كوثر العزاوي ||
يقول الله"عزوجل" في محكم كتابه المجيد:{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة ٩٧.
الأعراب: كلمة تُطلَق على سُكان البادية وهي جمع لكلمة أعرابي وليست عرب، والبداوة تعني الابتعاد عن الثقافة والعادت الدينية وعن مناهج التعليم والتربية، وبذلك يكون الأعراب أشدّ كفرا ونفاقًا من أشباههم من الكفار والمنافقين الذين يسكنون المدن، ولذا فمن الطبيعي والممكن جدا أن يجهلوا حدود ما أنزل الله بل ويتمادوا في المخالفة وأذى المؤمنين، لأنهم متصحّرون فكريًا وأخلاقيًا لاجغرافيًا وحسب! وعلى ضوء ماورد، نستنتج أن الأعراب إنما هم حقيقة سلوكية لا تقتصر على زمن النبي"صلى الله عليه وآله" لتعبر عن حادثة وقعت آنذاك ولربما تكون موجودة فاعلة ليومنا هذا، فقد نجد بعض البشر يعيش أجواء المدينة وعصر التطور لكنه أعرابيّ الفكر، مما ينعكس ذلك التصحّر الفكري على سلوكه الإنساني، وقد لوحظ ذلك في بلادنا منذ مدة خاصة في الآونة الأخيرة، بعد التقدم والتطور التكنولوجي الذي اصبح له التأثير الكبير على غياب الوعي المعرفي، سيما لدى الأشخاص الذين ينتمون إلى الفئة العلمية والأدبية والسياسية والإعلامية، إذ تمثّل هذه الفئة من الأهمية والأثر الكبير في تقدم المجتمع، فلاغرو ان تعيش مثل هذه الفئة حقيقة البداوة الفكرية عندما تجهل الرؤية الكونية السليمة، وتجانب الإستقامة في التفكير وفي السلوك نتيجة البعد عن التفقّه في الدين والمفاهيم ومايلازمها من أنماط الحركة في البيئة الاجتماعية والثقافية للإنسان والتأثير علی وعيه ومواقفه إزاء الحقائق والمعارف، ولعل أشدّ مايعاني منه المجتمع الأسلامي ماضيًا وحاضرًا هم من منافقي الأعراب! وعلى ضوء هذه الرؤية، لنا حق الخوف من الأشخاص غير الواعين الذين لا يملکون حظًّا من الثقافة أن يكونوا ألعوبة بيد الکفّار والمنافقين من أعراب المرحلة من سکّان المدن المتحضّرة والدول التي تدعي الحضارة، الجاهلين بحدود الله أو ممن تفوّقوا عليهم في الحماقة والخطورة في زمن التكنلوجيا الحديثة التي أضحت طوع بنان الفارغين عقلًا، لان الجهل والتطرف الفكري هو أحد عوامل الانحراف والنفاق! ولكي يرتقي المرء بفكره، ويترفع بأنسانيته عن مستوى المعنى الواقعي"للأعراب" لابد له من اتباع المنهج القرآني، والفهم الواعي لنهج آل محمد"عليهم السلام" كما يؤكده الإمام الصادق "عليه السلام" بقوله:{عليكم بالتفقّه في دين الله ولا تكونوا أعرابا، فإنه مَنْ لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزكِ له عملاً} وهو عين ماأكده القرآن الكريم في أكثر من مورد يذمّ فيه الأعراب وهذا بعض ماورد في قوله تعالى:
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ومِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة١٠١
٢٩-صفر-١٤٤٥هج
١٥-٩-٢٠٢٣م
https://telegram.me/buratha