المقالات

الخطباء والنهضة الحسينية..


الشيخ الدكتور خيرالدين الهادي ||

 

قال تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)) الأحزاب 70.

التبليغ وظيفة سامية انبرى لها أشرف خلق الله وأكملهم, ولاسيَّما الأنبياء والأولياء, والله تعالى أوجب على رُسله هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذنه, وفي تخصيص هذا الأمر بوجوبه على بعض خلقه يؤكد أن التبليغ ليس بمقدور الجميع ففاقد الشيء لا يعطيه, ومن المشهور أنّ صلاح الأمم بدأ بالاستماع والتعقُل وإحكام المسائل بما ينسجم مع خصوصية كل منها؛ ليكون الجميع في مأمنٍ من الضياع والتشتيت, وهذا يدعو إلى احترام التخصص وإعطاء كل ذي حق حقه, وفسح المجال أمامه ليمنح عطاياه المكتسبة فيتشارك الجميع في النجاح المأمول.

ولمَّا كانت المنصات الخطابية مؤثرة بشكل عام وفي المجتمعات الشرقية بشكل أخص؛ كان لزامًا على الخطيب أن يحسن إلى مجلسه؛ لأن من حق المستمع على المتكلم أن لا يخدعه, وأن يكون واضحًا معه وصريحًا, يعمد على تشخيص الموضوعات بواقعية فلا يزيد عليها ما لا يكون فيها ولا يجعلها ناقصة فيكون قد أضرَّ بها, والكلمات على صغرها إلَّا أنها تقلب الموازين وتغيّر الاتجاهات وتعمِّر أو تخرِّب؛ لذلك قيل المتلقي عبد المتكلم وعلى المتكلم رعاية حسن الاستعمال وملاحظة البيئة في النقل والتصريح.

ومن هنا فإن الأمر يزداد خصوصية حينما يتعلق الخطاب بالدين والرسالة وعلى الخطيب أن يكون حاذقًا في سرد الموضوعات ملتفتًا إلى حجم المسؤولية في نقل الأحكام والصور التي ستؤثر على حركة البناء الفكري والعقدي والفقهي والأخلاقي وغير ذلك مما أهمَّ الناس في شؤونهم الدنيوية والأخروية , والمبلّغ بذلك يكون مسؤولًا أمام الله تعالى عن تبليغاته التي هي في الأصل وظيفة الأشراف, ولا يخفى أنَّ في التاريخ المعاصر على الرغم من حجم التحديات التي عصفت بالبلاد والعباد شخصيات حملوا لواء التبليغ فأحسنوا تدبيره ؛ بل استحسن خطابهم كثيرًا من أولئك الذين كانوا يخالفونهم فكريًا كمثل الشيخ الدكتور أحمد الوائلي (رحمه الله تعالى) الذي عُدَّ عميدًا للمنبر الحُسيني المعاصر بأسلوبه الواقعي وطرحه المناسب والمنسجم مع الموضوعات التي كان يفاتشها وينقلها.

إنَّ مسيرة الخطابة والخطاب الديني اليوم باتت مسؤولية كبيرة؛ لأن بعض الخطباء لم يصمد في وجه التحديات المعاصرة, ولعله يريد أن ينفع القضية فيضرها؛ إذ ثبت عند ملاحظة سلوكيات وخطابات بعضهم أنهم مالوا إلى ترغيب الجمهور بالخرافة والدجل ومحاولة إسكاب دمعتهم بتزييف الحقائق وبعض النقول التي لا تمتُّ إلى الموضوع بصلة وهذا يلزم التوبة والرجوع إلى الحق فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل, ولا يليق بالمؤمن صناعة بعض الأخبار والأوهام من أجل استمالة الجماهير أو ترغيبهم على حساب توهين الشعائر وإخراجها عن بعدها القيمي والمبادئ التي سارت عليها لعقود من الزمن وهي صامدة عبر الالتزام بالنصوص التي جاءت في أخبار المعصومين ووصاياهم ونقولهم الثابتة التي صوّرت الأحداث وأكّدت الوقائع بما يتناسب مع شموخ الإسلام وعزة رجاله.  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك