الشيخ جاسم محمد الجشعمي ||
٣- الفساد المالي
في مفاصل الدولة :
ان منظومة الاسلام التشريعية والعقائدية والفكرية تعرضت للانحراف والبدع والخرافات . والى جانب ذلك اصاب الدولة الإسلامية بجميع مفاصلها من الخليفة الى اغلب الولاة بالفساد المالي . وكان الامام الحسين عليه السلام هو المسؤول الشرعي الأول عن الاسلام والأمة وان لم يكن مستلما زمام الامور . فهو يمارس دور الإمامة في حياة الامة ويقوم بمسؤولياتها . وعليه فأن حركة الامام الحسين عليه السلام كان منطلقاً من وحي مسؤوليته الشرعية والولائية والأمامية لأصلاح امور المسلمين . وعندما احس الامام ان جميع وسائل الاصلاح استنفدت عندها اختار الوسيلة الاخيرة وهو المواجهة المسلحة لا لأجل الفوز المادي والانتصار لان مقدمات ذلك لم تكن متوفرة له وانما لإحداث هزة في ضمير الأمة وتحرير ارادتها ورسم خط للثورة في حياة الامة لرفض الظلم والتضحية من اجل الاسلام ولأبطال خط الاستسلام المزيف للظلم والظلمة والذي صنعته الاحاديث الكاذبة المصطنعة التي نسبوها الى رسول الله كذبا والتي تدعوا الى وجوب طاعة الحاكم وعدم جواز الخروج عليه وأن كان ظالما وفاسقا .
وكان عامل الفساد المالي من العوامل الخطيرة التي كان الطغاة يستثمرونها من اجل استحكام قبضتهم على مصير الأمة بالظلم والظغيان .
ان الذين تصدوا لأدارة أمور المسلمين اواغتصبوها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( باستثناء الامام علي وابنه الامام الحسن عليهما السلام ) انتهجوا سياسة مغايرة لسياسة رسول الله ص المالية . حيث كان العطاء بما يسمى اليوم الراتب يوزع متساوياً في زمان الرسول ص بين جميع طبقات المسلمين ولكن حكام المسلمين الذين سماهم بعض المسلمين بالخلفاء مارسوا سياسة مالية مغايرة لسياسة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . حيث ضعوا سلماً عشائريا وطبقيا غير عادلٍ لتوزيع العطاء ( الراتب) . وقد فضلوا بعض المسلمين على البعض آلآخر وبعض العشائر على البعض الآخر في العطاء وكان الفارق بين عشيرة وأخرى في سلم العطاء والرواتب كبيرا . حيث كان ابناء قريش في مقدمة سلم الرواتب يستلمون ١٢ الف درهم وابناء عشيرة اخرى في نهاية سلم العطاء الراتب يستلمون ٢٠٠درهم على ماجاء في المصادر التاريخية وجميعهم مسلمون وهذه السياسية مخالفة لسنة رسول الله ص حيث الرسول ص المسلمون سواسية لافرق بين عربي وعجمي وبين اسود وابيض كمشط الاسنان . وهذه المفارقة بين الفين ومئتين صنع شرحاً عميقا في وجدان الامة . لانه من الظلم ان يستلم مسلما قريشيا الفين درهم ومسلماً آخراً اسمه في آخر سلم الرواتب يستلم مئتين درهم . وهذه السياسة المالية كان من سياسات الخليفة الثاني الخاطئة . واهل السنة يسمونها الفاروق العادل . وقدنقلت المصادر التاريخية ان الخليفة الثاني تمنى ان يبقيه الله حياً ليغير هذه السياسة الخاطئة التي ابتدعها هو ولكنه قتل . ولماذا يتمنى الخليفة وينتظر ان يطيل الله عمره لتغيير سياسته الظالمة ولا يقدم لأصلاح حكمه . هذه السياسية المالية الظالمة مزقت المجتمع الاسلامي واحيت الجاهلية العشائرية وحرفت بعص الصحابة الاجلاء الذين كانو في مقدمة المجاهدين والباذلين انفسهم لاجل الاسلام وحماية الرسول صلى الله عليه وإله وسلم ، وحصرت الثروة عند قريش وبهذه الثروة طغت قريش على سائر المسلمين . وعندما طبق الامام علي عليه السلام سياسة رسول الله المالية عارضته جمع من عشيرة القريش وطالبوه ان يمارس سياسة من سبقه من الخلفاء لتبقى امتيازاتهم المالية الجائرة والتي حصلوا عليها يتنعمون بها والمسلمين فيها جياع. ولم يستجب لهم الامام علي عليه السلام فحاربوه وقادوا حروبا ضد حكومته العادلة . وعندما وصل الامويون الى الحكم ابتداءأ من عثمان الى معاوية ويزيد تصرفوا بأموال المسلمين وكأنها أموالهم الخاصة تصرفوا فيها كما يشاؤون . وقد استخدم الامويون المال سلاحا ضد معارضيهم . وكان الامام الحسين عليه السلام يستهدف من ثورته وحركته إصلاح امور المسلمين ومنها اصلاح بيت مال المسلمين وممارسة نهح جده في العطاء فيما اذا نجحت في حركته . فثورة الحسين كانت رفضا لجميع انواع الظلم الذي كان يمارسه الخلفاء الامويون وولاتهم . وفي مقدمة ذلك الانحراف والظلم المالي الذي كان يزيد بن معاوية يمارسه في حكمه الجائر
https://telegram.me/buratha