جبارعبدالزهرة
هذه العبارة المؤلمة والتي صدرت عن طفلة عربية سواء كانت من اهالي غزة او من غيرهم من اطفال العرب الذين يعانون من آثار الصراعات المسلحة والتي تدور رحاها على ارض العرب نيابة عن اطراف الحرب الحقيقيين0
فالعرب يسفكون دماء بعضهم البعض ويخرِّبون مساكن بعض البعض ويمِّزقون اشلاء بعضهم البعض ، فنسائهم لا يعرفن طعما للراحة خوفا على المعيل وفلذات الاكباد وأطفالهم في بكاء وصراخ وعويل وهلع ورعب من المصير المجهول وفي فرار دائم وهروب مستمر من الموت الذي يلاحقهم من مكان الى مكان 0
وثمرة الحرب في الناهية نهاية المطاف يجنيها ويحويها ويتمتع بها محرضوهم تجار الحرب القابعون خلف الكواليس براحة جسم ودعة طبع ووداعة بال وطمأنينة نفس حول موائد القمار وفي بيوت الدعارة وفي مجالس الخمر وصالات المقامرة وجلسات تعاطي المخدرات 0
والتي تنم عن الصدق الآم الاطفال عندما يعانون من الجوع والعطش وعندما يتعرضون لموجات البرد القارص فجسم الأنسان يشعر بالبرد اكثر عندما يتعرض الى الجوع المقرون بالخوف من الموت الذي يحوم حولهم 0
بعفوية غضاضة العمر المتألمة والخائفة من المصير المجهول تحت هدير وشضايا صواريخ القصف الجوي والأرضي الإسرائيلي ومما تتعرض له من مخاطر وكوارث على يد وحشيته وقسوته وانعدام رحمته 0
وببراءة الطفولة المفجوعة بفقدان حنان الأم والأب وصحبة الأخ والأخت واللعب معهم بمرح وحبور والمرعوبة من ضياع الشعور بالأمن من الخوف، ذلك الأمان الذي يحتاجه الكبير والصغيرعلى حد سواء فبدونه لا حياة مستقرة وهادئة ومطمئنة ، وبدون ألأمان لا يحلو العيش ولا يطيب الوجود ولا يهدأ البال ولا تأنس العين 0
فالأمن والأمان من أهم مستلزمات ومقومات الحياة ويأتي بعد الطعام في الأهمية وقد ذكره الله في القرآن في سورة الإيلاف فقال سبحانه :- (لأيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فاليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) 0
وفي سياق معنى الخوف الذي ينبذه ويتحاشاه كل انسان وقفت طفلة عربية او فلسطينية فمعاناة العرب واحدة ومأساتهم واحدة لأن العدو واحد وإن اختلفت مسمياته وتباينت كناه فهو متناغم وواحد في اهدافه وغايته وهي احتلال ارض العرب لأنها غنية بالثروات السمينة والمعادن الثمينة وإبادة اهلها مثلما يجري الآن في فلسطين او ممارسة القتل التدريجي لهم بالإنابة مثلما يجري اليوم في اليمن وسوريا والعراق0
هذه الطفلة التي تحاكي الرشأ الغرير كانت بعمر الورد وميس اغصان الريحان اذا داعبها النسيم العليل عند مروره سحرا على الرياض وقت فجر السعادة وذبول الأجفان على انغام وألحان وحي النوم الوديع 0
وقفت وهي تعاني من السهر الطويل والأرق القاتل على انقاض احلامها تحلم بالخبز والدفئ ، الأحلام التي تحولت الى رماد بين ثنايا عصف رياح الكراهية الإسرائلية وضاعت الى الأبد ولا يجدي البحث عنها صاحبها نفعا بين اشواك رجاءها المغدور في العيش بامن وسلام ودعة وراحة ورفاهية في حجر الأم الرؤم ولطفها وبين احضان الأب الحنون ورأفته0
فالطفل الفلسطيني عندما يولد يشكل مصدر رعب وقلق لدولة اسرائيل واذكر وانا اروي بعض الأخبار اعتمادأ على معايشتي لأحداثها او معاصرتي لوقائعها مستدعيا ذاكرتي ان تجود عليَّ بتداعياتها ، وبهذا الخصوص اذكر تصريحا لرئيسة وزراء اسرائيل السابقة (غولدا مائير) قالت فيه:- ( اصاب بالغثيان عندما يولد طفل فلسطيني )0
تلك الأحلام احلام الطفل الفلسطيني هي من الحقوق المشروعة للطفولة والتي اغتالتها صواريخ سلاح الطيران الاسرائيلي فتحولت الى اشلاء ممزقة ضائعة راحت تحت خراب ودمار البنايات والبيوت ودفنت مع اشلاء الأحبة في نومتهم السرمدية الذين قتلوا ظلما ودفنوا مهضومين لا لذنب اقترفوه فهم ابرياء وعزل من السلاح لا يحمل الواحد منهم من طفل وامراة ورجل وشيخ سوى الأمل ان يتركهم الآخر الحاقد بالعيش بعيدا عن الشر والمخاطر 0
وألاّ يقصدهم هذا الآخرالحاقد عليهم بسوء بعد ان سرق وطنهم وشردهم من بيوتهم ولم يكفه ذلك فهو يعمل اليوم مثلما كان بالامس على تغييب وجودهم واستئصال كينونتهم تحت ذريعة ان هذه الأرض ارضه خصصها له التلمود البابلي واعطاه صك امتلاكها تلمود القدس على انها ارض الميعاد وليس هناك ارض خصصها الله لأمة او شعب او قوم من مخلوقاته لقوله تعالى للناس كل الناس ( اسعوا في مناكبها ) وهو دليل على أن الأرض مباحة للأنسان له الحق كل الحق في ان يسافر ويتنقل بين ارجاءها بحرية تامة فلعنة الله والخيرين من الناس على من وضع الحدود السياسية 0
تلك الحدود التي جلبت الويلات للأنسانية وادخلتها في أتون نزاعات وصراعات لا نهاية لها ، فملايين الضحايا راحت في الحربين العالميتين بسبب هذه الحدود المصطنعة ولا زال جرح الإنسانية ينزف دما عبيطا بسبب الكم الهائل من الإنتماءات الذي زرعته بين اهل كوكب الأرض على اساس من العرق واللون والدين واللغة وغيرها 0
فعلى الدوام دوام الحياة يسفك دم انسان هنا وتزهق ارواح اناس هناك لأن هذه الحدود زرعت بين الناس التعطش لسفك الدماء والرغبة في القتل فهي ماردٌ يحمل الشر والويل والثبور والكوارث للإنسانية 0
ولقد كانت هذه الحدود هي التي جاءت بمعاناة اهل فلسطين فهي شكلت عنصر قوة وعامل تأييد لدعوة اسرائيل بالوطن اليهودي الخاص بهم وهو ارض الميعاد حسب ما يدَّعون وهي خرافة او محض هراء فلا سند عقائدي لها في التوراة وليس هناك ما يؤيدها في التاريخ الإنساني 0
رغم ان اهل فلسطين ابرياء كبرآءة الذئب من دم يوسف تجاه الإنسانية التي يقف معظمها اليوم ضدهم مع عدوهم ، فهم المعتدى عليهم وهم المنهوبة اوطانهم وهم المنتهكة حقوقهم في عالم يدعي العصرية والتقدم والتطور، فهم لم يسرقوا وطن احد ولم يغتصبوا ارض انسان لأنهم ولدوا فوجدوا أنفسهم أبا عن جدٍّ على هذه الأرض وطن حنون عليهم وبيت يؤيهم للسكن والراحة0
وملاذ يحميهم من المخاطر وملجأ يحتضنهم من مخاوف الحياة ورعب الأيَّام ومصدر رزق يطعمهم الخبز اذا ما شعروا بالسغب فعندهم من خيراته ما يأكلون ويسقيهم الماء اذا ما شعروا بالظمأ فلديهم من نميره ما يشربون ويحنوا عليهم بالدفئ فلا ينامون بردانين 0
غير أن القصف الإسرائيلي الوحشي الجوي والأرضي نشر بين الفلسطينيين مشاعر الجوع والعطش والرعب والخوف والبرد فصار حال الإنسان الفلسطيني الكبير والصغير يقول (ما عن ناكل وانام بردانين) كحال الطفلة في مخيم اليرموك السوري 0
اكرر على مسامع الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن الذي قال عن الحرب الدائرة في غزة بين الفلسطينيين واسرائيل :- لن نتردد في التدخل عسكريا إذا اتسع نطاق الحرب نحو الأسوأ طبعا يتدخل لصالح اسرائيل بدلا من ان يسعى ال تهدئة الأوضاع وايقاف الحرب وهو قادر على ذلك اكررعليه بازاء اصرارك على استمرار الحرب ضد عرب غزة كم سيبلغ عدد الأطفال الغزاويين الذين سيصرخون بوجهك جراء ظلمك لهم (ما عنّا ناكل وانام بردانين ) الله لا يعطيك ولا يرضى عنك (انقضى من سعدك يوم ومن شقائنا يوم والملتقى عند الله يوم القيامة) 0
https://telegram.me/buratha