بـدر جاسم ||
الإنتظار هو درع مانع من نفاذ اليأس إلى أبناء الأمة، وهو نقيض مايفعله العدو من تثبيط لعزيمتهم وغرس اليأس في نفوسهم، تارة بأعلامه المضلل الذي يقلب الحقائق ويجعل من الحق باطلاً ومن الباطل حقاً، وأخرى باساليب الحرب الناعمة والتي يجيد العدو استخدامها ، فإذا ماتمكن من غرس اليأس والاحباط والقنوط في نفوس أبناء الأمة وقتئذ إقرأ على تلك الأمة السلام. فالركون إلى دعايات العدو والتصديق بما يصدر عنه يعني أن الامة قد شُلت قدراتها وتوقفت عندها عقارب الساعة، وبذلك تخلو الساحة للعدو، ليعمل ما يشاء دون أي أعتراض أو مقاومة، ولهذا يعتبر الانتظار مانع من اليأس، ودافع للتقدم، ويقينا نحن هنا نتحدث عن الانتظار الايجابي، فالإنتظار بلا عمل لا يعد انتظاراً، بل تقاعساً واستسلاماً وهذا هو الانتظار السلبي بعينه، لذا العمل هو قلب الإنتظار، وهو ما يجعل الأمة في تقدم مستمر لصناعة الإنتصار، فما ننتظره لا يأتي به قطار الزمن، إنما تحققه سواعد المنتظرين.
عندما انتظرت الأمة حلاً للقضية الفلسطينية، من دون عمل لتحقيق هذه المهمة، فشلت وبقيت تنتظر لعقود من الزمن ، ذلك الفشل الذي كلفنا الالاف من الشهداء وملايين من المشردين وضياع وطن كامل، كل ذلك يجري على مرأى ومسمع العالم المتحضر ، ذلك العالم الاعور الذي يرى انصاف الحقائق ويتخذ من سياسة الكيل بمكيالين دين وديدن له، وخاصة إن تعلق الأمر بفلسطين السليبة،كل ذلك جرى بسبب الإنتظار السلبي للأمة واتكالها على مسند الامل والأمنيات في إيجاد حل، ولات حين مناص، فقد وصلت الامة إلى قناعة تامة أن الحقوق لا تُعطى بل تؤخذ، وما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة. فتركوا الانتظار السلبي ونزلوا إلى الساحة يواجهون الدبابات الصهيونية بحجارة وصدور عارية فكان ما كان حتى تحولت تلك الحجارة الى صواريخ، والصدور العارية إلى عدة وعتاد ليستفيق الكيان الغاصب وكل العالم معه على عملية الاقتحام الكبرى وطوفان قلبل المعادلات والموازين واثبت للعالم إن الامة إن اتكلت على الله صنعت المعجزات.
لقد كسر طوفان الاقصى هيبة الكيان وبيّن للعالم مدى هشاشته وانه حقاً لاوهن من بيت العنكبوت.
وإنه بإمكان هزيمة هذا الكيان إن توفرت الارادة الحقيقية لها.
يقينا إن إنتظار الفرج هو من أفضل الأعمال، فخروج الإمام يعني نهاية الظلم في العالم وبزوغ شمس العدالة الإلهية على ربوع الارض كل الارض.والسؤال هنا أيحدث ذلك بلا عمل؟ أتتوقف حكومات الاستكبار عن سرقة الشعوب المستضعفة بمجرد مطالبتهم بالكف عن ذلك؟ أيتحقق الظهور الشريف دون اقتدار إسلامي؟ كلا والله، لن يحدث أي تغيير ما لم نغيير واقعنا نحن، قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ) فأساس التغيير هو أن نعمل على تغيير أنفسنا أولاً،ثم تغيير واقعنا، فعندما نتطور بأي مجال سواء كان إقتصادي أو إعلامي أو عسكري، ونسد حاجتنا من ذلك، فهذا يعد تحرراً من قبضة العدو، وخطوة باتجاه الاقتدار الكامل.
نعيش والعالم بأسره إرهاصات ماقبل الظهور المقدس، فالموروث الروائي لأئمة أهل البيت عليهم السلام حدثنا على الكثير من العلامات العامة والخاصة، الحتمية والغير حتمية، منها العلو الثاني لبني إسرائيل، وكذلك عن دولة وراية الخراساني المناصرة للامام ، وكذاك عن دولة ناصبيه في الحجاز، وظهور العديد من الرايات، فهذا كله يضعنا أمام مسؤولية كبيرة، لابد أن نقوم بها، وهو التمهيد المهدوي بشكل حقيقي، وتهيئة كل مستلزمات النصرة للإمام المهدي المنتظر، وإلا فإن سُنّة الاستبدال مستمرة بدون توقف، كل من لم يؤدي الواجب المكلف به، سوف يُستبدل، وتُحول المهمة إلى شخص أخر، قال تعالى (إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِير) فالإنتظار المقرون بالعمل هو ما يناسب هذه المرحلة المهمة.
الإنتظار شيء عظيم، وهو أفضل الأعمال، لما له من تأثير كبير في الواقع، ويحقق تغييراً كبيراً، طالما تمنت البشرية الوصول إليه، فمجرد الوقوف على طريق الإنتظار، يجعلك ترى العالم ببصيرة، وتعرف من خلاله أمة الحق من أمة الباطل، ذلك الباطل الذي ستزول عتمة مع أول إشراقة لنور الإمام المهدي(عجّل )
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا
https://telegram.me/buratha