قاسم الغراوي ||
كاتب وصحفي
اندلعت الحرب بين الكيان الصهيوني وحماس من غزة، حيث أطلقت الحركة صواريخ ونفذت عمليات توغل وأسر في إسرائيل التي ردت بشن غارات على القطاع المكتظ بالسكان والذي تحاصره منذ أعوام.
ان عملية "طوفان الأقصى" ولدت تحديا على نطاق لم يشهد له مثيل منذ عقود في الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة ، وأتت غداة حلول الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973، كما جاءت في ظل مسعى لإبرام اتفاق تطبيع بين الرياض وتل أبيب , لتثبت ان اصحاب القضية لن يستسلموا ومستعدين للتضحية من اجل كرامتهم وارضهم وحقوقهم المسلوبة.
إن الهجوم المباغت الذي شنته حماس ضد الكيان الصهيوني ، أعاد تركيز الأنظار على القضية الفلسطينية ووجه ضربة للزخم الذي اكتسبه مسعى واشنطن لإبرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ان اعداد ضحايا "طوفان الأقصى" التي منيت به الصهيونية لا يمكن استيعابه ، ومن نتائجه ان الخارطة السياسية لمفهوم السلام يجب ان تتغير لصالح القضية الفلسطينية, كما يجب على المجتمع الدولي ان ينظر بجدية لا الكيل بمكيالين لما يحدث في الاراضي الفلسطينية .
تعد عملية "طوفان الاقصى" ضربة موجعة للحكومات التي طبعت والدول التي تحاول التطبيع مع الكيان الصهيوني حيث سيتوقف التطبيع بين إسرائيل والسعودية وعودة الرياض لموقفها التقليدي.
ان تاكيد إمكانية إبرام اتفاق "سلام تاريخي" مع السعودية، سيكون ذا أهمية كبرى لإسرائيل نظرا لثقل المملكة السياسي والاقتصادي ورمزيتها في العالمين العربي والإسلامي لكن طوفان الاقصى جعل المملكة العربية السعودية في موقف لاتحسد عليه وانها لن تخطو على الاقل في الوقت الحاضر باتجاه التطبيع.
تلقى اتفاقات التطبيع معارضة شديدة من الشعوب العربية وكذلك من الفصائل الفلسطينية مثل حماس، إضافة إلى كامل محور المقاومة لانها تضعف من موقف السلطة الفلسطينية وتنهي امال الشعب الفلسطيني في دولة امنة مستقرة ومستقلة وستكون في طي النسيان في ظل تهافت الحكومات للتطبيع مع الكيان الصهيوني .
ورغم اعلان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو أن حكومته في حالة "حرب" بعد هجوم حماس، في تبدل جذري عن الخطاب الذي ألقاه الشهر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ورأى فيه أن اتفاقات التطبيع مع ثلاث دول عربية في العام 2020 أطلقت "عهدا جديدا من السلام" الا ان قرار الحرب اقر بعد كسر شوكة الجيش الصهيوني وانتكاسته وبالتالي سيمنحه مساحة واسعة دون قيود في اتخاذ خيارات العدوان على المدن الفلسطينية والتهجير والقتل والتدمير بشكل عدواني حيث استمر القصف الصهيوني على غزة دون انقطاع .
.وربما ستمر العلاقة بين جمهورية ايران الاسلامية والمملكة العربية السعودية بفتور لاختلاف المواقف تجاه القضية الفلسطينية ونوع التصريحات بين ايران المؤيدة للمقاومة وبقوة وبين السعودية التي تدعو للتهدئة وهي تطمح بالتطبيع مع الكيان الصهيوني .
اعتقد ان الاستراتيجيات القادمة على المستوى السياسي الدولي والعسكري الفلسطيني ستاخذ اشكالا ومسارات اخرى مختلفة عن السابق وان تاريخ اليوم واحداثه وتداعياته لن يكون كالامس على المستوى الاقليمي والدولي واصبح من الضرورة ان يقف المجتمع الدولي بجد ويطبق قراراته التي اصدرها بحق الشعب الفلسطيني الذي عانى كثيرا بفعل السياسات العدوانية التي تنتهجها حكومة بني صهيون.
https://telegram.me/buratha