احمد أل عبد الواحد ||
بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك/10. وقوله: (أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنبياء/67
العقل في أكمل أوجهه وأتم صوره هو الدين والإيمان بالله تعالى والعمل بأوامره وتجنّب ما نهى عنه، هذا هو ما يؤكده القرآن الكريم في كثير من الآيات الكريمة، كما تؤكده الأحاديث الشريفة وروايات المعصومين (عليهم السلام) فبه تتبلور الأحكام والمفاهيم وحوله تتمحور الغايات، وهو أشرف ما خلق الله، وبه (عُبِد الرحمن واكتسب الجنان) كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : فالعقل مقرون بالإيمان بالله، والعمل الصالح، والخير، والسلوك السليم، والصفات الحميدة، وبدون هذه الصفات لا يمكن للإنسان أن يسمى عاقلاً بالمعنى الحقيقي
لا يزال مخ الإنسان مليئا بالأسرار التي يحاول علماء المخ والدماغ اكتشافها. وحسب آخر الدراسات، فإن سلوكيات الإنسان تكون بدرجة كبيرة مدفوعة من منطقة في الدماغ تعرف بتحت الوعي "العقل الباطن" المرتبط بدوره بخلايا الدماغ
يُعرف العقل الباطن على أنه مجموعة من العمليات المعقدة التي تحدث داخل عقل الإنسان دون إدراك الفرد لحدوث هذه العمليات، حيث تتمثل هذه العمليات المُعقدة في اتخاذ القرارات، وإصدار الأحكام على مختلف المواقف الحياتية التي يتعرض لها الإنسان، فما هي أهم المعلومات المتعلقة في العقل الباطن عند الإنسان؟!
في دراسة تقريبية للباحثين والمختصين بهذا الشأن، توصلوا بأن دماغ الإنسان يتكون من مليار خلية، تتشابك هذه الخلايا لتكون 100 مليون عصبون، وهو عبارة عن الوحدة الاساسية للتواصل في الجهاز العصبي، يتكون العصبون من النواة والمحور العصبي والالياف، والاخيرة هي المسؤولة عن نقل الاشارات الكهروكيمائية.
وحسب دراسة حديثة في مجال العلوم العصبية منشورة في مجلة "أبحاث المخ" الألمانية، فإن الحركات التي يقوم بها الإنسان تتم في البداية بتوجيه من اللاوعي، ولا يكون أمام المرء سوى وقت قصير لوقفها. وانطلاقا من هذه الحقيقة، فإن حرية الإنسان مقيدة في حركاته. وتستند هذه المعطيات إلى نتائج توصل إليها عالم العصبيات الأميركي بنجامين ليبيت نهاية السبعينيات من القرن الماضي.
وأشارت مجلة "أبحاث المخ" إلى أن العالم الأميركي أكد في السابق أن الأشخاص الذين شاركوا في تجربته يصدر عنهم رد فعل لوقف الحركة بعد مرور 350 إلى أربعمائة ثانية من القيام بالحركة. ولخص بنجامين ليبيت تجربته بالقول "نحن لسنا مخيرين في ما نفعله، ولا يبقى لدينا إلا خيار أن نحبه أو نكرهه".
من جانبه، أكد عالم الأبحاث العصبية في جامعة بريمن الألمانية جيرارد روث أن النتائج الحديثة -التي تم التوصل إليها بخصوص علاقة السلوك بالمخ- تؤكد ما ذهب إليه العالم الأميركي بنجامين ليبيت منذ عقود. وأكد روث أن المدة الزمنية التي يتطلبها الانتقال من فترة اللاوعي إلى فترة الوعي تدوم حوالي نصف ثانية.
من جانبه، يرى مدير معهد ماكس بلانك لأبحاث المخ والأعصاب في مدينة فرانكفورت فولف زينغار أن الصور الأولى التي يمررها إلينا المخ غير واقعية بالضرورة، ويعود السبب -حسب زينغار- إلى احتواء المخ على عدد من الخلايا والألياف التي يمكن أن تعطي للصور التي حولنا دلالات أو ألوانا مختلفة. ويخرج العالم جيرارد روث بخلاصة مفادها أن لا وعينا "عقلنا الباطن" هو الذي يحدد شخصيتنا.
وفي دراسة خاصة بهذا الصدد وِجد بأن هناك العديد الحقائق المختصة بالعقل الباطن منها :-
اولاً/ العقل الباطن يكون مسؤول عن الاحلام، حيث يقوم بجمع المعلومات وتخزينها والتي عبارة عن جميع مواقف الحياة التي نتعرض لها.
ثانياً/ طريقة التفكير، حيث يقوم العقل الباطن بتخزين جميع اراء الفرد وتوجهاته، وبناءاً على هذا يكون التفكير السلبي أو الإيجابي وفق ما يخزنه من اراء.
ثالثاً/ التصرفات العفوية تكون من مهام العقل الباطن.
رابعاً/ العقل الباطن لا ينام ابداً.
خامساً/ يعتبر العلماء أن العقل الباطن عبارة مخزن هائل للذكريات، يتم استرجاع هذه الذكريات عند الحاجة لها، او تعرضنا لسؤال مفاجئ عندها سوف يقوم العقل الواعي، بأسترجاع كافة المعلومات المتوفرة من العقل الباطن بصدد الموضوع.
بالنتيجة مخ الانسان يتكون من قسمان قسم العقل الباطن وهو منطقة تحت الوعي والعقل الظاهر منطقة الوعي، ويعتبر العقل الباطن اشبه برام الحاسوب وهو يمثل ٩٠ بالمئة من المخ، ويكون درجة استخدامه لدى الانسان، مختلفة النسب حسب درجة الاجتهاد، اي كلما قمنا بدراسة وقراءة لموضوع ما مع الإصرار على فهم الموضوع سوف يخزن هذا في العقل الباطن، والسبب في خزنه ان هذا الموضوع ليس من روتين حياتنا اليومية.
ان عملية التي نقوم بها منذ استيقاظنا إلى النوم هي عبارة عن عملية ديناميكية مخزونة بالعقل الظاهر والذي يسمى بمنطقة الوعي وتمثل ١٠ بالمئة، عندما يمر علي تساؤل هو ليس جزء من روتيني اليومي فعنذئد سوف استرجع المعلومات الموجودة والمخزنة بالعقل الباطن لكي اجيب على هذا التساؤل لهذا علينا نحن ان نعمل على استغلال هذه المساحة من العقل الباطني او منطقة تحت الوعي حتى نتمكن من الإجابة على الاسئلة التي تطرح علينا بصورة مفاجئة والتي تكون عادةً غير متوقعة.
برمجة العقل الباطن ليكون مهدوياً يمر بعدة خطوات منها :-
أ. التفكير بايجابية الظهور للإمام الحجة ابن الحسن عليه السلام، وكيف ستكون الحياة عند ظهوره، وهذا ما بشرنا به الرسول (ص) بقوله : أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس، وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا، قال: بالسوية بين الناس
ب. القلب له دور مهم في العقل الباطن أيضاً وهل يوجد حبيب مثل الامام الغائب عج، لهذا علينا ان نجرد قلبنا للامام عج، وان يكون الوجدان له وحده.
ج. الخيال وتكوين صورة ذهنية ايجابية عن دولة الامام الحجة عج، فهي ليست دولة حروب بقدر ما هي دولة عدالة وقسط، فعن امير المؤمنين عليه السلام قوله تفاؤل بالخير تنجح.
د. الابتعاد عن السلبيين والذين لاهم لهم سوى الدنيا، لهذا تجدهم اكثر المتشائمين من موضوع ظهور الامام الغائب عليه السلام، بسبب حالة الرخاء التي يعيشون فيها.
ح. عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله!
أي الجلساء خير؟ قال: من ذكركم بالله رؤيته، وزادكم في علمكم منطقه، و ذكركم بالآخرة عمله، والامر ساري أيضاً على خليفة الله، عليه التقرب من الاصدقاء الذين ترى الحجة عليه السلام فيهم، ورؤيتهم تذكرك بالامام صلوت الله عليه، هم خير صحبة في عصر الظهور الشريف.
خ. العمل على تعزيز العقل الباطن بالروايات الخاصة بالظهور الشريف للامام الحجة عج، وذلك من خلال المثابرة وبالحاح على قراءة الروايات الخاصة بذلك ولاكثر من مرة حتى تترسخ في هذا الجزء من العقل.
https://telegram.me/buratha