منهل عبد الأمير المرشدي ||
اصبع على الجرح ..
بين الواقعية والتبرير وبين الفهم والتحمير وبين الشي واللاشيء يردد البعض مفردة لست ادري ما اسميها ( الشغلة بيها سياسة ) .. ربما تذكرنا بالمثل الشعبي الفائل ( القضيه بيها إن ) ولا نعرف ما هي الإن ولا من القبيلة هي ولا لأي قوم تنتسب .. لكن كلمة سياسة أصبحت اليوم هي الشماعة وهي الحجة وهي الملاذ والعذر كما انها من دروب الهروب لمن لا يملك شيئا من الف باء الحوار .
لا أتحدث عن جانب شخصي او طرف بعينه انما هو الواقع القديم الجديد الثابت المستدام في مجتمعاتنا عموما ونحن خير الأنام شاء من شاء وأبى من أبى !! اتحدث عن شأن عام ودولة ودستور ومجلس أمة وضع اربابها انفسهم في زاوية الإحراج ومحط النقد والتندر والشبهة والإتهام .
حين يسأل السائلون عن طرف يسرق النفط في الشمال علنا ويبيعها تهريبا الى اسرائيل فلماذا تسكت الحكومة . يلتفت اليك احدهم ويغمض احدى عينيه ويقول لك . سياسة. هذه سياسة . حين تكرر السؤال وتقول لماذا تخالفون الدستور وترسلون لهم الأموال بالترليونات رغم انهم متمردين ولم يسددوا اموال النفط والموارد الأخرى. . ياتيك من يهمس،في اذنك . . سياسة . انها سياسة .
كل شيء في بلادي من تجليات سيمفونية السياسة !! استمرار الفارق الجنوني بين سقف رواتب الدرحات الخاصة وبقية الموظفين ... سباسة . عدم إنهاء عقد شركة الكتريك الأمريكية وتفعيل العقد مع شركة سيمنز الألمانية لاعادة الكهرباء للعراق .. سياسة . عدم تنفيذ احكام القضاء بالمجرمين والدواعش .. سياسة . التغاضي عن تواجد القوات الامريكية في،شمال وغرب العراق وفي الخضراء ... سياسة .. إعفاء القتلة والفاسدين بل واعطائهم مناصب في الدولة والبرلمان .. سياسة . كل شيء،.. سياسة . السكوت عن احتلال تركيا وتجاوز الكويت على الأراضي والمياه العراقية .
سياسة . وما دام كل شيء صار بالإمكان تبويبه في دهاليز السياسة . أفلا يمكن أن نضاعف رواتب المتقاعديندون ال500 الف تحت نافذة السياسة ؟ الا يمكن أن تنقل الدولة المواطنين من الأحياء العشوائية الى مجمعات سكنية تؤمن لهم كرامة الحياة . ام ان ذلك ليس من باب السياسة . الا يمكن للدولة ان تمنح راتبا لكل خريج حتى يحصل على فرصته في العمل تحت باب من ابواب السياسة؟؟ ام ان ذلك لا يصلح ان يكون تحت ظلال شفاعة السياسة ؟
كثيرة هي المفارقات بين السياسة واللاسياسة في الصحة والتعليم وغيرها . وعلى ذكر السياسة ومن ذكرياتي في الزمن القبيح وبعد خروجي من اعتقالي بتهمة الإنتماء لحزب الدعوة الاسلامية في العام 1980 بعفو اصدره هدام قبل الحرب على من لم تصدر بحقهم احكام بعد . تبلغت بحضور اجتماع ( الحزب) ضمن تنظيمات الإتحاد الوطني لطلبة العراق حيث كان شعار الدكتاتور الجميع بعثيون وان لم ينتموا !!
كان الرفيق سعدون فيحان شقيق مسؤول الأمن الذي اعتقلني حينها صادق فيحان هو الذي يدير الندوة وبعد أنهى حديثه عن منجزات الثورة والحزب القائد وضرورة مواجهة العدو الفارسي المجوسي وصفق الجميع وهتف بالروح بالدم نفديك يا صدام . أنهى كلامه طالبا من الحضور ان يسألوا ما يشائوا وهم مستعد للإجابة .. قام احد الطلبة المعروفين بسذاجته وقال له ( العفو رفيقي . ما دام احنا راح نحارب ايران فأكيد نحتاج دعم الدول العربية . ليش السيد الرئيس ما يتصالح هو وحافظ أسد رئيس سوريا حتى يصير ويانه ،!)
صفن الرفيق سعدون فيحان حينها وطالت صفنته وتلفت يمينا وشمال. وتأتأ وتلكأ وقال له .. استريح رفيق هاي سياسة. احنا ما انا علاقة بالسياسة !!!
ضحك الجميع في قلوبهم وسخرت منه عيونهم ويا محلا النصر بعون وسياسة في سياسة .!
https://telegram.me/buratha