشروع سياسي جديد منافس للتقليديين
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha