علي هاشم الركابي ||
وهو أيضاً من شهداء كربلاء الذي تتوقف الكلمات في وصفه لشدة تفانيه وحسن بلاؤه في نصرة أهل البيت عليهم السلام.
فقد كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وشارك معه في غزواته الثلاثة (الجمل، صفين، النهروان).
وبقي ملازماً لآل النبي حتى واقعة كربلاء، التي شارك فيها بدمه ولحمه وروحه وقلبه ولسانه.
ففي أثناء طريق الإمام الحسين كان قد أختبر أصحابه، فأجابوه بما أجابوه، وقد أجابه نافع بكلام عظيم قال فيه:
" يا ابن رسول الله أنت تعلم أن جدك رسول الله لم يقدر أن يشرب الناس محبته ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحب، وقد كان منهم منافقون يعدون بالنصر، ويضمرون له الغدر، يلقونه بأحلى من العسل، ويخلفونه بأمر من الحنظل، حتى قبضه الله إليه، وإن أباك عليا رحمة الله عليه قد كان في مثل ذلك، فقوم قد أجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين، حتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة الله ورضوانه، وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة، فمن نكث عهده، وخلع بيعته، فلن يضر إلا نفسه، والله مغن عنه، فسر بنا راشدا معافا مشرقا إن شئت، وإن شئت مغربا، فوالله ما أشفقنا من قدر الله، ولا كرهنا لقاء ربنا، وإنا على نياتنا وبصائرنا، نوالي من والاك، ونعادي من عاداك.".
وهذا الكلام من نافع يدل على عظمة نافع وشدة بصيره ويقينه بالإمام ومدى تفانيه فيه وإخلاصه له.
وهكذا في يوم السابع حيث قطع عمرو بن الحجاج الماء عن معسكر الحسين، ذهب العباس عليه السلام مع ثلاثين رجلاً لجلب الماء، وكان نافع في قيادة هؤلاء الثلاثين رجلاً، وقد تحاور مع ابن عمه عمرو بن الحجاج المكلف بمنع الماء فلم يجد معه الحوار، فقاتله وهزمه وقتل العديد من رجاله وأخذ الماء، من دون أن يستشهد أحد من أصحاب نافع.
وهكذا في ليلة العاشر، والقصة المعروفة، قصة (ذبوا عمايمهم)، فان نافع هو الذي سمع السيدة زينب تتكلم مع الإمام الحسين وهي تخشى أن يتركه أصحابه في الشدة حيث قالت "هل بليت أصحابك… "، فذهب نافع لحبيب وطلب منه أن يجمع الأنصار ويذهبوا للنساء ويطمئنوهم بأنهم سيقاتلوا ويقتلوا دون الحسين، وفعل حبيب ما طلب نافع منه.
وفي يوم العاشر كذلك، رغم كثرة المواقف الفريدة والمميزة لأغلب أنصار الإمام، الا أن نافع كان له موقفاً بطولياً بارزاً، فحينما أستشهد عمرو بن قرضة الأنصاري، كان أخيه علي بن قرضة في جيش ابن سعد، فقال للإمام الحسين:
أضللت أخي وخدعته حتى قتلته!؟ قتلني الله ان لم أقتلك.
وخرج راكضاً نحو الإمام الحسين يريد قتله، فاعترضه نافع وقتله قبل أن يصل للإمام الحسين.
وحتى بالنسبة لشجاعته، عندما برز للقتال لم يجرؤ أحد على الوقوف بوجهه الا أرسله لجهنم، فرموه بالحجارة حتى كسروا عضده وأخذوه أسيراً، فقتله شمر بن ذي الجوشن، فشارك بذلك إمامه الحسين في الشهادة على يد أرجس وأخبث خلق الله، وبنفس الطريقة.
فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً.
فتأملوا قليلاً في اخلاصه لإمام زمانه وشدة تفانيه فيه، وشدة يقينه به وتضحيته دونه.
ثم لينظر كل واحد منا لحاله، ويرى، أين هو من هذه التضحية دون امام زمانه؟
أين هو من هذا اليقين والبصيرة بامام زمانه؟
هل أتعب نفسه ليقوي عقيدته وبصيرته بإمامه؟
هل نصر إمام زمانه بقلبه ولسانه وعمله وعقله كما نصره نافع؟
تأملوا.
https://telegram.me/buratha