المقالات

التخلف والتحضر


 نعيم الهاشمي الخفاجي

 

إن  التحضر والتخلف مفهومان  متضادان، ولايمكن ان يجتمعا مع بعض في آن واحد، التحضر ينقسم إلى تحضر سلبي وايجابي، السلبي اعتقاد البعض ان التحضر ومحاربة التطرف مثل ماتفعله دول البداوة الوهابية، يكون من خلال إقامة الحفلات الماجنة، وشرب الخمور، ونشر الدعارة، وهناك الكثير من الناس يحاول تقليد تقاليد المجتمعات الغربية بالاشياء السلبية وليس الأشياء الايجابية، السلبية تقليد المثلية الجنسية والانحلال الأخلاقي، بينما يتم ترك الأشياء الايجابية لدى المجتمعات الغربية مثل العدالة الاجتماعية واحترام القوانين التي تنظم السير بالطرق العامة والاهتمام بالنظافة والبيئة، التحضر السلبي بات هو الشائع في زماننا، في استعمال مصطلحات انجليزية، انا شخصيا عشت بالغرب ثلاثين سنة من حياتي، لم استعمل اي مفردة إنجليزية بحديثي مع اي عراقي او عربي،  التحضر الإيجابي يتم من خلال الأخذ بكل عادة وتقليد لا تنافي مع  القيم والأخلاق، وتضيف للمجتمع شيء إيجابي جديد لخدمة أبناء المجتمع.

لذلك لانور يستمر للأبد ولاظلام يستمر للأبد، كذلك لافقر يدوم ولاغنى وثراء يدوم بدون أتباع وسائل وطرق تضمن بقاء رجال الأعمال وأصحاب الشركات في ادامة العمل والإنتاج بطرق صحيحة تضمن بقاء الأرباح وليس الخسارة، لكن الكارثة عندما يصبح الظلام وتبديد المال واشعال الخلافات على مستوى العائلة والأقارب والاصدقاء وعلى مستوى الساسة والدولة، تصبح هي القاعدة الأصلية في الحياة والتعامل مع المجتمع.

الصراع ما بين الخير والشر، الظلام والنور، الحسنة والسيئة، موجودة هذه الصراعات منذ أن وجد الإنسان على الكرة الارضية، وهناك غالبية كبيرة من البشر للأسف لايستطيعون التميز بين الحق والباطل،  وقد وردت أحاديث عن الإمام علي ع في معرفة الحق، منها، رحم الله رجلاً رأى حقاً فأعان عليه، أو رأى جوراً فردّه، وكان عوناً بالحق على صاحبه.

وفي خطبة أخرى قال الإمام علي بن أبي طالب ع، كتاب ربكم فيكم مبيناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، قد أوضح لكم سبيل الحقّ، وأنار طرقه، فشقوةٌ لازمةُ، أو سعادة دائمة، وخلّف فينا راية الحق، من تقدّمها، مرق، ومن تخلّف عنها زهق، ومن لزمها لحق، وأقمت لكم على سنن الحقّ في جوادّ المضلّة حيث تلتقون ولا دليل.

كلمات مضيئة تنور عقول الباحثين عن الحق،

تنهض  الدول  وتقوم من خلال وجود دساتير حاكمة تضمن حقوق جميع المكونات من أبناء المجتمع الواحد، وتتكاتف جهود الشباب ومن كلا الجنسين الرجال والنساء في الدراسة والعمل في كل المجالات،  مجالات العمل بالزراعة والصناعة، لو وجد ساسة يدعمون القطاع الخاص لكان ذلك كافياً لاحتواء كل أبناء الشعب ولم يبق ولا شخص واحد عاطل عن العمل.

 يفترض بمن يدعون بمدعي التحضر، ان تكون اقتباساتهم من الحضارة الغربية دعم القطاع الخاص، مع فرض ضرائب تضمن العيش الكريم لأبناء المجتمع حتى بظل عدم وجود بترول وغاز، الصين والهند دولتين تستورد البترول والغاز، لكنهم دعموا كل الصناعات بل قاموا في عمل مصانع تشبه مثل مصانع الدول الغربية في كل المجالات الصناعية، لا توجد منتجات لشركات غربية في صناعة الملابس والأدوية، والسيارات،  وإلا تجد مصانع صينية تشبهها بل وافضل منها.

مانراه من مهازل للنواب في برلمانات عربية هيمنت عليها أعضاء من الحركات الاخوانية المتوهبة المتطرفة، جهودهم مقصورة في تشريع قوانين للفصل مابين الجنسين مثل مانراه كيف مجلس الأمة الكويتي، ومن خلال نواب الإخوان المتوهبين اجبر رئيس الحكومة على القبول بتطبيق قانون الفصل بين الجنسين في الكويت، نواب الإخوان المتوهبين يرون اختلاط المرأة بالرجل بالمدرسة وفي العمل  شراً عظيماً، ويسبب مآسي وكوارث تدمر المجتمع وتسبب إفلاس المصانع والمعامل.

الدول العربية من صنع حدودها دول الاستعمار، ونصب عليهم عملائه، لخدمة مصالح الاستعمار وليس لخدمة ابناء شعوبهم العربية، لاتوجد دساتير حاكمة، دولنا دول فاشلة تعاني من صراعات قومية ومذهبية ودينية وقبلية، تعرض العرب للظلم والاضطهاد واحتلال الأمم الأخرى طيلة قرون طويلة من الزمان، أنتج لنا بيئات مجتمعية متخلفة، بحيث حتى الطبقات السياسية يغلب عليهم وعلى النخب والقادة والبيئة المجتمعية يغلب عليهم الجهل والسذاجة، وعجزهم عن إيجاد حلول للمشاكل السياسية والاجتماعية رغم أن بعضهم يملك جماهير مليونية مضحية مستعدة لتلقين الأعداء من ضباع فلول البعث وهابي دورس قاسية تجبرهم على الكف عن لغة التآمر والاستقواء  بالدول الكبرى الاستعمارية.

مانراه من ترحيل المشاكل والخلافات السياسية وعدم وجود لها حلول، يسبب في تراكم المشاكل وتزداد بمرور السنين وتصبح اكثر تعقيدا، بل بسبب هذه الخلافات تصبح مكان لاستضافة رؤوس القتلة والمجرمين والتعاون مع منظمات إرهابية لتحقيق مكاسب سياسية بطرق غير شريفة، من بعض شركاء الوطن، ولنا  بمؤامرة تسليم الموصل وتكريت لداعش واجهة فلول البعث وهابي القبيحة.

نحن بالعراق بسبب وجود صراعات قومية ومذهبية وانتشار الإرهاب لفترات طويلة، اصبح مايريده غالبية الساسة الاستفادة من المناصب  والاستئثار المادي، ولايهمهم دماء ابناء حاضنتهم الاجتماعية الداعمة لهم.

المجتمع الذي يعاني من صراعات داخلية والبيئة المجتمعية اضطهدت قرون من الزمان، أكيد تكون الطبقة السياسية ونظام  الدولة فاشل لأنهم  نتاج طبيعي لبيئة مجتمعية لا تميز بين الحق والباطل.

الفصل مابين الذكور والاناث لايساعد في تطوير البلدان، بقدر ان المنادين بالفصل لايعرفون تشريع قوانين لدعم الاستثمار والقطاع الخاص، والعمل على  رقي المجتمع وتوفير حياة رفاهية، مايريده نواب الإخوان المتوهبون فصل ابناء المجتمع، النساء واجبهن بالبيت للطبخ وممارسة الجنس، والرجال للعمل إن وجد عمل، والجلوس في المقاهي، التزمت الديني منتشر بالمجتمعات العربية، حركة النهضة استلمت الحكم في تونس، دعمت عصابات لاغتيال الكثير من القيادات التي لا تسير مع حركة الإخوان ومن خلال وزير الداخلية التونسي الذي كان عضو بحركة النهضة الاخوانية، الأستاذ خزعل الماجدي، أحد المفكرين ومخصص بعلم الاجتماع، تحدث إلى  قناة آر تي قال،  أن هناك علاقة طردية بين درجة التزمت الديني وتقدّم الدولة أو تخلّفها، الاستاذ الماجدي ذات توجه يساري.

إن لدى الفكر الوهابي الديني ومن خلال دعاة الوهابية التابعين للصحوة المرتبطين مع حركات الإخوان المسلمين لديهم قدرة قوية على إقناع حتى النساء انهن خلقن إلى طبخ الطعام واشباع غريزة الرجل الجنسية.

أعجبتني قصة قرأتها، القصة تقول، ذات يوم لم يخرج الثعلب للصيد من أجل الطعام واستلقى على ظهره تحت شجرة في الغابة وقال لنفسه كل شيء قسمة ونصيب في الدنيا واليوم سأنتظر نصيبي من الطعام ليحضر أمامي وإلى فمي. مرّت الساعات وكانت تمر بجانبه حيوانات صغيرة وطيور، وتكاسل تماما عن صيد أي منها، وكان يلعنها ويلعن نصيبه في ذلك اليوم، حتى أشرف النهار على الانتهاء والشمس عند الغروب حيث شعر بالجوع الشديد، وعندها انتفض وانقضّ على آخر دجاجة كانت بالقرب منه وقال: أنتِ قسمتي ونصيبي الآن، وأنا أقرر ذلك وكانت طعامه ذلك النهار وعاهد نفسه ألاّ يتكاسل في تحصيل رزقه وطعامه. وكانت إرادته ووثبته على الفريسة وإشباع جوعه بمثابة الشمعة التي طردت ظلام الجوع والفقر ولو ليوم واحد. قانون الغاب يعتبر طبيعي بين عالم الأحياء (الأبقى للأقوى والأذكى)

 

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

20/9/2023

 

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك