المقالات

الإنسان وثنائية الخوف والظلم! ..


ا.د جهاد كاظم العكيلي ||

 

مشكلات الشعوب مُتعددة ومختلفة، وكثير من هذه المشكلات تتحول إلى ظاهرة واضحة ثم تتسع مع مرور الزمن، وذلك  لظروف الإجتماعية او النفسية السائدة عند الناس، وهذا ما يؤثر على حياتهم وطبيعة تعاملهم في المجتمع، وقد تؤدي هذه الظاهرة إلى فقدان الإنسان لحقوقه ومنها حق تمتعه بحياة كريمة .. 

وحين الاطلاع على سِير الأمم والشعوب، تجد أن ظاهرة الخوف مألوفة عند الجميع وينشأ منها الظلم وهيمنة الحاكم على أحوال البشر ومصائرهم، غير أن ظاهرة الخوف هذه نسبية في تفاوتها  وشدة التأثير، فبقدر ما تجد حاكم يتحمل المسؤولية بأمانة وشرف والخوف من الله، تجد بالمُقابل حاكم ظالم يستغل السلطة من خلال فرض سطوته على رقاب الناس،ومن ثم جعلهم  يعيشون ضنكا في الحياة .. 

فالخوف إذن ظاهرة مُتلازمة عند الأنسان حتى منذ الصغر لكن نحن هنا بصدد ما يرتبط بحق الإنسان في العيش بكرامة ضمن حقوقه المُكتسبة في إطار نظام إجتماعي وسياسي يحكم البلاد والعباد بعدالة بعيدا من ثنائية الخوف والظلم .. 

وهناك الكثير من الدول التي إنتزعت أنظمتها الخوف وأزاحت الظلم عن كاهل شعوبها، وذلك عبر إسترداد حق الشعب في الحياة والعيش بأمن وسلام طبعا بعد أن قامت أنظمة هذه الدول بإصلاحات جذرية في أنظمتها الإجتماعية والسياسية من دون تردد .. 

ويرى الباحثون في عِلم الإجتماع، أن أحد أهم أسباب الظلم هو الخوف الذي ينتج منه سكوت الناس وترددهم بالمطالبة بحقوقهم المشروعة كضمان حقهم بما يمتلك وطنهم من مال وثروات على ارضه والمطالبة بحياة حُرة كريمة ..  

وقد سيطر الخوف على مجتمعاتنا منذ قرون، حتى في عقود قريبة التي شهدت إقصاء الناس من نيل حقوقهم الطبيعية وهم يرون بأم أعينهم كيف تهدر ثرواتهم  وكرامتهم  تحت سطوة الظالمين من غير أن تكون هناك قدرة للناس لإنتزاع حقوقهم، وذلك سيطرة ظاهرة الخوف المغروس في أنفسهم والتي شخصها عُلماء النفس بـ (رد فعل ذاتي مكتسب) ..

وهذه الظاهرة تجدها عند أغلب العراقيين إذ أصبحت هي والظلم حالة ثنائية مُتلازمة أو سلوكا يتبعة الناس من إجل البقاء أو كسب لقمة العيش، وهذا ما سهَّل للكثير من الحُكام بأن يحكموا ويفرضوا سيطرتهم على رقاب الناس، ومن ثم يعود الناس للإستغاثة من الظلم السائد من دون أن يجدوا سبيلا لحلحلة هذه الثنائية، وهذا ما يجعل من شخصية الفرد شخصية ثنائية هي الأخرى، وهذا ما يُؤدي بالنتيجة لتضخم الظلم وإتساعه كظاهرة إجتماعية وسياسية طالما الاستفادة منها الظالم الذي سيظل محافظا عليها بل ويسعى لغرس الكراهية واللامساواة بين عامة الناس حتي يضمن ديمومة بقائة وإستمراه في السلطة ..  

طبعا ما يحدث من ظلم يستند إلى تضليل الرأي العام، إذ يتحول الظالم مظلوما، والفاسد مُصلحا، وبسب سياسة التضليل هذه والترويج للمُغالطات والتعتيم على حقائق الأمور التي ينادي بها أصحاب الحق، تكون الأدوات المُتمثلة في الرأي والفكر هي أكثر ظلما وأشد فتكا بالناس، فيدوم الخوف بين الناس ليسود الظالم والظلم ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك