خضير العواد
زيارة الأربعين وما تحتضن هذه الزيارة الربانية العظيمة من أجواء لا يوجد نظيرها ولا يقارن بها حدث ، فهي التي احتضنت أكبر تجمع إنساني عالمي على مر التاريخ وهيئت لهذا التجمع ما يحتاجه من مأكل ومشرب ومنام بالإضافة الى جميع الخدمات على طريق ممتد على مسافة لأكثر من 550 كيلو متر هذا من جهة واحدة وهناك جهات اخرى ، هذا التجمع نعمة من أنعم الله سبحانه وتعالى على الشعب العراقي وجميع الموالين في العالم وهذه النعمة يجب علينا شكرها ,افضل طريقة للشكر بالإضافة الى شكر اللسان هو الشكر العملي من خلال بناء مجتمع مؤمن يؤدي الفرائض ويحلل حلال الله سبحانه وتعالى ويحرم حرامه ، وأفضل طريقة لبناء هذا المجتمع هو ترسيخ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه ، هذه الفريضة التي أكد عليها رسول الله صلى الله عليه واله والأئمة المعصومون عليهم السلام في أحاديث كثيرة لما لهذه الفريضة من أهمية خطيرة لبناء المجتمع المسلم الصالح قال رسول الله صلى الله عليه واله ( لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الارض ولا في السماء)( 1) وقال رسول الله صلى الله عليه واله ( لتأمُرن بالمعروف ولتنهنَّ عن المنكر أو ليعمكم عذاب الله) ( 2) وقال الإمام الصادق عليه السلام ( أيما ناشئ نشأ في قوم ثم لم يؤدب على معصيته فإن الله أول ما يعاقبهم فيه أن ينقص في أرزاقهم )(3) ، ولأهمية هذه الفريضة في الحفاظ على المجتمع من التفكك و الانغماس في ظلمات الفساد وسوء الأخلاق والضياع في وحل الفسوق والعصيان فأن القوى الشيطانية نشرت أفكارها وإغرأّتها من خلال إعلامها ووسائل التواصل الإجتماعي حتى تبعد المجتمع عن هذه الفريضة وأبدلتها بمصطلحات جميلة المعنى ولكن يراد منها غايات قبيحة كالحريات الشخصية وتبني الأفكار المنفتحة وغيرها من المصطلحات ، ومن أجل إرجاع المجتمع الى تبني فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علينا خلق ظروف تشجع وتسرع في تبني المجتمع لهذه الفريضة ، فلا يوجد ظروف مثالية تدفع المجتمع لكل خير ومنها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كزيارة الأربعين ، لأن هذه الزيارة قد جمعت المجتمع من جميع محافظات العراق الى كربلاء بالإضافة الى الموالين لأهل البيت عليهم السلام من جميع بلدان العالم وجعلتهم يسيرون في طريق واحد الى كربلاء الشهادة وهم ينادون لبيك يا حسين بقلوب حزينة وعيون باكية وكلمات سيد الأحرار ترن في أذانهم وتخفق لها قلوبهم التي يقول بها ( وأني لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه واله أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي )(4) فهذه الظروف المثالية التي لم ولن تتحقق لأي شعب من الشعوب ولكن إرادة الله سبحانه وتعالى هي التي جعلتها تتحقق لنا بهذه الأجواء الروحانية والمعنويات العالية والقلوب الحزينة المرتبطة بمصاب سيد الشهداء عليه السلام كل هذا يجعل المجتمع يتقبل النصح والموعظة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن يراد من المتصدين والحوزات العلمية والمؤسسات الدينية والعتبات المقدسة ان يدفعوا بكوادرهم ومنتسبيهم الى نشر هذه الفريضة ما بين الجموع الحسينية المتوجهة الى كعبة الأحرار عليه السلام ، من خلال إنكار المنكر والنهي عنه وتشجيعهم على المعروف والأمر فيه وهذا يحتاج الى همة عالية ونفوس تتطلع الى نشر تعاليم دين الله وقلوب تتفجر بمحبة محمد وال محمد صلوات الله عليهم اجمعين يمتلكها المتصدون لكي ينتشروا ما بين الجموع من أول نقطة بدأ منها المسير الى أقدس مكان وهو منطقة ما بين الحرمين (كربلاء) ويدفعوا الناس ويشجعوهم للقيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأن هذه الزيارة نعمة عظيمة وهبها الله سبحانه وتعالى لنا فعلينا ان نستفاد منها في إصلاح مجتمعنا وإرجاعه الى طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، وأن زيارة الأربعين غصن من أغصان يوم عاشوراء الذي حدث من أجل قيام فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
(1) وسائل الشيعة – الحر العاملي-ج11 ص398(2) جواهر الكلام – الشيخ الجواهري- ج21ص359(3) وسائل الشيعة – الحر العاملي ج16ص133(4) بحار الأنوار- العلامة المجلسي- ج44ص329
خضير العواد
https://telegram.me/buratha