المقالات

كذبة  المدنية في العراق

1077 2023-08-20

 

حيدر الموسوي ||

 

تتخذ حركات حديثة  التأسيس  من  رفعها  شعار المدنية  كبديل  عن  ادارة  الحكم  الحالي في  العراق،  في  إشارة  الى  ايهام  الرأي العام  بأن  الموجودين  هم  الإسلاميين وقد  فشلوا  ونحن  البديل  فانتخبونا ومكنونا  من  استلام السلطة

في  علم  السياسة  لا  وجود  لشيء  اسمه دولة  مدنية كمصطلح

بل  توجد  العلمانية  ولكن  الخشية  من الناس ان  تفسر  المصطلح  باتجاه  أن الحزب العلماني هو   ضد  الدين  والمعتقد  ، فهرول الأشخاص  الذين  يختلفون  مع  منهج الإسلاميين  في  الحكم  الى  إطلاق  اسم المدنية والمدنيين

بالأساس  عراق  ما  بعد  التاسع  من نيسان  لم  يكن  دولة  إسلامية  إطلاقا  لا تسمية  الدولة  ولا  ممارساتها  ولا  حتى طبيعة  الحياة  الاجتماعية  فيها  فضلا عن  دستورها  المدني  الذي  فقط  فيه فقرة  واحدة  أنه  لا  يسن  قانون  يتعارض مع  الشريعة  الإسلامية  وفي  نفس الفقرة  أيضا  ولا  يسن  قانون  يتعارض مع  الديمقراطية  بمعنى  حرية  الفرد والمعتقد  مكفولة  بالنسبة  للحريات الشخصية والمكوناتية

فهل  وجدنا  مثلا  هناك  عملية  فرض  لدين أو  مذهب  أو  معتد  معين  على  كل العراقيين  وفي  كل  المدن؟  الجواب كلا

هل  وجدنا  حكومات  ما  بعد  التغيير صادرت  حرية  الأفراد  في  سلوكياتهم وممارستهم  وطبيعة  ونمط  الحياة  التي يرغبون  بها  كمثال  الملبس  وإقامة الحفلات  والنوادي  الليلية  وزيادة مخازن  المشروبات  الكحولية  وغيرها؟ الجواب كلا

هل  قامت  تلك  الحكومات  بسن  قانون يقضي  بفرض  الحجاب  ومنع  سماع الأغاني  أو  غيرها  من  الأمور  الجواب لا

طيب  أين  هي  الدولة  الاسلامية  التي يعتقد  بما  يطلقون  على  أنفسهم  المدنيين من  ضرورة  إزاحة  هذه  الدولة  كونها دولة دينية؟

القصة  باختصار  أن  هذه  الحركات الناشئة  حتى  لا  يمكن  لها  أن  تكون علمانية  وذلك  لان  أغلب  قياداتها  في الخط  الأول  هم  من  طائفة  معينة وأغلبها  تأسست  في  جغرافية  الوسط والجنوب

لا  وجود  لتمثيل  عال  المستوى  من  بقية المكونات  في  هيكلها  فهي  ذات  لون واحد  الى  حد  ما  ومنافستها  الحقيقية في محيط جغرافيتها لا اكثر  مع الحركات  التقليدية  الإسلامية  مثل الدعوة  وبدر  والحكمة  والمجلس  الأعلى وغيرها،  لماذا  سميت  نفسها  بالمدنية  في محاولة  التأثير  على  الجيل  الجديد كونهم  من  الشباب  الذي  يبحث  عن الانفتاح  بل  يجنح  إلى  أبعد  من  ذاك وهو  إنهاء  المظاهر  الدينية  خاصة  في المناسبات  الدينية،  باعتبارهم مدنيين

المدنية  الحقيقية  هي  ليست  بالضد  من الدين  اطلاقا  فكيف  تكون  مدنية ديمقراطية  وهي  تعمل  منذ  تأسيسها وفي  ادبياتها  على  اقصاء  او  الغاء الاخر ؟  اذن  هذه  ليست  سوى  مجموعة تشكلت  لغرض  مستغلة  في  اخطاء واخفاقات  الاحزاب  التقليدية  فرصة  من اجل  الوصول  للحكم  وبالتالي  انشاء دولة  سلطوية  وهي  لا  علاقة  لها  بالمدنية او  حتى  العلمانية  المتحضرة  في  دول اوربا وغيرها

المدنية  في  العراق  ليست  سوى  كذبة ومجرد  وهم  لاقناع  الشارع  الناقم بوجود  ثمة  بديل  يمكن  ان  ينقذ الاوضاع  في  البلاد  وتقديم  ماهو افضل؟  لكن  الحقيقة  ان  هذه  الدكاكين الجديدة  لن  تقدم  شيء  ان  لم  يكن مستواها  اتعس  كما  حدث  في  تجربتهم داخل  البرلمان  خلال  السنوات  القليلة الماضية  وهذا  لا  يعني  تجربة  الاحزاب الدينية  كانت ناجحة

فضلا  من  ملاحظة  مهمة  واساسية  ان عصر  الايدلوجيات  قد  انقرض  في العالم  المتقدم  لا  وجود  لهذه التسميات

بل  يوجد  تيارات  واحزاب  وظيفية  تتحدث في  حملاتها  الانتخابية  عن  ستراتيجتها في  تقديم  ما  هو  افضل  للعيش  بالنسبة للفرد  في  دولها  وليس  عن  اخفاقات السابقة  لمجرد  انهم  اسلاميين.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك