منهل عبد الأمير المرشدي ||
إصبع على الجرح ..
تعامل الله تعالى بلغة الحوار وإلقاء الحجة مع إبليس الذي عصى أمره في السجود مع الملائكة لأدم . لقد جسد القرآن الكريم هذه الحوارية رغم إن الله هو الخالق وإبليس هو المخلوق والله هو المالك وإبليس هو المملوك . رغم ان الله هو القوي القادر على كل شيء وإبليس هو الضعيف المستكين .. ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * ) لقد سأل الله ابليس عن سبب عدم السجود .( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * ) كان حكم الله عليه بإخراجه من الجنة وإنه ملعون رجيم.(
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ *) . لكن ابليس لم يسكت عن الحكم دون ان يكون له طلبا من بعد اقرار الحكم الإلهي بأن يبقى مرافقا لبني آدم الى نهاية الكون فوافق الله عزوجل على ذلك الطلب .( قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ *) . كان ابليس وقحا صلفا يتحدث بلغة المتمرد على سيده ومولاه وخالقه رغم اقراره بالربوبية لله فقال للبارئ العظيم ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * ) الا ان الله عزوجل وعده ووعد الله هو الحق بالعذاب والحريق.( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ). . لو جئنا الى ما توحي به هذه الحوارية بين الخالق الرحيم والمخلوق المتمرد الرجيم فإن ابليسى طلب من الله عز وجل عدة طلبات وافق عليها رب الجلالة .
قال الشيطان يا الهي ما دام آدم هو وذريته اعدائي فهذا يعني انني سأكون في حرب معه لذلك أطلب ان لا أكون اعزلا من غير سلاح . واول الأسلحة هو أن اراه ولا يراني .. فوافق الله على ذلك حيث يكون ابليس موجودا معنا في البيت بين الزوج وزوجته ولا نراه والإبن وأبيه والأخ وأخيه كما هو موجود في المدرسة والدائرة بل هو حاضر في وجوه البعض ونشم رائحته من انفاسهم وندرك مغزاه في أصواتهم وافعالهم خصوصا في الاماكن التي يتواجد بها بني ادم من ذوات الدرحات الخاصة الا ما ندر .
السلاح الثاني الذي طلبه ابليس هو ان يكون متواجدا مع بني ادم دائما ويجري فيه كما يجري الدم في العروق . وقد تحقق له ذلك . فهو ينفرد بالإنسان مع نفسه في أصابع يديه وفي نظرات عينيه وخطوات اقدامه ويتحدث معه ويوسوس له ويوحي ويخطط ويدفعه لكل رذيلة وخبث وفاحشة وسوء . بل إنه يرافقه في الوسوسة حتى في اعمال العبادة والوضوء .
السلاح الثالث الذي طلبه الشيطان الرجيم ان يكون عمره مديد الى يوم يبعثون . بعد ان حصل على موافقة الله على كل هذه الطلبات فكان له الطلب الأخطر والسلاح الأقوى . لقد طلب ابليس اللعين ان يكون له ذرية بضعف ذرية ابن آدم حيث ما ينجب الإنسان ابنا واحد يكون لإبليس إثنان من الأبناء الشياطين .
بعدا عن ماهية الشرح التي نتركها لذوي الاختصاص والتفسير الا اني ارى المطلب الأخير هو السلاح الأخطر بيد الشيطان الرجيم حيث الفارق العددي بين بني آدم والشياطين لذلك نرى الساحات والشوارع والبيوت والمؤسسات مليئة بالشياطين مع اختلاف الأشكال والاوصاف والأسماء والألقاب والأزياء بين رئيس ومرؤوس وزعيم ومزعوم وراع ورعية وقائد ومقاد وكل شي .
أكتفي بهذا القدر واقول . ما دمنا في حرب مستعرة مع الشيطان وابناءه فعلينا ان نتوكل وندرك انه مهما كان قويا الا انه ضعيف امام النفوس المطمئنة المؤمنة فقد قال الله تعالى ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ) . والسلام .
https://telegram.me/buratha