المقالات

درس البصيرة من عاشوراء: فهم الحقائق وراء الأحداث


 

 

سلام الطيار ||

 

تحمل أحداث عاشوراء دروسًا عميقة تتجاوز سياقها التاريخي. من هذه الدروس الهامة، درس البصيرة، والذي يعني القدرة على فهم الحقائق العميقة وراء الأحداث الظاهرة. في العام 61 هـ، نظرًا لعدم توفر البصيرة، شاهد الكثيرون المواجهة بين الإمام الحسين (عليه السلام) وجيش يزيد (عليه اللّعنة) على أنها صراع بين فصيلين يتنافسان على السلطة - بيت هاشم وبيت أمية. هذه النظرة الضيقة قلّلت من أهمية الأحداث، حيث تم رؤية المواجهة على أنها مجرد خلاف سياسي، مما أخفى الصراع الجوهري بين الحق والباطل.

في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، وبينما كان الأغلبية تفتقر إلى الوضوح لرؤية الآثار الأبعد، اعتُبرت الصراع نزاعًا سياسيًّا ومعركة للنفوذ والسلطة بدلاً من التعرف إلى جوهره: وقوفًا مبدئيًا ضد الظلم والتمسك بالعدالة. عبارة "مالنا والدخول بين السلاطين" تجسد هذه النظرة، وتعكس الموقف البعيد عن الصراع ورفضهم التورط في الشؤون السياسية.

عدم التمتع بالبصيرة هو عيب إنساني شائع عبر التاريخ، حيث يعمل على إعاقة الفهم للحقائق المعنوية والأخلاقية ويقتصر على الديناميات السطحية للقوى. يؤكد درس عاشوراء على ضرورة تجاوز هذا الرؤية المحدودة والسعي لاكتشاف الحقائق العميقة وراء الأحداث. البصيرة هي المفتاح لاستشفاف الصراع بين الحق والباطل، وبين العدالة والظلم، وبين الحقيقة والزيف.

من خلال ترسيخ درس البصيرة من عاشوراء في وجداننا، يمكننا أن نسعى لرؤية ما وراء السطح في الأحداث والتعرف على الحقائق المعنوية والأخلاقية التي تشكل مجرى التاريخ. الصراع بين الإمام الحسين وجيش يزيد لم يكن مجرد صراع سياسي، بل كان صراعًا دائمًا بين قوى الخير والشر، يجسد قيمًا تتراصّ عبر الأجيال.

في حياتنا، يحثنا هذا الدرس على تطوير قدرتنا على الإدراك، وتساءل عن الافتراضات، والسعي لاكتشاف الحقائق الكامنة التي توجِّه أفعالنا. من خلال عيون البصيرة، يمكننا التفوق على تفاهات السلطة والسياسة وفهم الدلالات الأعمق للأحداث - دلالات ترنم عبر الزمن وتُعدّ مصدرَ توجيه وإلهام لمن يسعى لسلوك طريق العدالة والاستقامة.

في الختام، تعلّمنا قصة عاشوراء أن البصيرة ليست مقتصرة على الماضي، بل هي ثروة قيمة تمكننا من رؤية ما وراء السطح وفهم جوهر الأحداث الحقيقي. من خلال الاستفادة من العبرة المستمدة من نقص البصيرة في التاريخ، يمكننا السعي لبناء بصيرتنا الخاصة واستشفاف الحقائق العميقة التي تشكل عالمنا.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك