أ.د جهاد كاظم العكيلي ||
تُعرف الدول من خلال سياساتها التشريعية والتنفيذية المُنتظمة طبقا للقوانين والأنظمة التي تحدد من خلالها مساراتها الصحيحة في شؤون إدارة الدولة، وعلى ضوء ذلك يتم إتخاذ القرارات المناسبة، ومن ثم التصويت عليها إذا كانت هذه الدول تتبع النظام الديمقراطي ..
وفي سِياق هذا المعنى يعمل كل مسؤول حسب موقعه الإداري الذي يشغله لتنفيذ الواجب المُناط به، وفي أي مستوى تحدده الدولة كالمستوى السياسي او المستوى الإقتصادي او الدبلوماسي..
وهذا ما عرفناه عن قرب لدى عدد كبير من هذه الدول، وعرفنا كيف أن حكوماتها تمارس مهامها على هذه المستويات سواء أكان ذلك على الصعيد الداخلي او الصعيد الخارجي حتى صارت هذه الدول إنموذجا يُقتدى به بين دول وشعوب العالم، لكن واقع الحال الذي يشهده العراق يُشير إلى عكس ذلك في أغلب الأحيان، إذ أن العمل على هذه المستويات يحمل الكثير من التناقضات في مفاصل الدولة العراقية رغم وجود مؤشرات إيجابية ومشرفه، ومنها
ما قام به دولة رئيس مجلس الوزاء محمد شياع السوداني لدى مشاركته في أعمال مؤتمر القاهرة حول القضية الفلسطينية، حيث كانت مواقفه حازمة وواضحة ميَّز فيها موقف العراق بين الأمم وشعوب العالم، وهذا ما كُنا نتمناه ويتمناه كل عراقي بأن يكون العراق على هذا المنهج الواضح الوطني تجاه قضية فلسطين وما يجري من أحداث دموية في غزة ..
وبمقابل ذلك النجاح كان هناك إخفاق واضح لدى بعض المسؤولين العراقيين خصوصا على المستوى الدبلوماسي، مما بدد جهود الدولة في السياسة الخارجية وإنتج لنا صورة ذهنية غير صحيحة عن تلك الجهود وعلى المستووين الداخلي والخارجي، لعل من أهمها تصويت مندوب العراق على (امتناع العراق) عن قرار الهدنة اسوة ببريطانيا وامريكا واسرائيل، وهذا عكس ما تحدث به السيد رئيس الوزراء في مؤتمر القاهرة، ومن ثم بعد فترة استيقظ المندوب من غفوته واراد ان يتدارك الامر وطلب اعادة تصحيح الموقف من ممتنع الى (عدم الامتناع) العراق في الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال تغيير تصويته من (الإمتناع) لصالح الهدنة في غزة وذلك بعد إنتهاء التصويت الذي إمتنعت عنه امريكا وبريطانيا وإسرائيل ..
وقد أثار هذا الموقف إستغراب الشارع العراقي والعربي عقب ظهور أسم العراق في اللوحة الإلكترونية من (المُمتنعين) عن التصويت لقرار الهدنة، وهو أمر إشتكى منه مندوب العراق مُعللا ذلك بوجود مشكلة تقنية واجهته بالضغط على زر التصويت، ولا أحد يعرف حتى الآن ما سر تلك المشكلة التي يتم التحدث عنها لأول مرة في الأمم المتحدة ..
ولأن (الإمتناع) عن التصويت وضع العراق إلى جانب خانة امريكا وبريطانيا وإسرائيل، وهذا بخلاف ما تحدث به دولة رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر القاهرة، ويبرر السيد المندوب بما حدث له في عملية التصويت بأنه واجه خلل فني في أجهزة التصويت ..
ولا نعرف أن أجهزة التصويت كانت حروفها واضحة أم لا، لكن الثابت أن جميع الدول المشاركة صوتت بإنسيابية عالية من دون أن تدعي أي دولة أنها واجهت مشكلة فنية او اي خلل في التصويت كالذي واجه مندوب العراق ..
وفي كل الأحوال فأن هذا الخلل بحسب إدعاء المندوب شكَّل حالة من التناقض وعدم التجانس والتطابق في السياسات الخارجة العراقية التي أعلن عنها دولة رئيس الوزراء في مؤتمر القاهرة ..
إلى متى يعيش العراق في الحالة الإهتزازية وعدم فهم العمل الدبلوماسي بشكله الصحيح الذي تسبب بإحرجنا أمام الرأي العربي والإقليمي والإسلامي ..
ـــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha