د.أمل الأسدي ||
تتعلق الأم العراقية ببيتها وأسرتها تعلقا شديدا، تتعلق بالتفاصيل الدقيقة التي تخص أولادها وزوجها؛ لهذا تنتفض ثائرةً إذا مسّهم سوء !!
لكنّ انتفاضها مختلف عن غيرها، لن تخرجها ثورتها عن دينها وثقافتها ومنظومتها العقدية التي تنتمي إليها، ومهما كبر أولادها؛ لا تتغير معاملتها لهم، إذ تعاملهم
علی أنهم أفراخها الصغار!
فإذا تعرض أحد أبنائها أو إحدی بناتها لظلم ما؛ تجدها تغلي وترتعد وتنادي أبا الفضل العباس بـ دخيلك يا خي زينب أو دخيلك يابن البدوية!
وقد تلبس عباءتها وتتوجه نحو كربلاء!
وإذا لم تناد العباس(عليه السلام)؛ فإنها تسرع لمناداة السيد محمد بن علي الهادي(عليهما السلام ) فتقول: دخيلك يا سبع الدجيل!
وقد امتلأت ذاكرتنا بتلك المشاهد، فما تعرضت له المرأة العراقية كثير!! ظلمت ظلما كبيرا، فمن الخوف من عـصابات البــعث وملاحقتها للعوائل، اعتـقالات لم تسلم منها، سجـون وتعذيب وإعدامات ومقابر جماعية، منها إلی إعدام الشباب عند أبواب المنازل، إلی قــص ألـسن الشباب، وقـطع آذانهم، إلی الجوع وأيام الحصار....الی المفـخـخـات التي أحرقت مدننا، إلی داعــ.ـش ومدی إجـ.ـرامهم!
فمشاهد لوعة الأم واستغاثتها كثيرة جدا، فقد تتحزم بصبرها وعقيدتها، وتخرج من بيتها صائمةً صباح يوم الأحد، متوجهة إلی كراج السيد محمد في الكاظمية، وتبقی صامتةً طوال الطريق...تقاوم دموعها!
تركب السيارة وهي صامتة صائمة مقاومة حتی تصل إلی ضريح السيد محمد، فترمي بنفسها علی شباكه قائلة: ها يالنطقت الطفل من بطن امه، وصاح آنه ابن ابوي وكلام امي صحيح!!
ها يا سبع الدجيل
ها يالمرادك باليد
وتنفجر باكيةً، وآهاتها تطوف حول الضريح، ثم تحلّق الآهاتُ عاليا... تصافح السحاب!
هكذا أمهاتنا، وهكذا بيوتنا، والغريب أن علي الوردي ينسب علاقتنا بأبي الفضل العباس(ع) وبالسيد محمد (ع) ينسبها إلی الخوف، ويزعم أن تأثر العراقيين بهما ناتج عن الخوف منهما!!
تری هل شهد الوردي لوعة الأم وهي تشكو الی سبع الدجيل؟ هل سمعها وهي تقول: "اجيتك صايمة
اجيتك واتعنيت الك واريدن حاجتي من الله بجاهكم عند الله"؟
نحن لانخاف منهما، نحن نراهما درعا وملاذا روحيا آمنا، نری فيهما الرحمة المحمدية، والفزعة الحيدرية!
نعم، وأمي سيدةٌ عراقية، كلما تعرض أولادها إلی الظلم؛ أسرعت قائلة: دخيلك يابو فاضل
أو شهقت قائلة: دخيلك يا سبع الدجيل!
حتی أن أخي الذي عمره تجاوز الخمسين، شكا إليها ظلما من صديقٍ أو لنقل "زميل"؛ فتغير لونها، واحمر وجهها، وفتحت الباب وخرجت الی الباحة، رفعت رأسها ناظرة إلی السماء قائلة:
مسلمتكم بيد سبع الدجيل... كلمن ياذي وليداتي
ها يا سبع الدجيل.. ناخيتك وانت مرادك حاضر وباليد!
هل رأيتم ياسادة؟ نحن نذوب في محبة أهل البيت، فهم أبواب الله، وهم أبوابنا الی التوحيد العملي!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha