بقلم: علي السراي
العراق … وما أدراك…
يقيناً أن من يقف جانباً ويتأمل مسير الاحداث المصيرية العاصفة التي كانت ومازالت تعصف بالمنطقة والعالم يُدرك أن هذا البلد إستثنائي بكل مراحله ومنعطفاته وأحداثه منذ أن وجدَ على الخريطة ولحد اللحظة ، فلم يهدأ يوماً، ولم يهنأ شعبه بفترة من الراحة أو يحضى برغد العيش شأنه شأن بقية البلدان ، بل كان ومازال مركزاً مهماً للأحداث التي غيرت وتغير وجه المنطقة أو سبباً رئيسياً فيها ، فتارة يتقولب شعبهُ مع تلك الاحداث وينصهر فيها، وأخرى تراه سهلاً ممتنعاً، وبين ذي وذا مَرَّ ومايزال بمراحل عصيبة وامتحانات ومخاضات وبلاءات وتحديات مصيرية لو مَرَّ بها شعب أخر لما بقي له وجود، وكأن الله تعالى يعدُ هذا البلد لإن يكون قطباً محورياً لحدث عظيم سيغير به وجه المعمورة، حدثاً لن يستطيع أي شعب غيره أن يكون مهيئاً ومؤهلاً لإحتضانه إلا الشعب الذي تم تمحيصه وإختباره وفق المعادلات الالهية، شريطة أن يكون قد نجح في كل تلك التحديات وتحمل كل النوائب والمحن وخاصة تلك التي تخص عقيدته في الصميم، وهي ولاءه لمحمد وآل محمد (( صلوات ربي عليهم أجمعين)) ، لقد حورب هذا الشعب وعلى مدى العصور والحِقب من قِبَل الحُكام الظالمين الذين استقتلوا من أجل سلخ هويتهِ وإنتمائه لمحمد وآل ومحمد (( صل الله عليه وآله )) ولم يألوا جهداً في ارتكاب أبشع الجرائم بحقه، بل وتفننوا في التنكيل به، فمن قطع الايادي وتسميل الأعيُن إلى حفلات القتل والذبح والتهجير والملاحقات والمطاردات مروراً بالسجون والمعتقلات فأحواض التيزاب والحروب العبثية و و و ،حتى ضجت الأرض وعجّت بالمقابر الجماعية ، لكنهم فشلوا في كل ذلك و بقي هذا الشعب على عهده وبيعته متمسكاً بعقيدتهِ الحقة النقية التي أصبحت هويته الثابتة، وما أن أكبَ الله طاغية العراق المقبور صدام لعنه الله على منخريه في جهنم وبئس المصير، حتى عاد الشعب كأنَّما أُنشِطَ من عِقالٍ فشمر عن ساعديه ويممَ البوصلة من جديد نحو أئمته وقادته فأبدع فيما فعل واصبح حديث العالم بتلك الجموع المليونية الزاحفة المجددة بيعتها وولائها لإمامِها الحسين ( عليه السلام ) باذلاً الغالي والنفيس في ملحمة العطاء والعشق الحسيني هذه… ويقيناً واهمٌ من يقول أن مايجري هو أمر طبيعي لا دخل للسماء ورب السماء فيه، فالأربعين هي طوفان وإعصار يُطيح بكل مؤامرات الغدر والحقد الصفراء ومخططات الاعداء لإبعاد الامة عن أهدافها السامية، وهي ثورة تجديد وتمهيد وتهيئة وإستعداد لإستقبال قائد عظيم والتخندق تحت رايته والقتال بين يديه، إذاً فهذا الزحف المليوني بحد ذاته هو استنهاضٌ للامة، وشحذٌ لهممِ أبنائها، وتثوير لكل عناصر القوة والمِنعة فيها، فمسؤولية القيام المهدوي الملقى على عاتق هذا الشعب من العظمة بمكان لكفيلة بتغيير كل موازين الارض والقضاء على الظلم فيها، وهذا لن يتأتى إلا عن استعداد تام وجهوزية كاملة وذوبان في الهدف المنشود كي تكون مؤهلة للتحرك تحت قيادة مهدي آل محمد ( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء) ذلك الذي إدخره الله لإقامة دولة العدل الإلهي،
إذاً فالاربعين هي البيعة الكبرى لتمهيد القيام المهدوي المقدس وهي نهضة ودعوة ونداء للإعداد والاستعداد والتهيؤ وكل حسب موقعه، فمن يراقب الاحداث العالمية اليوم وتسارع خُطى وتيرتها يوقن بإننا في سباق مع الزمن، ويجب علينا ترتيب أوضاعنا كي نكون مهيئين لذلك اليوم الذي يعصف به الله بألِهَةَ الظلم والاستكبار والاستبداد من على مسرح الحياة إيذاناً ببدأ عصر جديد تكون فيه الحاكمية له وحده جلّ وعلا.
ولا يظن أحدكم أن ما نتحدث عنه بعيدُ المنال….
وما أدراك ؟ لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا…
اللهُم عَجّل لوليك الفرج والمُكنة والنصر وإجعلنا من أنصارهِ وأعوانه والمستشهدين بين يديه
اللهم ولا تستبدلنا بغيرنا
فذلك هو الخسران المبين…
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا
والحمد لله رب العالمين…
https://telegram.me/buratha