المقالات

يوم عاشوراء .. خيام أحترقت .. وخيام أنطلقت  !! 


 قاسم سلمان العبودي ||

 

الكتابة عن عاشوراء الحسين ليس بالأمر السهل  . فأن تأريخ الواقعة الموغلة بالقدم قد أشبعها رجال المذهب  بحثاً وتنقيباً ونقلاً . نعم ربما لم تنقل الوقائع كما هي ، من حيث الزيادة أو النقصان  ، لكن المعلوم أن عاشوراء الحسين هي التي بين أيدينا اليوم . 

أن أِقدام الإمام الحسين عليه السلام الى كربلاء ليس أنتحاراً جماعياً كما يحاول البعض تمريره للأمة . ولم يكن مشروع صراع سياسي بين عائلتين أو قبيلتين كما توهم المستشرقون الذين كتبوا عن الواقعة الأليمة بأنها حرب زعامات ، أطلاقا . المعركة كانت بين جبهة حق وجبهة باطل من أجل أصلاح النظام الأسلامي الذي تفرد به أناس لم يكونوا في يوماً ما من المؤمنين بالخط الرسالي الذي جاء به خاتم الانبياء . بل أفراد ساقتهم  الصدف ليكونوا زعماء وأمراء متسلطين على رقاب الناس . فكانت كربلاء المعادلة التي أعادت للأمة كرامتها التي هدرت في قصور بني أمية وبنو العباس ومن لف لفهم .

اليوم بقراءة بسيطة لواقعة كربلاء ، أي بعد مضي أكثر من  ألف وثلمائة مائة وخمسة وثمانون سنة وأعادة لقراءة التأريخ  نسأل أنفسنا ، ما الذي جنتهُ الأمة الاسلامية من تلك الواقعة الخالدة ؟ وهل حولت الشعوب الاسلامية تلك الملحمة الفريدة الى ركيزة اساسية للعمل الثوري التغييري ؟ وهل كان المشروع الحسيني الكبير ، منعطفاً في حياة الشعوب التي كانت تحت استبداد الأنظمة الشمولية  ولا زالت ؟ وهل أن صراع الحضارات مع الغرب أتخذ من ثورة عاشوراء عنواناً لذلك الصراع ؟ 

للأسف الشديد أن الإعلام الاموي الأصفر  شتت ذهنية الرأي العام الاسلامي عبر قيادة العقل الجمعي في أكبر عملية تضليل أعلامي جماهيري منذ الواقعة الى يومنا هذا . لكن هذا لا يعني عدم وجود ثلة مؤمنة أستلمت رسالة عاشوراء الإلهية وصيرتها ثورة تغييرية حقيقية طالت اعنان السماء علواً وارتفاعا .  نقولها و بضرس قاطع أن الأمة الاسلامية الايرانية هي الأمة الوحيدة من تلك الأمم الإسلامية التي ترجمة ملحمة الطف الحسيني الى واقع عملي معاش يتصل بكربلاء بشكلٍ مباشر . فقد اسقط الشعب الايراني نظام الشاه العميل المستبد تحت شعار كربلاء الحسين . فكانت ثورة مستمدة روحها من أرض كربلاء . وقد صرح قائد الثورة الاسلامية الايرانية بأن ، كل ما لدينا من عاشوراء .

المتتبع لمسار الثورة الإسلامية الايرانية يجد أن التمسك الكبير بعاشوراء الحسين عليه السلام ترك أثره في السياسة الإسلامية التي غيرت مسار التعاطي السياسي الدولي مع الأمة الاسلامية عموماً  ، والايرانية على وجه الخصوص . بأسم الحسين وعاشوراء أسست خندق المقاومة الاسلامية الذي غير الخارطة السياسية في منطقة الشرق الاوسط وغرب آسيا . فلم تعد الولايات المتحدة القطب الأوحد  في العالم  . ولم تعد ( إسرائيل ) القوة التي تبطش بأبناء فلسطين وقت تشاء وكيفما تشاء . لقد فرض النظام الإسلامي  ساحات اشتباك مع العدو الصهيوني بأثر حسيني ، قلب الطاولة على الهيمنة الغربية التي تصنف المسلمين على أنهم أمة متخلفة ولا يرتجى منها سوى  الطاعة  العمياء للاستكبار العالمي  .

من مشاهد العز والفخر العاشورائي  ، وفي يوم العاشر من محرم الماضي  سنة 1444 للهجرة ، وفي وقت حرق الخيام الحسينية في ظهيرة ذلك اليوم الحزين من عام 61 للهجرة ، أطلقت الجمهورية الاسلامية الايرانية قمرها الاصطناعي المسمى خيام ، تيمناً بخيام الحسين التي أُحرقت في ذلك اليوم قلوب المؤمنين بثوابت الحسين ونهضته الإصلاحية  ، فجاء الرد على حرق الخيام بانطلاق القمر الصناعي خيام . فما ابلغهُ من رد حسيني عظيم  ، وأستلهام كبير للرسالة الحسينية( خيام أحترقت .. وخيام أنطلقت ) 

أقول ، ونحن نعيش ذكرى شهادة أبا الأحرار الحسين عليه السلام ، علينا الرجوع الى ملحمة الطف الخالدة لنستنهض فينا ثوابت تلك الواقعة وتحويلها الى واقع جديد يتقاطع مع الهيمنة الغربية التي تنتهج سياسة الإذلال للأمة الاسلامية . ونرى أن أخراج المحتل الامريكي من عراق الحسين أفضل مصداق للتمسك بالثوابت الحسينية  التي ضحى من أجلها أبا عبد الله  ، وتفعيل قرار البرلمان العراقي السابق بإخراج القوات الاجنبية  والاميركية .   كما إننا نرى إصدار قانون عراقي تحت قبة البرلمان يجرم ( الجندر ) والنوع الاجتماعي الذي يروج له الغرب لطمس الهوية الاسلامية ويفسد الاسرة المسلمة تحت تلك العناويين التي ظاهرها أقبح من باطنها . على الأمة اليوم النظر بعين البصيرة لا البصر ، الى ملحمة الطف وتتبع بوصلتها وبناء هويتها الإسلامية وفق الضوابط والمعايير الحسينية التي وضعها أبا الأحرار يوم عاشوراء  .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك