حسن كريم الراصد ||
كما يعلم حضرتك أن معظم القوانين التي وضعتها السلطة الغاشمة في التسعينات كانت تستهدف مكون معين . وقد شرعت بطريقة شيطانية لترسيخ الفقر والبؤس لهذا المكون . ومن هذه القوانين ومن أشدها ظلما وتعسفا قوانين أمانة بغداد . وقد صيغت هذه القوانين بطرق تستهدف الناس وتمنعهم أن يبيعوا او يشتروا او يبنوا بيوتهم المتهرئة او يرمموها او يفتحوا دكانا ليعتاشوا منه . والغريب ان تلك القوانين بقيت سارية المفعول بعد عقدين من التغيير ولم يجرأ أحد على تغييرها . فمعظم البرلمانيين كانوا يحابون أمانة بغداد ولا يتحرشون بها لحاجتهم لها في تمشية أمورهم بعد ان أصبحت هذه المؤوسسة ذات سلطة مطلقة تفوق صلاحيات السلطة التنفيذية رغم أنها تمثل أكبر عائق أمام البناء والعمران الأهلي . فمثلا تجد أن المواطن لا يحصل على أجازة بناء دار الا بمعاملة لها بداية وليس لها نهاية . وتلك الاجراءات ذات صبغة كيدية وضعت بالاصل كي تكون مستحيلة وبروتين طويل ممل حتى يلجأ المواطن للبناء أو الترميم بدون اجازة وهنا تبدأ الصفحة الثانية من التعسف والظلم . فهنالك فرق جوالة لها عيون وجواسيس ومجسات في جميع الاحياء تزودها بمعلومات عن اي دبل طابوق ينزله مواطن امام داره ليبني غرفة أضافيه بعد ان ضاقت هذه الدور بأهلها . وهنا تبدأ المساومة . فأما ان تدفع مبلغ يصل للملايين أو تتعرض لغرامة هي بالملايين أيضا لتكتشف أن الروتين الذي وضع أمام معاملة الحصول على أجازة بناء هو للوصول الى هذه النتيجة . والكارثة أنك ان أمتنعت عن دفع الرشوة لهؤلاء الجوالة فستفاجئ بدوريات الشرطة ببابك مستصحبة شفل لهدم ما بنيت وبسرعة ضوئية تفوق سرعة أخبارك عن جريمة قتل مثلا .. وهنا لم ينتهي الأمر . فان المخالف يدفع الغرامة في كل مرة يبيع داره وكذلك يدفعها المشتري أن باع الدار وتبقى هذه الغرامة مدى الحياة تستقطع عند كل عملية بيع .. هكذا تجري الامور في أمانة بغداد بعد ان بقيت قوانينها الكيدية تستهدف الفقراء وتمنعهم من بناء او ترميم او تطوير دورهم في حين أن هنالك احياء كاملة بنيت على الاراضي الزراعية واراض مملوكة للدولة وهذه ليست خاضعة لتلك القوانين ولا لقوانين الضرائب وبحماية مافيات الاراضي المتنفذة لذلك لجأ الفقراء للاراضي الزراعية للتخلص من جور قوانين الامانة التي مثلت أكبر عائق للعمران الاهلي ... واخيرا فأن لا امل بالبرلمان بتعديل هذه القوانين الجائرة لوجود ارتباط مصلحي مع الامانة وبقي الآمل معقودا بالسلطة التنفيذية لانقاذ الفقراء من هذا التعسف . وارجو أن لا تقوم بدراسة الموضوع من خلال أمانة بغداد نفسها بل من خلال المواطنين فهم من يقرروا صلاحها من فسادها وهم من أكتووا بنار جورها وعلى مدى نصف قرن مضى ..
https://telegram.me/buratha