زيد نجم الدين ||
اليوم صباحا تقرع الأجراس إيذانا ببدء العام الدراسي نسأل الله أن يجعله عاما دراسيا مفعما بالنجاحات للطلبة، ويسيرا على كاهل أولياء الأمور وبالخصوص الفقراء والكادحين منهم.
في صباح اليوم ومع توجه الطلبة إلى المدارس يصادفهم في مسيرهم الصبي أحمد ذو التسعة أعوام الذي تخلف عن رفاقه واتجه إلى الأرصفة والتقاطعات بدلا من مقاعد الدراسة لبيع قناني الماء البارد على المارة، أحمد قد يكون ابن لشهيد أو سجين أو مغدور أو ربما سجين ومدان، ينظر أحمد إلى التلاميذ وهم ذاهبون إلى مقاعد الدراسة بثياب جديدة مبتهجين ومسرورين وقلبه يعتصر حسرة وألما على وضعه المأساوي فكل ما يملكه هو ٥٠٠٠ دينار ثمن شراء ٣ رزم من قناني الماء يبيعها في التقاطعات ليؤمن ما يبقيه وأسرته على قيد الحياة.
أما رباب، فهي فتاة في الرابعة عشرة من العمر تنظر من نافذة المنزل إلى زميلاتها وهن يباشرن عامهن الدراسي الجديد من دونها، تخلفت رباب عن مقاعد الدراسة بذنب أنها بنت لأب ذكوري قبلي لا يعتقد بضرورة التعليم للمرأة فحال بينها وبين الانتظام في الدراسة لكونها أصبحت يافعة وبلغت سن الزواج!.
أما ، آدم ذو الثانية عشرة من العمر، أخفق في النجاح لعامين لحاجته لدروس تقويه الأمر الذي لم يتفهمه والده وربما لم يتمكن من تأمين تكاليفه، الشيء الذي انتهى بترك آدم مقاعد الدراسة للانخراط في سوق العمل ومساعدة أبيه في تدبير المعيشة. أمثال أحمد ورباب وآدم نسبة كبيرة وتشكل اليوم ١٢٪ من سكان العراق حسب بيانات وزارة التخطيط عن نسبة الأمية في العراق.
هذه النسبة تحتاج إلى رعاية من المجتمع والدولة، فابتداء من الأسعار الباهظة للمدارس الخاصة والتي تصل في بعض المدارس إلى أرقام مخيفة تعادل أضعاف الدخل الشهري لفئة متوسطي الدخل، إضافة إلى مستلزمات الدراسة ومتعلقاتها الأخرى كأجور النقل ودروس التقوية والقرطاسية وما شابه ذلك كلها عقبات ومصاعب تقف بوجه أولياء الأمور والطلبة ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المتخلفين عن مقاعد الدراسة وبالنتيجة تفشي الجهل والأمية. لا سيما أن العراق لا يزال يعاني من نقص كبير في البنى التحتية اللازمة (مدارس، مكتبات، رياض أطفال، سكن جامعي... الخ) لبناء نظام تعليمي رصين.
اما فيما يتعلق بالدولة القانون العراقي حارب الاميه بشده، فقانون التعليم الالزامي رقم (118) لسنة 1976 في المادة 1 اولا جعل التعليم في مرحلة الدراسة الابتدائية مجاني والزامي لجميع الاولاد الذين يكملون السادسة من العمر. اما الفقرة ثالثا فنصت على ان "يلتزم ولي الولد بالحاقه بالمدارس الابتدائية، عند اكماله السن المنصوص عليه في الفقرة اعلاه واستمراره فيها، لحين اكمال الولد مرحلة الدراسة الابتدائية، او الخامسة عشرة من عمره"
القانون اعلاه على الرغم من الذكورية الطاغيه فيه وغيرها من ملاحظات تستدعي مراجعته الا انه بشكله الحالي يعالج جزءا كبيرا من المشكلة لو تم تطبيقيه، ومن هنا اضع هذه المقالة امان عناية وزير التربية العراقي وأتساءل هل توجد محاسبة لمن يجبر إبنه او ابنته على ترك مقاعد الدراسة، هل يوجد لدينا من يتابع الوضع الدراسي للصبية والفتيات الذين يملؤن الطرقات وتحت اشعة الشمس الحارقة لكسب الرزق في اوقات ينبغي ان يكونون فيها على مقاعد الدراسة؟.
ملاحظة: احمد ورباب وادم اسماء مستعارة لشخصيات وهمية
https://telegram.me/buratha