معرفة التكليف في زمن الغفلة..
كوثر العزاوي ||
وردت وصايا كثيرة ضمن روايات صحيحة السند عن أئمة الهدى"سلام الله عليهم" تخبرنا عن زمانِ غيبة إمام العصر"عجل الله فرجه" وما سيكون في هذا الزمان من المفاسد، ووقوع الفتن والفرقة، واختلاف الأمة والتناحر، وإشاعة الجور والفجور، وذهاب الغيرة، وغير ذلك من أنواع الضلال، بحيث وكما ورد أنّ الملائكة تتعجّب من الشخص الذي يموت على الإيمان! ولعل من البديهي أن نرى غلبة الضَلال سنّة في البشر لامناص منها ولآلاف السنين حتّى في المسلمين منهم، ولكن لا على نحو الدوام، كما توضِّح كثير من الآيات، مثلُ صريح قوله تعالى: {اسْتَعِينُوا بِاللهِ واصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادهِ والعَاقِبَة لِلْمُتَّقِين}الاعراف ١٢٨ وهذا دليل على أنّ ثمة يوم يكون فيه نهاية أشكال الظلم والطغيان، وتلاشي الضلال، وإزالة الجور والعدوان، والقضاء على الاستكبار، وفناء حکومات الاستبداد والتجبّر، واستبدالها بالمؤمنين الصابرين، وهو بلاشك أمر حتميّ بإرادة الله تعالى ومشيئته، كما انه الوعد الحق بتحقيق حاکميّة الله تعالى في الارض، وهو مرهونٌ بصبر المؤمنين وثباتهم على الحق والتمسك بالقيم والمبادئ والاستقامة على الطريقة، والاستعانة بالله"عزوجل" مهما طال أمد القهر، لانّ ذلك هو مظهر من مظاهر التقوی والورع الذي تتبلور فيه حتمية تَحقُّق نبوءة: "والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"حيث الفوز والأمل بدنيا مشرقة ومستقبل زاهر واعد، ودولة عالمية عادلة، وهو عين ماتبشّر به الأديان السماوية كلها، والإسلام على رأس المبشّرين بصريح ماجاء في كتاب الله تعالى في موارد عدّة لاتخفى على متتبّع، ولذا فأننا نفهم مما ذكر، أنّ سنّة الضلال مهما تغلّبت فأنَّ الخاتمة ستنتهي بغلبة الحقّ والهدى وشموليّتهما، وستؤول إلى النصر المحض لامحال! فقد وُعِدت البشرية بذلك عند ظهور قائم آل محمد بقية الله في أرضه "عجّل الله تعالى فرجه الشريف"لندرك ويدرك العالم أجمع مدى الحكمة من وجوده، ومدى ضرورة معرفته وتتبّع علامات ظهوره، فضلًا عن استشعار حاجتنا له ومساعدته في تمهيد الأرض، ومساندته في متاهة الحياة وشبهاتها، إذ لابد من تَعهُّدِ الاستقامة في القول والفعل والعمل الصالح سرّا وعلانية، وأن نعي دورنا في ظل الهجمة العدوانية الشرسة على الإسلام والمذهب، من حيث يريد الكفر العالمي بالإجماع، إلغاء الصورة الحقيقية للإسلام المحمدي الأصيل، فالمعرفة والانتظار بالمعنى العملي إنما هو تجسيد لمعنى الحرص على سلامة الدين بما يقتضيه التكليف من خلال السعي الحثيث باتجاه الرشد لتحصيل البصيرة وخوض غمار المعركة، حتى نضمن مساحة التكليف والتشريف المنوطة بنا في دولة التمهيد إيذانًا بالقبول علّنا نبلغ الفتح، يوم لاينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
٢٤-ربيع ثاني١٤٤٥هج
٩-١١-٢٠٢٣م
https://telegram.me/buratha