الشيخ جاسم محمدالجشعمي ||
روى المؤرخون ان قافلة أسرى اهل بيت الامام الحسين عليه السلام وصلت الى الشام في أول يوم من صفر سنة ٦١ الهجرية مع رؤوس الشهداء محمولة على الرماح . وقد جعل الامويون يوم وصول الاسرى الى دمشق في الواحد من شهر صفر عيدا . وبقي هذا العيد تتوارثه الاجيال . حيث زين الحكم الاموي الحيطان والطرقات واقاموا مجالس اللهو والطرب كانت المغنيات تغنين فيها وتلعبن بالدفوف والطبول . استقبل اهل دمشق أسرى وسبايا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الاحتفالات وأغلبهم لايعرفون من هم الأسرى والسبايا . ولكن هذه الحالة لم تستمر وفي الطريق الى قصر يزيد تحدث بعض الشاميين مع الأسرى فتعرفوا على هوية التسرىوالسبايا وأنهم من اهل البيت عليهم السلام . حيث كان بعض الصحابة او بعض اهل دمشق يعرفون يعرفون مكانة اهل البيت عليهم السلام وبعد تعرفهم على هوية الاسرى تألموا على مشهد أسرى وسبايا اهل البيت والرؤوس على الرماح ير استياءهم . وبدءت الاحاديث عن الموقف تتخذ طابع الاستنكار لجريمة قتل الأمام الحسين عليه السلام واولاده واصحابه وأسر اهل بيته . وقد روى المؤرخون ان سهل بن سعد سأل بعض الشاميين الذين كانوا يتحدثون عن جريمة قتل الامام الحسين عليه السلام فسئلهم هل عندكم عيد لانعرفه قالو له ياسهل ما أعجبك السماء لاتفطر دماً والأرض لاتنخسف بأهلها قلت لهم لم ذلك قالوا ان رأس الحسين عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يهدى من أرض العراق قلت واعجباه يهدى رأس الحسين والناس فرحون ) . (كتاب النفس المهموم ص ٤٣١ للشيخ عباس القمي ) .
واقترب شامي من الامام السجاد عليه السلام وقال له الحمدلله الذي قتلكم واهلككم وقطع قرون الفتنة ثم سب الامام . فقال له الامام السجاد عليه السلام هل قرأت كتاب الله وهذه الآية ( لا أسئلكم عليه اجراً الاّ المودة في القربى ) قال بلى قال الامام نحن أولئك. وقال هل قرأت ( وأتِ ذي القربى حقه ) قال بلى قال الامام فنحن هم . وقال هل قرأت الآية ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير ) قال بلى قال الامام نحن هم . فرفع الشامي يده وقال ( اللهم اني اتوب إليك - قال ثلاث مرات - اللهم اني بريئ إليك من عدو آل محمد ومن قتلة اهل بيت محمد . لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم )
واقترب شامي آخر من الامام السجاد عليه السلام وقال له يا علي ابن الحسين من غلب فقال له
( اذا ارت ان تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فاذّن واقم .)
هذه الحوارات المشحونة بالحزن والاسى وفي اجواء الأسر والسبي بين أسرى وسبايا اهل البيت عليهم السلام وبين بعض الشاميين في دمشق وفي الطريق المؤدي الى قصر يزيد كانت بدايات الانقلاب الاعلامي وبيان الحقائق وفضح الحكم الاموي . فالشاميون الشامتون باسرى وسبايا أهل البيت عليهم السلام والمتعرضون لهم بالاذى والسب بدءت تتغير أحوالهم وقناعتهم عند سماع الحقائق فيتوبون مما صدر منهم من إساءة الى الأسرى ويتبرؤون من جريمة يزيد وازلامه الامويين . ان الاعلام الاموي نجح في تغيير الحقائق واقناع طيف كبير من اهل الشام ان الأسرى هم الخوارج واعداء الخليفة حيث خرجوا عليه وحاربوا الخليفة يزيد فقتلهم جيش يزيد
وانتصر عليهم . ولكن مع وصول الأسرى والرؤوس على الرماح ورأس الحسين عليه السلام كالبدر يشع منه النور وهو اشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله تغيرت بالتد،يج قناعات الناس بأكذوبة الجهاز الأموي الحاكم خصوصاً قناعة بعض الصحابة او العارفين بالامام الحسين عليه السلام فانقلب الحديث عن خارجي خرج على الخليفة الى حديث انتشر بين الناس وهو ان هذا رأس الحسين عليه السلام وهذه الرؤوس رؤوس أبناءه وانصاره وهؤلاء أسرى وسبايا اهل بيته وان يزيد ارتكب جريمة كبرى . فجرى الحديث بين الناس بهذا الشكل والملحمة الاعلامية الكبرى في قصر يزيد لم تبدء بعدُ . وهكذا استمرت الصفحة الثانية من ثورة الامام الحسين عليه السلام يقودها الامام السجاد وعمته زينب عليهما السلام . لأجل تحقيق أهداف ثورة الامام الحسين عليه السلام .
https://telegram.me/buratha