المقالات

الإعلام والنهضة الحسينية


 

الشيخ الدكتور خيرالدين الهادي ||

 

قوله تعالى: ((نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) 49 الحجر.

يمثّل الإعلام بُعدًا كبيرًا ضمن الأبعاد التوجيهية في الخطاب القرآني؛ إذ أكّد القرآن في خطاباته المتكررة بألفاظ متعددة عن التبليغ والإعلام والإنباء بصيغ مؤثرة سايرت أحداث القرون الماضية وواكبت كل جديدٍ من المسائل التي من شأنها أنْ تكون مادة إعلامية مؤثرة على الفرد والمجتمع ولاسيَّما في ظلِّ هذه القنوات التواصلية المعاصرة التي بيَّنت البعد القيمي للأخبار والإعلام والسبق في توريد ونقل الحدث الذي يمكنه تغيير الساكن وبناء الحركة بالشكل الذي يتفنن الإعلامي بتصوير الأحداث عرضًا أو حجبًا أو تكرارًا.

ومن اللافت أنّ الإسلام كمنظومة قيميّة متكاملة حرص على اتِّخاذ الوسائل المشروعة في الوصول إلى الغايات النبيلة, فليس من الأخلاق الإسلامية التسلق في الوصول إلى الأهداف المشروعة عن طريق الخداع أو تزييف الحقائق أو تغييرها بقصد التأثير على الأفراد أو الجماعات؛ لذلك فقد ركّز الإسلام منذ نشأته على الدعوة إلى الله تعالى بالوسائل الإعلامية التي توافق الحقيقة وتلتزم المصداقية, فكانت مؤثرة على النُخب الإيمانية التي اتسمت بطهارة المولد وحسن السيرة؛ ليصل الفكر الإسلامي إلى أقصى حدود الدنيا بخطوط مختلفة يتميز فيها الإسلام المحمدي عن غيره ممن تلبّس بالإسلام وليس له منه إلّا الاسم والإسلام منه بريء براءة الذئب من دم يوسف (عليه السلام).

إنَّ الإعلام اليوم بات يشكلُ خطرًا كبيرًا على الساحة الدَّولية بعد أنْ ترك وظيفته الأساسية في نقل الصورة والحدث بشكل واقعي يمثل الحقيقة إلى أنْ صار أداة للخدعة والتّزييف والتحريف بقصد أو بغير قصدٍ من دون رعاية المسؤولية الشرعية في الاعتماد على الوسائل المشروعة والوصول إلى الغايات النبيلة؛ إذ أصبح همُّ الإعلام السبق والوصول إلى أكبر قدرٍ من الجماهير للترويج لبعض المنصات أو القنوات بفبركة الأخبار وتشويه الحقائق كما في أغلب القنوات المتصدِّرة اليوم في الساحة الإعلامية وقد علِم الجميع بعدم مصداقيتها وتحريفها للواقع لأنَّها انساقت إلى إرادات خارجية تعمل على تخريب البلاد والعباد بما يتيسر لها من القدرات.

ولمَّا كان الإعلام مادة جميع الأحداث ولا سيَّما التاريخية كان لابدَّ من التّحري في النقل والتصريح, وهذا يتأكد في التعامل مع الأحداث والوقائع التي شاركها المعصوم (عليه السلام), فكلُ زيادة أو نقيصة في إعلان الخبر أو تصوير حادث يتعلق بالمعصومين (عليهم السلام) يترتب عليه حكم شرعيٌّ؛ إذ يمثل المعصوم (عليه السلام) حق الله تعالى وحق رسوله (صلى اله عليه وآله)؛ لذلك ينبغي الحذر في التعامل مع النقول التي تؤكّد مسيرة نهضة الحسين (عليه السلام) في ملحمة كربلاء الخالدة, والتركيز على المصادر الموثوقة في بيان الأحداث وتصويرها فهي تعكس مقامات المعصومين (عليهم السلام), ولا يليق بهم وبنهضتهم الاستسلام والانكسار؛ بل ينبغي التأكيد على المواقف الأبية, والشموخ الحُسيني الذي رافق جميع المحطات ضمن مسيرة العشق والولاء لله تعالى سواء قبل شهادته (عليه السلام) أم بعدها؛ إذ شايعت زينبُ (عليها السلام) حسينًا (عليه السلام) في المسيرة وأداء التكليف بنقل الصورة والأحداث بما يتناسب مع أهميَّة الموضوع ويضمن السلامة الفكرية لمستقبلي الأخبار ويحافظ على هيبة أصحاب النهضة وحفظ مقاماتهم الشامخة.    

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك