رياض سعد
إنّ أهميّة دراسة التّاريخ تكمن في كون التّاريخ من أهم العناصر الّتي يستند عليها أي مجتمع في تطوّره أو انحطاطه ، إنّ التّاريخ هو الّذي يشهد على الماضي والحاضر، وما يمكن أن يكون عليه المستقبل... ؛ ولعل أكبر ما يعاب على اغلبية ابناء الأمة العراقية حاليا أنها لا تقرأ ؛ وقد لا تعي ما تقرأه ، ولا تبغي لمسلك القراءة سبيلا ... ؛ فالشعب الواعي هو الشعب الذي يقرأ التاريخ بتمعن و روية وموضوعية ؛ ليرجع اليه ويتخذه نبراسا في طريقه ليكشف له ضباب الطريق ويزيل عنه الغبش ... ؛ ليبني الحاضر ويشيد صرح المستقبل ؛ فالتاريخ أعظم معلم للبشرية ، فيه الحِكم والعبر، و فيه التجارب والسير، ومنه نعرف الصواب فنتبناه، ونعرف الخطأ فنتفاداه... ؛ نعم التاريخ يعرفنا بالتجارب النافعة والصحيحة والمجيدة كي نتبناها ؛ وننظر في اخطاء اسلافنا وابناء الامة العراقية وما ارتكبته الفئة الهجينة من جرائم ومجازر واخطاء فادحة بحقنا , وما فعله الغرباء والاجانب والدخلاء بنا , حتى نتفاداها ونتجنبها كما اسلفنا ؛ فمن الجهل والغباء ان نعثر بالحجر مرتين ؛ فالمفروض بنا ان لا نعيد خطأ الامس الغابر في يومنا الحاضر ؛ وكذلك خطأ اليوم يجب ان لا نكرره غدا ؛ بل نقومه ونصححه ونسدده ... .
التاريخ أصل ومنه تتفرع الفروع ؛ فأمة بلا تاريخ موثق وذاكرة موثوقة ؛ ميتة او تحتضر ؛ فمن لا أصل له لا فرع له ، والذي لا يهتم بالتاريخ لا هُوية له , وما ينفك أن يكون إِمَّعة عَالةً على غيره شاغرا فاه انبهارا بالغير، مغلوب على أمره ؛ ومطية يمتطيها الاخرون من الغرباء والدخلاء والاجانب او حتى ابناء جلدته المنكوسين ... ؛ وعليه لا تستغرب من بعض الامعات والجهلة العراقيين من الذين يغضون الطرف عن تاريخهم الطويل والعريق ؛ ويلهجون بتاريخ اعداءهم احيانا ؛ وصدق ابن خلدون عندما قال : (( أن المغلوب مولع أبداً بتقليد الغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده )) .
البعض يستشكل علينا ويقول : وما فائدة قراءة تاريخ لزمان ولّى وغبر ؟ فلْنُشغل أنفسنا بما نحن فيه فذاك أولى ...؟!
وللإجابة على هذا الاشكال ؛ اقول : طالما ردد بعض فلاسفة التاريخ هذه المقولة : (( الهدف من دراسة التاريخ ليس اجترار الآلام ، ونبش الماضي بروائحه المتعفنة واسترجاع الصـور المبكيـة ، وإنما هو أخذ العبرة من الماضي ... )) .
ولن تجد حاضرا من دون ماض ؛ ومن الواضح ان الحاضر نتاج ارهاصات ومقدمات الماضي ؛ كما ان المستقبل يعتمد على احداث وقرارات وحيثيات الحاضر وتداعياته ومخرجاته .
