محمد الحسن ||
انقلبت الدنيا عند العرب، وضجت محطاتهم الاعلامية بمئات من ساعات البث التلفزيوني، كتّابهم، نخبهم، وساستهم.. الفنانون ابدعوا في صناعة صور وفيديوهات متنوعة لكشف الجريمة والمجزرة التي راحت ضحيتها المواطنة الايرانية (مهسا اميني) ذات الاصول الفارسية..! ثم يأتي من يقول انّ العرب يكرهون الفرس، اي غباء هذا؛ فالامة التي تنتصر لمهسا اميني الفارسية، هي امّة حيّة. وحياتها تجلب بالضرورة الكرامة والحياة لابناء جلدتها.
لم يمضِ وقت طويل على غياب اميني عن ساحة ايران.. حدثت الفواجع في غزّة، مستشفيات يرقدها مصابون بالامراض السرطانية والفشل الكلوي يتم قصفها، مساجد تهدم على رؤوس من يرتادها، كنائس تغور تحت الارض مع رهبانها، مساكن وعمارات تقتلع من جذورها، اطفال تقطّع اشلاءهم وشيوخ يرحّلون الى اكياس جمع الاشلاء.. تجاوز العدد الآلاف، وما زال الرأي العام الرسمي العربي صامت!
صمته عن الابادة التي يتعرض لها ابناء غزّة العرب، وبكاؤه الطويل على فقدان مهسا اميني الفارسية؛ يمثل إقرار بدونية الدم العربي وفوقية دماء القوميات الاخرى بما فيها الفارسية. بكاء السعودية والامارات على شابة ايرانية، يمكن ان يندرج في خانة الانسانية المعذبة وحقوق الانسان وصيانة الحريات، واقامتهم المهرجانات والحفلات الصاخبة بالتزامن مع سيول الدماء في غزّة، دليل على عمالتهم وخستهم ونفاقهم، بل دليل واضح على كونهم توابع واذناب للكيان الغاصب.. هذا حال تلك البلدان التي تدير فرق الذباب في العراق ولبنان وسوريا وايران؛ فماذا يمكن ان نسمّي او نوصف ذبابهم؟!.. يبدو انهم اعترفوا مسبقا؛ مسها اميني تشرّفهم كلهم من حكام وملوك وانظمة وجيوش وذباب، فهل بقي مكان لعتب على قومٍ يتشرفون بجاسوس، ويصمتون عن الاهانات اليومية التي يتعرضون لها؟.. لا عتب، ولكنّهم حقراء يرفضوون الكرامة.
https://telegram.me/buratha