حيدر الموسوي ||
تتخذ حركات حديثة التأسيس من رفعها شعار المدنية كبديل عن ادارة الحكم الحالي في العراق، في إشارة الى ايهام الرأي العام بأن الموجودين هم الإسلاميين وقد فشلوا ونحن البديل فانتخبونا ومكنونا من استلام السلطة
في علم السياسة لا وجود لشيء اسمه دولة مدنية كمصطلح
بل توجد العلمانية ولكن الخشية من الناس ان تفسر المصطلح باتجاه أن الحزب العلماني هو ضد الدين والمعتقد ، فهرول الأشخاص الذين يختلفون مع منهج الإسلاميين في الحكم الى إطلاق اسم المدنية والمدنيين
بالأساس عراق ما بعد التاسع من نيسان لم يكن دولة إسلامية إطلاقا لا تسمية الدولة ولا ممارساتها ولا حتى طبيعة الحياة الاجتماعية فيها فضلا عن دستورها المدني الذي فقط فيه فقرة واحدة أنه لا يسن قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية وفي نفس الفقرة أيضا ولا يسن قانون يتعارض مع الديمقراطية بمعنى حرية الفرد والمعتقد مكفولة بالنسبة للحريات الشخصية والمكوناتية
فهل وجدنا مثلا هناك عملية فرض لدين أو مذهب أو معتد معين على كل العراقيين وفي كل المدن؟ الجواب كلا
هل وجدنا حكومات ما بعد التغيير صادرت حرية الأفراد في سلوكياتهم وممارستهم وطبيعة ونمط الحياة التي يرغبون بها كمثال الملبس وإقامة الحفلات والنوادي الليلية وزيادة مخازن المشروبات الكحولية وغيرها؟ الجواب كلا
هل قامت تلك الحكومات بسن قانون يقضي بفرض الحجاب ومنع سماع الأغاني أو غيرها من الأمور الجواب لا
طيب أين هي الدولة الاسلامية التي يعتقد بما يطلقون على أنفسهم المدنيين من ضرورة إزاحة هذه الدولة كونها دولة دينية؟
القصة باختصار أن هذه الحركات الناشئة حتى لا يمكن لها أن تكون علمانية وذلك لان أغلب قياداتها في الخط الأول هم من طائفة معينة وأغلبها تأسست في جغرافية الوسط والجنوب
لا وجود لتمثيل عال المستوى من بقية المكونات في هيكلها فهي ذات لون واحد الى حد ما ومنافستها الحقيقية في محيط جغرافيتها لا اكثر مع الحركات التقليدية الإسلامية مثل الدعوة وبدر والحكمة والمجلس الأعلى وغيرها، لماذا سميت نفسها بالمدنية في محاولة التأثير على الجيل الجديد كونهم من الشباب الذي يبحث عن الانفتاح بل يجنح إلى أبعد من ذاك وهو إنهاء المظاهر الدينية خاصة في المناسبات الدينية، باعتبارهم مدنيين
المدنية الحقيقية هي ليست بالضد من الدين اطلاقا فكيف تكون مدنية ديمقراطية وهي تعمل منذ تأسيسها وفي ادبياتها على اقصاء او الغاء الاخر ؟ اذن هذه ليست سوى مجموعة تشكلت لغرض مستغلة في اخطاء واخفاقات الاحزاب التقليدية فرصة من اجل الوصول للحكم وبالتالي انشاء دولة سلطوية وهي لا علاقة لها بالمدنية او حتى العلمانية المتحضرة في دول اوربا وغيرها
المدنية في العراق ليست سوى كذبة ومجرد وهم لاقناع الشارع الناقم بوجود ثمة بديل يمكن ان ينقذ الاوضاع في البلاد وتقديم ماهو افضل؟ لكن الحقيقة ان هذه الدكاكين الجديدة لن تقدم شيء ان لم يكن مستواها اتعس كما حدث في تجربتهم داخل البرلمان خلال السنوات القليلة الماضية وهذا لا يعني تجربة الاحزاب الدينية كانت ناجحة
فضلا من ملاحظة مهمة واساسية ان عصر الايدلوجيات قد انقرض في العالم المتقدم لا وجود لهذه التسميات
بل يوجد تيارات واحزاب وظيفية تتحدث في حملاتها الانتخابية عن ستراتيجتها في تقديم ما هو افضل للعيش بالنسبة للفرد في دولها وليس عن اخفاقات السابقة لمجرد انهم اسلاميين.
https://telegram.me/buratha