الماضي الذي كلف الامة العراقية ولاسيما الاغلبية الاصيلة منها ؛ مئات الآلاف من خيرة أبنائها ؛ بل الملايين من الضحايا العراقيين ومن مختلف الطوائف والطبقات والفئات والجماعات والشخصيات ؛ نعم كانت حصة الاسد من الاجرام وانتهاكات حقوق الانسان للأغلبية سابقا , كما ان حصتهم من مجازر الارهاب حاليا اكثر من غيرهم ايضا ... ؛ لا يمكن نسيانه او تجاهله ، ولكي لا يضيع الماضي سـدى ؛ ولكي لا ننسى ،لابد لنا من تسليط الاضواء عليه للاستفادة من دروسه في الوقت الحاضر والمستقبل كما اسلفنا ؛ اذ ان التاريخ قد يعيد نفسه ما لم يستفاد منه العبر واخذ الحيطة والحذر ... ؛ وعندما نتحدث عن المذابح والمقابر الجماعية واعدامات ( الجملة ) واساليب التعذيب البشعة وطرق الموت والعذاب الرهيبة في سجون الفئة الهجينة ومعتقلات صدام والبعث السرية و التي مارسها نظام البعث التكريتي وصدام في العراق ، أو عندما نسلط الاضواء بصورة تفصيلية على أنواع التعذيب وأساليبه الوحشية ؛ لا نقصد منها سوى أن نعتبر من الماضي المؤلم ، وأن نتخذ كافة الاجراءات والاحتياطات كي لا يعود هذا الماضي الاسود ولا يرجع ذلك الزمن القبيح الاغبر ، ونجتث الأسباب المؤدية لهذا الماضي المروع من جذورها ، ونقف بوجه كل المقدمات السياسية والاجتماعية والثقافية والاعلامية والدينية والتربوية - المباشرة وغير المباشرة - التي تفضي الى تلك النتائج الاجرامية والارهابية من جديد – لا سامح الله - .
و لكن بسبب اهمال الحكومات العراقية وقيادات الاغلبية وباقي مكونات الامة العراقية ؛ وعدم اهتمامهم بهذا الملف الحساس وهذه الحقبة الدموية المظلمة من تاريخ العراق المعاصر والامة العراقية ؛ تعالت الاصوات النشاز المطالبة بعدم ذكر جرائم البعث وصدام وزبانية و شذاذ الفئة الهجينة ؛ لأن تاريخهم لا يُشرِّف بأحداثه البشعة ومجازره الرهيبة ومقابره الجماعية ومعتقلاته السرية وحروبه العبثية ... الخ ؛ بحجة التركيز على الحاضر ومشاكله وهمومه ؛ والتطلع الى المستقبل , واسدال الستار على التاريخ الاجرامي والارهابي للنظام البعثي الهجين ؛ بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك ؛ اذ تغنى بأمجاد البعث الكاذبة وبطولات صدام الوهمية ؛ حتى وصل الامر بالمنكوس الهجين والمدعو اسد صدام ومن خلال قناته المشبوهة ؛ الى الدعوة بالافتخار بما ارتكبه صدام والبعث من جرائم ضد الانسانية والطفولة والشعب الاعزل ؛ قائلا : (( انشروا ما يسموه جرائم البعث وصدام وتفاخروا بها ولا تخجلون منها )) بل وصلت به الخسة والدناءة والاجرام ان يتوعد ابناء الاغلبية والامة العراقية الاصلاء في احدى تسجيلاته – ومن على قناته في اليوتيوب - ؛ قائلا : (( الا نسويكم باسطرمة واحن خبراء بالباسطرمة ...)) ويقصد بهذا الكلام : انهم خبراء في تقطيع اللحم البشري والتمثيل بالجثث وتعذيب الناس وهم احياء وذلك من خلال تقطيع اوصالهم واعضائهم ... ؛ ويتباهى بهذا الاجرام والارهاب ويتفاخر بهذه الوحشية والهمجية والدموية ...!!.
ان هذه الدعوات المنكوسة التي تطالبنا بالتغاضي عن جرائم الزمر والشراذم البعثية والصدامية والطائفية ؛ بحجة التركيز على الحاضر ؛ او بدعوى محاربة الطائفية , وشق الصف الوطني ؛ كلمات حق يراد منها الباطل والدجل والتزييف وطمس وتزوير الحقائق , وتضليل الرأي العام , واستمرار النهج الدموي والاجرامي والارهابي ... ؛ وينقل لي احد الاساتذة أن الكلام عن جرائم البعث أضحى محرما سواء كان البعثيون في السلطة أو خارجها... ؛ في اروقة الجامعات العراقية والكثير من دوائر ومؤسسات الدولة ...!! .
والمؤسف أن البعض مازال يعتقد أننا إذا ما أشرنا إلى دور البعثيين في الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا اليوم، قالوا : إننا نبالغ ونعطي البعثيين دوراً أكبر من حجمهم، مدعين، أو معتقدين بسذاجة، أن البعث قد قبر وولى ... ؛ فمعظم العصابات الإرهابية والزمر التخريبية هي تابعة لفلول البعث وازلام صدام وتحت أسماء إسلامية او حتى مدنية وهذه حقيقة غفل عنها كثيرون من أصحاب النوايا الحميدة .(1)
فالبعثيون معروفون بقدراتهم على التلون وارتكاب الجرائم وراء مختلف الواجهات وحسب متطلبات المرحلة ؛ وابسط مثال عن دورهم أيام ثورة 14 تموز عام 1958 ، وكيف كانوا يلبسون ملابس المقاومة الشعبية، ويضعون شارات حمامة السلام على صدورهم للإيحاء بأنهم شيوعيون، ويندسون في المظاهرات، ويطلقون هتافات مسيئة للأعراف والمعتقدات الدينية، وحتى قاموا مرة بتمزيق القرآن ليتهموا الشيوعيين و يسيئوا لسمعتهم وسمعة الحكومة آنذاك ... ؛ ونعرفهم كيف تحالفوا مع الكورد ونكثوا بهم، ومع الشيوعيين وانقلبوا عليهم، وكيف أرسلوا وفداً من رجال الدين في السبعينات للتفاوض مع الأكراد، محملين بحقائب مفخخة لاغتيال الملا مصطفى البرازاني ، وقد أودى الحادث بحياة هؤلاء، وسلم منها البرازني بأعجوبة... ؛ فحزب هذا تاريخه الأسود، ما الذي يمنعه من لبس ثياب الدين والمدنية ...؟! ؛ نقول هذا لا من باب التكهن والتخمين ، بل هناك معلومات مؤكدة من جهات ذات إطلاع عن قرب، اذ أن معظم قادة هذه التنظيمات "الإسلامية" الارهابية كانوا ومازالوا قياديين في حزب البعث وتنظيمات بعثية مثل : فدائيي صدام، وأصدقاء صدام وضباط المخابرات والاجهزة الامنية ...الخ.
أجل، يطالبنا هؤلاء بأن ننسى جرائم البعث، ويتهمون كل من يذكِّر شعبنا بجرائهم بأنه مهووس بالبعث ، بل ويتهم بالطائفية والعنصرية ... ؛ تصوروا ويا للسخرية ، ان يتهم هؤلاء المجرمون الطائفيون والجلادون العنصريون والقتلة المنكوسون خصوم البعث الاحرار واعداءه الوطنيين بالطائفية والعنصرية ... !! .
البعث الذي قام بتهجير نحو مليون عراقي لأسباب طائفية وعنصرية بتهمة التبعية الإيرانية، وارتكب جرائم الأنفال وحلبجة ضد الأكراد لأسباب عنصرية، ودمر الأخلاق العراقية وسحق القيم والمثل والمبادئ السامية الوطنية ، وأعاد المجتمع إلى عصر الجاهلية والقبلية والتخلف والهمجية والعنف والدموية ... ؛ وكتب شعارات ( لا شيعة بعد اليوم ) على عجلاته العسكرية اثناء فترة قمع الانتفاضة العراقية الخالدة عام 1991 ... الخ ؛ يدعي هؤلاء الاوغاد بكونه ليس طائفيا وعنصريا ؛ فإذا لم يكن البعث طائفيا وعنصريا فمن الطائفي والعنصري يا ترى ...؟!
