د . ظفر التميمي ||
السلام عليكم جميعا /
تظهر لنا في البرامج التلفزيونية العلمية المتخصصة في بيئة الحيوانات ( اعزكم الله ) ، والتي شاهدناها مذ كنا صغارا وحفظناها ، كل ما يتعلق بتلك الكائنات الحية على اختلافها في نمط العيش والصيد والتكاثر وقدرتها على التكيف والدفاع عن وجودها ، ويراقبها الانسان من بعيد ، واحيانا يقترب منها قاصدا خلق أجواء اكثر ودية ، ولكن هيهات ان يحدث اندماج بين الانسان وبين معظم تلك الحيوانات وخاصة المفترسة منها وغير الداجنة بما يخالف الفطرة التي أوجدنا الخالق عليها ، ولهذا ترى الصياد المتخصص في اصطياد الحيوانات المفترسة كالأسود مثلا يضع لها تخطيطا مخالفا لذلك الذي يتم به اصطياد الفئران الصغيرة التي تزعجنا في احيان كثيرة سواء في المنزل او العمل ، فمقتل الاسود بحاجة لرصاصة قاتلة في اضعف منطقة من جسده .
على العكس من اصطياد الفئران ، اذ يحتاج دقة في العمل وسرعة في الاستجابة ودقة في الملاحظة اكثر من الاسد الذي يمشي غير ابه بمن يريد قتله ، وربما كان التشبيه مخالفا لراي البعض في الاليات المتبعة او شدة الخطر ، ولكني اراه متطابقًا ، ولو نقلنا تلك الاحداثيات الى ما حدث في العراق ، فاستطيع القول بان الولايات المتحدة الامريكية عملت في الغابة التي اوجدتها وهي العراق على اعداد مصيدة كبيرة تجابه بها اسودا شغلوا مؤسساتها الامنية زمنا طويلا ، وهذا ما تم في حادثة استشهاد الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ( رحمهما الله ) ، فاغتيالهما كان امرا يحتاج الى الكثير من التخطيط ، لانها تعلم بان التخلص منهما سيعني تحقيق انجازات على مستويات عدة منها :- فتح باب الشك والريبة بين قادة الفصائل المسلحة على اختلافها ، وتمزيق وحدة الصف الشيعي ، والتخلص من اهم قادة فيلق القدس الايراني ، وابعاد ملف العراق عن يد الحرس الثوري الايراني لصالح ووزارة الخارجية الايرلنية ، فضلا عن تهديد ساحات المعارك التي يهيمن عليها الحشد الشعبي العراقي ، وفتح باب التنافس لقيادة الحشد الشعبي العراقي ، واعادة التفكير بالية العمل داخل المؤسسات الحكومية الايرانية ، ولكن مصيدة الفئران ستكون المرحلة الثانية وهي المرحلة الاسهل للجانب الامريكي والاصعب للجانب العراقي ، وذلك لكون البوصلة ستكون مفقودة في داخل الغابة العراقية ، فالفصائل المسلحة دخلت الملف السياسي معتمدة على رغبتها بتوجيه الجهد السياسي بعيدا عن الميدان العسكري في ضوء وجود مؤيدين سيخلقون جبهة لا بأس بها تتنازع حول السلطة وامتيازاتها ، كما ان الادارة الاميركية من المفترض ان تكون اكثر انفتاحا مع الواجهة السياسية لتلك الفصائل والحقيقة المرة ان الادارة الامريكية لن ترغب في التعامل معهم الا من باب كسب الوقت في إشغال المنطقة بتحركات لن تستطيع معها فصائل المقاومة المسلحة الرد عليها كما يجب ، ومع احتمالية تأجيل انتخابات مجالس المحافظات فان المصيدة ستصبح اكثر استحكاما ، فالولايات المتحدة الامريكية تعدنا كقطيع الفئران الذين يفتقدون الى القيادة والتسليح المناسبين وقد يتنازعون امر الاستحقاقات السياسية والاقتصادية فيما بينهم ، مما يفقدهم الكثير من الصدقية والشفافية ، يا ترى لو كان الشهيدان لا زالا على قيد الحياة ، فهل سيكون هذا هدفهما ام ان القتال والمواجهة العسكرية كانت ستحسم الكثير !؟ ونحن الان نواجه تحركات مشبوهة لا تستطيع معه فصائل المقاومة الرد عليها كما يجب .
فيا قادة العراق ليس هناك من اسد كاسر سيذود عنكم ، وقد كثرت القوارض التي ستهلك سفينتكم ، فهل انتم متعظون ؟ فاحذروا المصيدة المعدة لكم .
ودمتم بخير .
https://telegram.me/buratha