د.مسعود ناجي إدريس ||
ثقافة الاضطرار الى حجة الله تحل محل الغفلة ويجب استبدال ثقافة الاضطرار بثقافة الغفلة. وللأسف فإن ثقافتنا وحضارتنا الجاهلة التي خلقتها وأنتجتها وصدرتها للعالم بواسطة الصهيونية، تحاول تغطية الألم الإنساني واستبداله بالالم الزائفة.
لان بالتأكيد هذه الحالة شرط من شروط إجابة الدعاء. إن الوصول إلى هذه الحالة هو حالة استجابة الدعاء، ولا سبيل للظهور إلا بخلق الاضطرار، وبما أننا الشيعة والمنتظرين لم يصلوا بعد إلى حالة الاضطرار، أو أننا غافلون عن هذا الاضطرار كيف لنا أن نتوقع الفرج والانفتاح ونحن محصورين في سحر الدعاء!
فبلوغ الاضطرار حاجة وفهم هذه الحاجة نعمة عظيمة. علينا أن نسأل الله أن يجعلنا خاشعين لهذه النعمة وألا يجعل احتياجاتنا الكاذبة نحوه وألا نضيع أعمارنا هدرا لاننا نحتاج إلى حجة الله الذي يأخذ بيدنا ويهدينا في هذا الطريق الطويل.
حجة الإسلام مسعود عالي يناقش ضرورة إجابة الدعاء وشروطه:
قال الامام الباقر (ع):
إذ لم تروا إمامكم، فادعوا الله ففيه قرب فرجكم . وهذا الحديث له نقاط كثيرة، قال الامام الباقر (ع):
إذ لم تروا إمامكم، فادعوا الله ففي دعاءكم الفرج السريع. وهذا الحديث فيه وجوه كثيرة، قال الإمام الباقر (ع): إذا لم تروا إمامكم فاستغيثوا به. وليس معناه الدعاء بالفرج فقط، بل النحيب والبكاء، وليس كفرد، فهذا الحديث موجه إلى الجماعة وفيه أنكم معشر الشيعة تندبون غياب إمامكم وغيبته.
ومتى يشتكي الإنسان وهو يتألم، في الواقع يقول الإمام الباقر (ع) عليكم أيها الشيعة أن تتألموا حتى تتحقق رضا الإمام، وهذا هو أهم شرط لظهوره. حتى لا يحدث هذا الألم، لن يرسلوا العلاج.
وينبغي استبدال ثقافة الاضطرار الى حجة الله بثقافة الغفلة وخلق ثقافة عامة في المجتمع. للأسف فإن ثقافة وحضارة عصرنا الجاهلة التي خلقتها وأنتجتها وصدرتها للعالم على يد الصهيونية، تحاول تغطية الآلام وهموم الإنسان الأساسية واستبدالها بآلام وهموم زائفة.
ثقافة الدجال في عصرنا هذا، كما تعلمون، يقال أن الدجال هو من علامات ظهوره، ومن المحتمل أن تكون هناك ثقافة الخداع والسحر لدى الدجال. وهذه الثقافة أعور، فقد قيل في صفات الدجال أنه له عين واحدة. لديه عين واحدة على الدنيا والأشياء المادية، وليس لديه عين على الله. هذه الثقافة التي تصل فتنتها إلى العالم أجمع، من مفاتنها أنها تخلق فينا قلقاً زائفاً.
إن أعظم آلام المؤمنين يجب أن يكون غيبة الامام الكريم ويجب أن ننظر داخل أنفسنا ونرى ما هو أعظم آلامنا الآن؟ ثقافة المسيح الدجال تجعل الآلام الزائفة تتحول إلى آلام حقيقية وتنسى الآلام الحقيقية.
إن الثقافة الدجالية في عصرنا، التي لا تنظر إلا إلى الأشياء الحسية والمادية، تظهر الهموم والآلام كحاجات في كل المجتمعات، وتأتي الطقوس والكماليات والأزياء إلى الحياة بطريقة تصبح احتياجات أساسية وتسبب احتياجات زائفة الجشع والطمع والحرص داخل الانسان.
في هذه الثقافة، يتم نسيان الألم الرئيسي ، وأحيانًا تجعل هذه الثقافة الناس جشعين . بحيث يهمل حاجته الأساسية ويذهب وراء حاجة كاذبة. ولذلك يجب أن يتغير القلب الذي لا يتألم بسبب قلة الانس مع ولي الله، لان هذا القلب مريض.
فإذا وصل المجتمع الشيعي إلى ذلك الألم سيبدأ العلاج، أي حتى لا يعود الألم والحاجة الى ولي الله لن يبدأ العلاج، فإننا نسعد بكلمة الحب، وليس الحب نفسه. لأن الحب نفسه يؤلم. نحن غافلون عن الحب الحقيقي لله عز وجل. لأنه ليس لدينا أي ألم.
إذا خرج المجتمع الشيعي من الغفلة و يكون منطقه عزيز علي يا سيدي أن أرى الجميع ولا أراك، و... عزيز علي أن يستهين بك الناس، سيكون الفرج تحقق.
الإمام الزمان (ع) لا يغيب ولا يخفى. نحن ضائعون ومختبئون ومهجرون، فكيف ننشغل بكل شيء في النهار ونحن عن الإمام غافلون. مجتمعنا يجب أن يصل إلى هذا المستوى، وإلا أرسل الله تعالى 11 معصوما، ولكن المجتمعات لم تضطر الى ولي الله. هذا ما يحدث عندما لا يحترم ولي الله في المجتمع. سيتم نفي واحد، وسيتم سجن آخر وسيتم طعن آخر.
يصل الأمر إلى النقطة التي يضع فيها الله وليه خلف حجاب الغيبة. لأن المجتمع لا يشعر بالاضطرار وهو غافل. ولن يكون ارادة الله تعالى متمثلة بمصير الـ 11 معصومين السابقين لأن بقية الله هو الاحتياطي الأخير. ولا يمنح الله هذه النعمة لمجتمع لا يعاني من الاضطرار. سيظهر الامام في للمجتمع عندما يضطر اصحابه على الأقل .
الشرط العام والشامل والعمومي لظهور الامام هو أن يتحرر أصحابه من الغفلة. لكن الامام له حضور و ظهور خاص . بحيث إذا كان الإنسان مضطرا، ينفتح الطريق ويحدث له ظهور الامام الخاص.
ماذا يجب أن نفعل إذا لنكون مضطرين؟ هناك شرطان للاضطرار، الشرط الأول هو الرضا بالدنيا وعدم الوقوع في هذه الثقافة الدجالية والرضا إلى حد الاكتفاء وتنفيذ روح القناعة والزهد تجاه الدنيا.
والشرط الثاني هو الخلوة والانس والتواصل مع ولي العصر (عج)، وينبغي أن نعتبر ذلك مهمة. حضارة اليوم لا تعتبر قضاء نصف ساعة منفرداً مع الإمام عملاً، بل تعتبر العمل في المكتب 8 ساعات عملاً. أهل البيت (ع) ركضوا للخلوة. فإذا حدث ذلك صار حباً، وأراح المحب من الألم، حيث ان المعاناة الشرط العام للظهور في المجتمع ، و شرط الظهور الخاص هو أن يعاني الفرد في خلوته.
https://telegram.me/buratha