علي هاشم الركابي ||
ج/
ان حرمة الغناء تكاد تكون من الضروريات الدينية الواضحة، لوضوح وكثرة وتواتر أدلتها، لذلك فإن إنكار حرمة الغناء قد يستلزم الخروج من الدين إذا أدى لتكذيب النبي وانكار ما جاء به.
وأرجو الإلتفات جيداً لهذه النقطة، فنحن لا نقول أن من يستمع الغناء كافراً، بل نقول أن منكر حرمة الغناء يكون كافراً اذا كان إنكاره يؤدي لإنكار وتكذيب النبي.
ورغم أن أدلة الحكم الشرعي ليس هذا محلها، وليس من الصحيح أن يسأل المكلف غير المختص عن دليل حكم شرعي، الا أننا سنذكر هنا بعض الأدلة لكون المسألة من الواضحات في الشريعة وليس فيها خلاف بين العلماء، ورغم ذلك يحاول بعض الجهلة إنكارها وإدعاء أن حرمة الغناء لا دليل عليها!
وأدلة حرمة الغناء كثيرة جداً، نذكر منها:
1- الإجماع:
فقد أجمع جميع المسلمين على مختلف طوائفهم على حرمة الغناء، وقد انعقدت على ذلك سيرة المشرعة، ومما لا شك فيه أن هذه السيرة قد تلقتها المتشرعة من الأئمة المعصومين سلام الله عليهم.
2- القران الكريم:
فقد دلت الكثير من الآيات القرانية المفسرة على حرمة الغناء، مثل " وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ" وغيرها من الآيات الشريفة، كما سيتبين في النقطة الآتية.
3- الروايات الشريفة:
قد تواترت الروايات في كتب الفريقين على حرمة الغناء بشكل واضح وصريح، مما لا يدع مجالاً لأحد للشك والتأول عليها، وسننقل أدناه قسماً من هذه الروايات:
- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله الملك.
- وبالاسناد عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد جميعا، عن النضر بن سويد، عن درست، عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل: " واجتنبوا قول الزور " قال: قول الزور: الغناء.
- وعن أبي علي الأشعري، عن محمد بن الجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب الخراز، عن محمد بن مسلم، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: " لا يشهدون
الزور " قال: الغناء.
- وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الغناء مما وعد الله عليه النار، وتلا هذه الآية: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين).
- وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: الغناء مما قال الله عز وجل: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).
- وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " قال: الغناء.
- عن رسول الله (ص): يحشر صاحب الغناء من قبره أعمى وأخرس وأبكم.
وسائل الشيعة 17/303 وما بعدها.
من كل ما تقدم من الروايات، اضافة للدليلين الثاني والأول، يتضح أن حرمة الغناء هي من البديهيات في الإسلام، وليس بوسع مسلم إنكارها مهما كان مذهبه وتوجهه، الا اذا كذب بالدين الإسلامي بأكمله.
https://telegram.me/buratha