واثق الجابري ||
زيارات مفاجئة الى تل ابيب ،وصول أربعة من كبار المسؤولين الامريكيين، وزيرا الخارجية والدفاع ومستشار الامن القومي، ثم الرئيس بايدن، تلاها وصول رئيس وزراء بريطانيا مدججًا بالسلاح، ونزل بشكل غير رسمي، ووصول الرئيس الفرنسي الذي أخر زيارته بطلب اسرائيلي لأسباب غير معروفة، وربما تكون أمنية.
تلك الزيارات المفاجئة، لم تكن مفاجئة لمن يعرف اسباب وجود هذا الكيان ودعمه، وجعله يتمرد على القرارات الدولية، لكن الفرق أن اللعب أصبح مكشوفًا، ولا حياد في المواقف وكلٌّ قدم أوراقه علانية.
يعترف العالم برمته أن فلسطين محتلة، وحق البلد المحتل مقاومة قوى الاحتلال، إلاّ أن الجميع في المجتمع الدولي يعترفون بالكيان الغاصب رغم تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها هذا الكيان، وأعطوه الحق بقتل واعتقال وإهانة كرامة من يشاء من الفلسطيينين حتى لو كان اعتراضه على الاحتلال بإشارة، وما يريده المجتمع الدولي إغماض العيون عن صورة لا يمكن أن يتقبلها إنسان ويبحث النتائج، بعد اعطاء الكيان حق سلب الحقوق والمعاقبة الجماعية وهتك الكرامة الانسانية؛ بذريعة الدفاع عن النفس وهو في حال الهجوم.
لا يمكن لعاقل التصديق بأن كل هذا الدعم الدولي والجيوش، لغرض اقتحام غزة فحسب، أو أن قتل الاطفال والنساء والشيوخ وهدم المنازل على ساكنيها، لأنهم خطر على المنظومة الدولية، وهذه البقعة لا تساوي شيئًا قياسًا بالمساحة وعدد السكان بالنسبة للعالم، لكنها تساوي كل شيء للفلسطينين، بل هي الكون برمته وأكبر، وتساوي عند تلك الجيوش الجرارة والسلاح الفتاك، مراهنة على كل ما فعلوه منذ عقود من أجل انتزاع قيمة القضية، حتى صار كل طفل في غزة أخطر من صاروخ نووي وهو مرمل بتراب وطنه بين الانقاض، وعلى وجهه دماء تضحية ورفع اصبعيه ملوّحًا بالنصر، وكأنما وضعهما في عيني، منظومة ومنظمات دولية ومجلس أمن، وضعوا كلهم حق الجاني والضحية في كفة واحدة، وأعطوا للقاتل حق التمثيل بالمقتول.
إن الكيان الصهيوني هو القلعة المتقدمة للدول الداعمة والمتحالفة معه، والتي وضعت فلسطين مثالاً لما يفعلونه بالشعوب التي ترفض سياساتهم، ووافقهم حكامٌ همهم البقاء في الحكم مقابل الكرامة والتنازل عن القيم والشرف وقول كلمة الحق، وبذلك كان الكيان مركزًا لتطبيق مشاريع كبرى، ومصدر النزاعات الاقليمية، التي أوهمت دولًا أن حلولها بالتعلق برقبة من كان سببها المباشر أو من يقف خلفه، وغزة صارت قيمتها حجم الكرة الأرضية، ونقطة اتزان العالم، وكل طفل ذاق هول الصواريخ المدمرة والاسلحة المحرمة، صار مشروع مقاومة، منهم من رضع تراب موطنه المغمس بدماء التضحية، وتعلم من طفولته نقشًا في الضمير ما هي قيمة المقاومة.
تهاوى الكيان فتسارعت دول كبرى لإنقاذه، ولإيقاف كشف زيف ادعاءات المناداة بحقوق الانسان والدفاع عن الحريات، ولكنهم لم يستطيعوا من أي انسان في المعمورة؛ لماذا لا يُعطى حق العيش والدفاع عن النفس للفلسطينيين بينما يُعطى لغيرهم؟! والمشروع ليس غزة أو كما يدعون دفاعًا عن النفس ومدنيين صهاينة، وردًّ على مدنيين عزل أكثر ضحاياهم اطفال، أنه أبعد من غزة، لكن صمودها وصبر اهلها وشجاعتهم، جعل كل فرد منهم مقاومًا، حتى ذلك الطفل الذي يتوسد الركام جريحاً، وهو يلتف بعلم بلده ويرفع شارة النصر، أو تلك الأم التي تزغرد حين علمت بولدها شهيدا، ورجل يقول فقدت منزلي وعائلتي وكل ذلك فداء لفلسطين، ومثل هؤلاء لا تقهرهم صواريخ، وكل ضحية صار سلاحًا اكثر فتكاً بالمؤامرات الدولية، اصمّت آذانَ وأعمت عيونَ، مَن لا يزالون لا يسمعون هول الاسحلة الفتاكة ،ولا مشاهد ترويع الأطفال.
https://telegram.me/buratha