الدكتور علي زناد كلش البيضاني >||
القراءات الباصرة للموضوعات تنتج لنا دلالات جديدة لا سيما عندما تمتزج معها المناهج الحديثة ، ومن خلال تصفح القرآن والتاريخ تنبلج أمامنا مقاربات عدّة ومنها ما نود ذكره بين النبي يوسف (ع) والسيدة نرجس أم الإمام المهدي (عج) ومن هذه المقاربات :
أولاً : بدأت قصة يوسف ع برؤية رآها وكانت محور حياته فيما بعد " إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ " ، كذلك نجد إن الذي غيّر مسار حياة السيدة نرجس ( رض ) الرؤية التي رأتها في المنام من خطبة النبي محمد ( ص وآله ) لها من شمعون وصي النبي عيسى (ع) وكان النبي عيسى (ع) الشاهد على ذلك ، وكذلك الرؤية التي دعتها للمجيء إلى سامراء للزواج بالإمام العسكري (ع) والذي يريد مراجعة ذلك فليطالع المصادر: الشيخ الصدوق ، كمال الدين وتمام النعمة ص421 ؛ الطوسي ، الغيبة ؛ المجلسي ، بحار الأنوار ج51 ، ص5 .
ثانياً : كما عمل يوسف ع عملاً أو مكيدة لإخوته حتى يلقى أباه يعقوب ع من خلال وضع صواع الملك في رحل اخيه بنيامين " قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ " ، كذلك تنكرت السيدة نرجس ( رض ) بزي الخدم وخرجت مع عدّة من الوصائف ، وتذرعت بحجة مداواة الجرحى في الجيش الرومي حتى يتسنى لها الخروج مع الجيش ليكون الهدف الأخير اللقاء بالإمام العسكري (ع) طبقاً لما جاءها في الرؤية والتخطيط لكيفية الوصول للإمام (ع) من خلال إلقاء نفسها طوعاً في الأسر عند الجيش الإسلامي ، إذن الجامع بين يوسف ع والسيدة نرجس (رض) هو اللقاء فالأول أراد أباه والثاني أراد الإمام ع باختلاف الوسائل والطرق الموصلة لهما ، ومن يريد المراجعة لهذه الحادثة فليراجع كتاب يوم الخلاص في ظل القائم المهدي عليه السلام للمؤلف كامل سليمان ، ص88 .
ثالثاً : تدخلت يد الغيب والعناية الإلهية في إنقاذ والحفاظ على يوسف ع وهو في الجب عندما ألقى به اخوته وكاد أن ينتهي أمره للأبد ولم يبقى له ذكر " فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " ، كذلك تدخلت يد الغيب عبر مشهد اعجازي رهيب عندما اجهض مخطط بشري حاول فيه قيصر الروم تزويج السيدة نرجس (رض) من ابن أخيه ومعنى ذلك إنهاء لذكرها وعدم تمكنها من الاقتران بالإمام العسكري (ع) لكن ( تساقطت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض وتقوضت الأعمدة فانهارت إلى القرار وخر الصاعد ـ ابن أخيه ـ من العرش مغشيا عليه ).
رابعاً : كما هاجر النبي يوسف (ع) وانتقل مكانياً من ارض كنعان إلى مصر ، هاجرت السيدة نرجس ( رض ) وانتقلت مكانياً من ارض الروم إلى سامراء حيث مكان الإمام العسكري (ع) .
خامساً : كما باع اخوة يوسف ع ليكون عبداً ، بيعت السيدة نرجس (رض) في سوق النخاسين على جسر الصراة لتكون جارية .
سادساً : كما وضع يوسف (ع) في السجن لفترة طويلة ، وضعت السيدة نرجس (رض) لفترة طويلة تحت الإقامة الجبرية بعد وفاة الإمام العسكري (ع) عند الطاغية المعتمد العباسي ومن بعده المعتضد العباسي.
سابعاً : ساد يوسف ع واصبح عزيز مصر بعد معاناة ، سادت السيدة نرجس ( رض ) بعد معاناة واصبحت زوجة لأشرف مخلوق في زمانه وهو الإمام العسكري (ع) وأم لمنقذ البشرية وهو الإمام المهدي (عج ) .
ثامناً : كما كان يوسف ع حلقة وصل بين ديانتين ( التوحيد في كنعان و الوثنية في مصر ) كانت السيدة نرجس ( رض ) حلقة وصل بين ديانتين ( المسيحية في بلاد الروم لأنها ابنة يشوعا ابن قيصر الروم من جهة الأب وحفيدة الحواريين من جانب الأم وبين والإسلام في سامراء ) .
https://telegram.me/buratha