كوثر العزاوي ||
ورد في عرف الرياضة والرياضيين ضمن أنماطها المتعددة وقوانينها الشفافة، على انها عبارة عن مجهود جسدي عادي، أو مهارة تمارَس بموجب قواعد متفَق عليها بهدف الترفيه أو المنافسة أو المتعة أو التميز أو تطوير المهارات أو تقوية الثقة بالنفس، ومن هذا المنطلق الشفاف نفهم أنّ الرياضة تكسب الإنسان خصالًا رائعة، كالصبر، والتحمل، وقوة الإرادة، والمثابرة، والنشاط،وحب الآخر، من خلال قيم التنافس الشريف والتعاون والتخطيط والإيثار، غير أنّ مثل هذه القيم تبقى في حيز التنظير عندما تدخل في بعدها السياسي المتطرف لتصبح واقعًا مسلوب الإرادة، تبعًا لمزاج الدولة التي ينبثق منها المشروع الرياضي عند دخوله المضمار، لذا فإنّ سياسة الدولة لها الأثر الكبير في انعكاس أخلاقية ابناء شعبها سلبًا وإيجابًا إذ تتجلّى أثناء ممارسة الرياضة في ملعب حرّ نزيه كما يُفترض ومع أي دولة اخرى بصرف النظر كونها المضيفة أو المستَضافة! ومحل الشاهد: هو ماحدث من تصرّف عندما قرر فريق الاتحاد السعودي مغادرة ملعب "نقش جهان" الإيراني بذريعة الإعتراض على وجود تمثال لقائد فيلق القدس الشهيد "قاسم سليماني" مما تسبب في إلغاء انطلاق مباراة الفريقين!! وفي أجواء مثل هذا الحدث المتطرف الأحمق تحضرني آية من كتاب الله المجيد لعلها تبيّن جانبًا من أخلاقية الفريق الرياضي المثير، وقد تصدّر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك من خلال قول الله "عزوجل"
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ} محمد٢٩
وهذه الآية كما ذكر المفسرون أنها تشير إلی جانب من صفات المنافقين وعلاماتهم وإن كان نزولها يوضح موقفهم من رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكنها في ذات الوقت تؤكّد بالخصوص علی أنّهم يظنّون أنّ باستطاعتهم أن يُخفوا واقعهم وصورتهم الحقيقية بما تحمل من"أضغان"على النبيّ وأتباعه من المؤمنين، وقد تراءت لنا اليوم مصداقًا جليّا في الفريق السعودي، إذ طفحت تلك الأضغان غيظًا وحقدًا، وكأنهم يوحون بانتظار اي فرصة ليُخرجوا مافي قلوبهم من غل، غير مكترثين بضوابط الرياضة والتي من شأنها أنها تعلّم الإنسان احترام القوانين والقواعد والأنظمة، لأن معظم الرياضات لها قوانينها وقواعدها الثابتة التي توجب الالتزام والاحترام، ولعلّ أبرز تلك الاولويات هو: احترام خصوصية الدولة المضيفة للمباراة وسياسة بلدها وأعرافها!، ولكن الفريق السعودي قد تجاوز كل ذلك ليثبت للعالم خصلتين هما: الجبن والحقد، لدرجة الخوف بشكل مبالغ فيه ليهتزوا أمام تمثالٍ لذلك البطل الذي يشكّل رعبًا على الاعداء حيّا وميتًا، فما وجدوا من حلٍّ سوى الفرار وتعطيل المباريات وذلك لاحتمالين: الأول، عدم مقاومة النفس في إبداء حقدهم، فافتُضحَ أمرهم في حقيقة توليهم الشيطان، والثاني: يقينهم بأنهم مهزومون أمام الفريق الإيراني لانّ وجود أثر سليماني في الملعب إنما يعني القوة، يعني الفوز، وبالتالي يعني خسارة الخصم وأنهم مهزومون لامحال! وبذلك أخرج الله أضغانهم وعرّفنا حقدهم ورعبهم، إذ
انبرى معدنهم يطفو على السطح،
بمجرد ان وقعت عيونهم على تمثال ذلك الرجل الثريّ بمحامد الاخلاق، ومناقب الإنسانية، ذلك الذي عُرِف بين الملأ بالجنديّ المخلص بأبعاده المتميزة، مزيج من الورع والتقوى وجوامع الخير، وهو الرجل الذي حفظ عهد الله واستقام حتى لقيَ ربه متشحّطًا بدمه، فلا غرو أن تجد من تربّى على الضغينة أن يفرّوا مخالفين الضوابط الرياضية تاركين خلفهم الاخلاق وقيم الشعوب النبيلة، ليعرّفوا العالم هذا النمط الخبيث من المنافقين ذووا الفكر المتعفن!!.
١٨-ربيع اول-١٤٤٥هج
٤-١٠-٢٠٢٣م
https://telegram.me/buratha