انتصار الماهود ||
تعرفون الشرق الاوسط وتعرفون بالطبع بلادي العراق هو جزء منه من تلك البقعة المباركة والملعونة بنفس الوقت، فهي مباركة بما تمتلكه من ثروات و موقع مهم وملعونة ايضا لذات السبب، لأنها أصبحت مطمعا لكل المتكالبين على مصالحهم وفرض نفوذهم، من قبل الدول العظمى، لم يكن يوما من السهل أن تعيش كمواطن عربي شرق أوسطي دون أن يمر بلدك بصراعات ونزاعات وحروب مفتعلة، بسبب الثروات التي يمتلكها وفي مقدمتها النفط طبعا، الذهب الأسود وقود العالم الجديد والمحرك الأكبر للإقتصاد في العالم، تلك الصراعات التي تكون أنت وقودها والمتضرر الأكبر منها، فمنذ مطلع القرن العشرين والانظار توجهت نحو الشرق الاوسط للسيطرة عليه، وعلى مقدراته من قبل الدول الغربية الإستعمارية بسبب ضعف حكامه وجهلهم.
بمرور الزمن تغيرت خطط السيطرة تلك حسب الظروف والمتغيرات على الساحة الدولية من إحتلال إلى إنتداب حتى عقد المعاهدات سواء كانت ( أمنية، إقتصادية، سياسية)، بل وصلت حتى لإقامة قواعد عسكرية في المنطقة بحجة حماية تلك الدول لكن الغاية منها بالطبع هو إحكام السطرة عليها، ولا يخفى على الكثيرين الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في المنطقة عامة و العراق بشكل خاص، بعد عام 2003 حيت تم اسقاط نظام الحكم البعثي، حيث استثمرت الولايات المتحدة أحداث إسقاط هذا النظام لتغرز أوتادها في البلاد مثله مثل باقي دول الخليج العربي للسيطرة عليه، حيث أسرعت لعقد إتفاقيات عسكرية وامنية وإتخاذ قواعد عسكرية لها، توزعت على 9 مواقع متفرقة في البلاد، ونشرت جنودها بحجة حماية النظام الديمقراطي الجديد حسب إدعاءها، وقد تم إغلاق 7 من هذه القواعد بعد عام 2011 بعد الإتفاقية الأمنية الموقعة بين الجانبين العراقي والأمريكي والتي تنص على بقاء قوات إستشارية تدريبية هدفها تدريب القوات العراقية، والتي كانت بحدود (2500_3000)جندي أمريكي متمركزين في قاعدة الحرير في أربيل، وقاعدة عين الاسد في الأنبار والتي لم تسلم عين تلك القاعدة من عمليات المقاومة الشيعية بعد العام 2020، عقب إغتيال قادة النصر رضوان الله عليهم، إضافة لتواجدهم المكثف في السفارة الأمريكية في قلب العاصمة بغداد، وبقي الحال من عام 2011 وحتى اجتياح داعش للبلاد عام 2014 حيث أعطى هذا الإجتياح الحجة للأمريكان لإعادة نشر قواتها من جديد وبأعداد أكبر من ذي قبل لمواجهة خطر الإرهاب كما يدعون، إن التحكم بوجود هذه القوات وعددها مرهون بالقرارات التي يتخذها البيت الأبيض، فلا سلطان للحكومات العراقية المتعاقبة لإخراج تلك القوات بشكل نهائي من العراق رغم المطالبات الشعبية والنيابية من أجل حسم ملف تواجد القوات الأجنبية وبشكل نهائي من البلاد، حتى وإن كانت مهامها تدريبية فقط لإنتفاء الحاجة منها، فالعراق اليوم يمتلك قوات أمنية وحشد شعبي كان لهم الدور الاول والاوحد في تحرير أرضنا من دنس داعش ولن يحتاج لقوات اجنبية لتدريبه، إلا إن المطالبات الشعبية والنيابية لم ولن تعجب صانع القرار الأمريكي فهذا سيؤدي إلى فقدانه لقاعدة مهمة من قواعد نفوذه في الشرق الأوسط وتضعف سطوته ، لذلك نرى من يتحكم بالقرار الأمريكي يتلاعب بين الحين والآخر بالمشهد السياسي الداخلي للعراق، من خلال إثارة البلبلة و إفتعال أحداث عنف تؤدي لعدم إستقرار الوضع الأمني لكي يكون لهم سبب قوي بإبقاء قواتهم، لا نتخلف أبداً حين نذكر أن القوات الأمريكية محتلة واجب إخراجها من أرضنا، وهنالك قنوات رسمية تتبعها الحكومات العراقية، من أجل الإسراع بإخراجهم وأخرى غير رسمية تتبعها فصائل المقاومة الشيعية، من أجل الضغط على قوات الاحتلال للمغادرة، وكثير ما نشاهد ما تتكبده أرتال تلك القوات من خسائر عبر إستهداف أرتالهم بين الحين والآخر، وهي ورقة ضغط مهمة جداً لا يستطيع أحد التحكم بها إلا من خلال تفعيل دور الوحش الأمريكي النائم، نعم (داعش)، ذلك الوحش الذي إصطنعته أمريكا من أجل تنفيذ مخططاتها وأجندتها في المنطقة لفرض السيطرة الكاملة، وما الأحداث الأخيرة في غرب العراق وشرق سوريا، من إعادة انتشار وتبديل للقوات الأمريكية إلا بدافع عودة نشاط داعش في شرق سوريا، وهذا يتطلب منها إعادة نشر قواتها وتعزيزها بقوات إضافية من قاعدة الكويت، بالذات لو علمنا إن تلك المنطقة من الحدود المشتركة، بين العراق وسوريا تحرسها فصائل الحشد الشعبي والذي يعارض وجوده الجانب الأمريكي وبشدة، فهل يا ترى سيكون للحكومة العراقية القول الفيصل من أجل تحجيم دور هذه القوات الدخيلة أم سيبقى الصمت سيد الموقف وسط صولات وجولات هذه القوات على أرض وطني؟؟؟
وبقت يم الله
https://telegram.me/buratha