معظم هؤلاء الكتاب الذين يطالبوننا بعدم التطرق إلى جرائم البعث هم من البعثيين السابقين والقومجية المنكوسين والمرتزقة المأجورين ، وبعضهم مازال مرتبطاً بهم ويتعاطف معهم... ؛ فخلال 35 سنة من حكمهم الجائر، تفننوا في أساليب التضليل وخداع الناس، وعرفوا كيف يقسموا الأدوار كلا حسب اختصاصه ، لذا تراهم الان يعملون على عدة جبهات وبمختلف الواجهات والألوان ... ؛ فريق لبس ثوب العفة والوقار ليقوم بدور الواعظ العقلاني ؛ ينصح بنسيان الماضي وترك البعث المقبور ... ؛ وفريق آخر يقوم بصنع الإشاعات المغرضة ضد عراق ما بعد صدام ، ويبالغ في حجم الفساد والتبذير في الأموال، وشظف العيش، وفريق ثالث لم يتردد حتى بالتظاهر بعدائه للبعث ولصدام من أجل أن يضفي المصداقية على أقواله ويكسب ثقة القارئ، وآخرون يقومون بالإرهاب وحرب الإبادة، ليقوم إعلامهم بتبرئة الإرهابيين من الجرائم وإلقائها على الحكومة فيما بعد ؛ ويصرخوا , قائلين : (ابحثوا عن القتلة في معطف الحكومة ... !!)، وفريق خامس يشاركون في الحكومة والبرلمان يطالبون بإصدار قانون العفو العام عن الإرهابيين...؛ ويعرقلون عمل الدوائر الحكومية وينشرون الفساد والمحسوبية في وزارات الدولة ... ؛ وهكذا تتنوع أساليب البعث وحسب متطلبات المرحلة والأدوار... الخ .
هؤلاء يريدون منا ان لا نتعرف على جرائم ومجازر البعث وصدام ؛ وننسى ما فعلوه بنا , ونغض الطرف عن كل تلك المجازر وجرائم التطهير العرقي والطائفي المريرة , ونتجاهل خطاب الدولة الرسمي ؛ خطاب : (( الطر والمنكنه )) ؛ فمن منا ينسى خطاب السفاح صدام الذي قال فيه انه يطر العراقي اربع وصل ؛ او عندما يقول : لو انه ذبح عشرات الالاف من العراقيين العزل من اعداء الثورة كما اسماهم ؛ لما رف له جفن ... ؛ او المعتوه المأفون ابنه الكسيح عدي عندما رغب في وضع رؤوس البعض في ( المنكه ) والضغط عليها بهذه الالة ؛ من باب المثال ومن على شاشة التلفزيون الرسمي وامام الملايين ؛ وكذلك عندما تكلم كأبيه بطر الشخص الواحد الى اربعة او خمسة اوصال ... !! .
وبعد كل هذه الأهوال والبشاعات، يطالبنا هؤلاء بلا حياء ولا خجل ، بعدم التطرق إلى جرائم البعث... ؛ ويعيدون بتكرار ممل أن البعث قد أنتهى وقبر ، ولا يجوز تعليق غسيل الوضع الحالي على شماعة البعث ... !! .
والمجتمع هو وحدة بشرية متكاملة ؛ كالجسم الإنساني روحا وجسدا وأي أذى يصيب عضوا فيه يصيبه كله ؛ وهذا حال المجتمع العراقي الاصيل والعراقيين الاطايب الكرماء , ومن الهموم الى ارقت جفون احرار وابناء العراق الاصلاء واصابتهم بالحزن والاذى ؛ صورة الأمهات العراقيات والنسوة الاصيلات اللواتي فُجِعْنَ بأبنائهنَّ وازواجهن وابائهن من الذين قضوا في حروب وسجون الطاغية الجبان المشنوق النافق صدام , بالإضافة الى الابطال الاحرار من الذين قارعوه وعارضوا اجهزته الامنية الوحشية وزبانيته الانذال الاوغاد ، فالمجتمع العراقي الاصيل ينظر إلى أبنائهن وازواجهن واخوتهن … بأنهم أبطال وضحايا وطنٍ جريح وشهداء أمة عراقية عظيمة وهم أحياء عند ربهم يرزقون , لانهم ماتوا مظلومين ، لكن أمهاتهم بالإضافة إلى ذلك ينظرْن إليهم أنهم لا يزالون أبناء صغارا ... ؛ وحتى لا ننسى شهدائنا وضحايانا في حروب صدام العبثية ومعارك الوكالة والنيابة عن الاخرين ؛ اليكم احدى الشواهد التي يريد البعثية والصدامية منا نسيانها ؛ ففي فترة عقد الثمانينات من القرن المنصرم والتي كانت تمثل محرقة للشباب العراقي ومطحنة للعراقيين ؛ تأكل ارواحهم بلا رحمة ؛ و تستنزف اموالهم وتخرب مدنهم ... ؛ بسبب الحرب وخسائرها وتكاليفها وآلامها وهمومها ومواجعها ومجازرها ... ؛ كان اشاوس الخرط البعثي الاشتراكي وابناء الفئة الهجينة واوغاد تكريت يناضلون ويقاتلون من خلال الردح والرقص والسكر في السفارات العراقية وبمختلف النوادي الليلية ... ؛ وهنالك تسجيل مصور ينقل سهرة ببيت السفير العراقي في الكويت جبار عمر هاني عام 1984 وقتذاك ؛ حيث السكر حد الثمالة , والعربدة والدعارة و ( الكوادة ) ؛ والرقص والقهقهة بين الفنانين العراقيين، والمصريين والخليجيين ...!! .
مخطئ من ظن يوماً أن للبعث مبدأ او دين لأنه لقيط الفئة الهجينة وهي متلونة ؛ وتبدل جلدها في كل مرحلة كالحرباء ... ؛ فالبعض يعتقد ان ظاهرة البعث الاجرامية وظاهرة داعش الارهابية ؛ هما ظاهرتان متلازمتان ؛ الا ان الحقيقة تكشف عن كون منبعهما وفكرهما وسلوكهما واحد ؛ لا يختلف البعث عن داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية في شيء ؛ سوى الشعارات الكاذبة والادعاءات المنكوسة ؛ فهما تعدد ادوار و وحدة عقيدة وهدف , ولو فهمنا ظاهرة البعث الاجرامية وكشفنا حقيقتها الجوهرية ومعدنها الرديء ؛ لتبين لنا وجه الصلة بين اجرام البعث السابق وارهاب الحركات الارهابية الطائفية فيما بعد ؛ وعمق العلاقة فيما بينهما ؛ فهما وجهان لعملة واحدة , فما هذه التنظيمات الارهابية المتلثمة بقناع الدين والمتسترة برداء الاسلام الا حية رقطاء وافعى سوداء ؛ وامتداد لمسيرة ونهج حزب البعث الصدامي الهجين ؛ وان اختلفت المسميات والعناوين والمظاهر ؛ فالنهج والهدف واحد ... ؛ ولذا لا يمكن القول بأن جرائم حزب البعث أقل من جرائم "داعش" بل هي استنساخ وامتداد وتطوير لها من حيث وسائل التعذيب وإبادة الإنسان باستخدام منهج التخويف والترهيب والذعر لإذلاله وتخويفه لإطاعة الحاكم وازلامه.(2 )
ومن الواضح إن قادة حزب البعث المجرمين و زبانية وصدام الجلادين ؛ قد دعموا إنشاء داعش في سوريا والعراق خلال المدة 2012 - 2013 ، بمساعدة أجهزة المخابرات في بعض الدول العربية والأجنبية ، وشارك الآلاف من عناصر البعث وابناء الفئة الهجينة وشذاذ ومنحرفي الطائفة السنية العراقية الكريمة ؛ من الذين كانوا ينتمون لمختلف أجهزة القمع الصدامية ... ؛ في ارتكاب ابشع الجرائم الرهيبة والتفجيرات الكبيرة والعمليات الارهابية الرهيبة وارسال الانتحاريين والمفخخات المدمرة ... ؛ واحتضنوا الاف الغرباء والاجانب والدخلاء كما كانوا يفعلون اثناء حكمهم الهجين في الماضي ...؛ وصدق العراقيون عندما قالوا : ( ابو طبع ما يبدل طبعه ) .
لم يكتف الاعداء واتباع الخط المنكوس وابناء الفئة الهجينة ومرتزقة واقزام واوغاد الامة العراقية ؛ بالتستر على جرائم نظام البعث وصدام سابقا , وعدم ذكرها في وسائل الاعلام العراقي والعربي والاسلامي والعالمي ؛ طيلة تسلطه على الشعب العراقي لمدة 35 عاما ... ؛ بل راحوا الان يتغنون بأمجاده المزيفة وبطولاته الوهمية .
يريدون منا ان ننسى قضايانا وهمومنا وآلامنا ومجاعاتنا وعذاباتنا وسنوات الحديد والنار والجمر ... ، نحن الذين شطبت سنوات عديدة من اعمارنا وسرقت عقود من حياتنا ، وليتها شطبت ايضاً من ذاكرتنا المثخنة بالجراح والكدمات ، في اقبية السجون والمعتقلات المظلمة ، وغرف التعذيب المجهزة بأنواع الوسائل المبتكرة لصنع الألم وايصاله الى ابعد خلية في الجسد وادق شعيرة فيه .
نعم الذي لا يعرف خفايا التاريخ وحقائق الاحداث والوقائع ؛ يصدق بالأوهام والمسرحيات السياسية ؛ فقد كان الدستور المؤقت لعام 1970 ؛ قد اقر المادة (14) من الميثاق العالمي لحقوق الانسان المدنية والسياسية، وهذه المادة ضمنت لكل شخص الحق في ان تنظر قضيته بصورة عادلة امام محكمة مستقلة ومنصفة ... ؛ ولكن البعثيين الذين تظاهروا بإقرار هذه المادة شكلياً ؛ لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون ، تجاهلوها واقعاً وعملوا بالضد منها، فالمحاكمات كانت تجري امام هيئات غير قضائية، وعلى شكل محاكم خاصة واستثنائية تضم ممثلين حكوميين ومرضى طائفيين و همج قرويين ، وتصدر احكاماً بالإعدام يتم تنفيذها على الفور، بعد اجراءات تحقيق صورية مع المعتقلين السياسيين وغيرهم من الابرياء والبسطاء من ابناء الاغلبية والامة العراقية ؛ في اقبية المعتقلات وغرف التعذيب الجسدي والنفسي، وبوسائل غاية في الوحشية، ومنافية لكل الاعراف والمواثيق والقوانين لانتزاع الاعترافات الجرمية المزيفة واعتمادها ادلة ضد المعذبين، وهذه الاجهزة القمعية والهيئات القضائية الباطلة والحاقدة كانت تستوحي اجرامها وافكارها المنكوسة وارهابها من افكار السفاح صدام الذي كان يمثل راس الهرم الاجرامي والارهابي ؛ فكل الاجهزة الامنية خيوطها بيده ؛ وكل الاحكام القضائية التعسفية الظالمة ترجع اليه ... ؛ وقد شكل البعثيون بعد سنتين من تسلمهم الحكم في عهدهم الثاني ، محكمة خاصة برئاسة المجرم الهجين الجزار طه الجزراوي وهو رجل لا علاقة له بالقضاء والقانون، ولكنه مقبول لأنه من ازلام النظام المجرمين ورموزه الدموية الموثوقة، ولأن المحكمة محكمة هجينة خاصة، أي لا علاقة لها بالشروط القانونية والانسانية والوطنية الواجب توفرها في المحاكم وهيئاتها ورئاستها.(3)
أن دراسة التاريخ تجعل المواطن العراقي ؛ يعرف صديقه من عدوه ؛ وكيف يفكر خصمه وعدوه ؛ وما هي اساليب مكره وخداعه وغدره ؛ وكيف يخطط للإطاحة بالوطن والمواطن ؛ ، إذ إن الإنسان هو نفسه مذ أن خُلق ؛ ولا امان للأعداء ابدا ؛ فالحذر كل الحذر من الايادي الخبيثة التي تحاول طمس ارث الشهداء والضحايا من ابناء الاغلبية والامة العراقية ؛ لكونها مجازر تطهير عرقية وطائفية ؛ وجرائم ضد الانسانية والحضارة والهوية العراقية .
..........................................................
1- وعن جرائم البعث لا تتكلموا إن الكلام محرّم / الدكتور عبد الخالق حسين / بتصرف .
2- حزب البعث و داعش منهج واحد في انتهاك حقوق الإنسان / وليد الحلي / بتصرف .
3- على هامش محاكمة العصر .. صفحات من ذاكــرة العراقيين عن المحــاكم البعثـــية وقضايا لم تعرض على محــاكمة العصــر / صافي الياسري / بتصرف .
https://telegram.me/buratha