كوثر العزاوي ||
إنّ أبشعُ الجرائم، القتل، وأبشعَ منه التمثيل بعد القتل، إنّه نهجُ أهل الغدر، وهو مايتنافى والمبادئ الإسلاميةت والإنسانية، كما يتنافى مع القيم العليا في الشريعة التي تحرص على كرامة الإنسان حيًّا ومَيّتا، فأين المتبجّحون المدّعون الأسلام، والإسلام منهم براء! ولعلّ من غرائب الأقدار، أن نعيش اليوم حَدَثًا مهمًّا مؤلِمًا، وفيه من العِبرة مايدعو إلى التأمل والوقوف على قارعة الزمن، لنجري مقارنة بين الأمس واليوم، ونسلط الضوء على وحشية سياسة زمر التكفير الإنتقامية، من خلال حادثتَين مؤلمَتَين بين الحاضر والماضي، حيث التزامن المُلفِت لعملية اغتيال الشيخ “عبد الله أحمد العلي” الذي كان ممّن يبلّغون رسالات الله، ويدعون إلى نهج آل محمد “عليهم السلام” وقد استشهد اليوم على أيدي زمُر التكفير في”درعا السورية” بعملية إجرامية وحشية، عمَدَ وحوشها الى التمثيل بالجسد الطاهر بعد القتل، مما حدا بالذاكرة الى استحضار ذكرى استشهاد بطل الاسلام “حمزة بن عبد المطلب” في مثل هذا اليوم الخامس عشر من شوال من السنة الثالثة للهجرة النبوية، ولَعمري، هل لهذه الذكرى من حكمة من لدن الغيب، لتعانق حادثة استشهاد الشيخ المظلوم “أحمد عبدالله العلي” لذكرى استشهاد بطل الإسلام -مع الفارق- إلّا لكي يُبصِر العالَم العبرة منها!، ولِتَعي الأجيال اليوم أبعاد بشاعة المسلسل الإجرام السفياني الممتد في عمق التأربخ الى يومنا هذا لتَصْدُقَ الحكمة القائلة” ماأشبه اليوم بالبارحة”!، أمس وفي مثل هذا اليوم قتل المغوار حمزة في معركة أحد، وفيها استطاعت هند بنت عتبة المقتول والدها وشقيقها في معركة بدر التعرّف على عبدٍ محترفٍ بالرماية اسمه “وحشيّ” وقد وَعدَت له بذل كل ما يريدهُ من مال حتى مايريده الرجل من امرأة مثلِها، مقابل اغتيال حمزة، فأبدى استعداده فتمكّن ذلك العبد الذميم بطريقة ما تحديد هدَفهُ، فقُتِل حمزة”عليه السلام” شهيدا، وقبل تنفيذ تلك الفاجرة وَعدَها مع العبد، أقْدمَت هند السفيانية على التمثيل بجثمان حمزة، تنفيسًا عن حقدها وثأرًا من يوم بدر، والذي كان باكورة الأحقاد المتتالية على أتباع النهج المحمديّ الأصيل، فعَمِلت ماعمِلت مما لا يتخيّله العقل، ويأنف منه طبع البشر، فقد مزقت جسد الشهيد وجعلت من بعض أجزاءه قلادة، لذا فلا عجب أن يعيد التأريخ نفسه لنرى حذوَ أحفادها فيما يفعلون من فنون التقتيل والتمثيل بالأحياء فضلًا عن الأموات، ولم يشفي غليلهم على مرّ العصور، وها هو التأريخ شاهد على قصة أكْلِ هند لكبدِ حمزة “عليه السلام” في مصادر السنة والشيعة، وكما ورد في فتح الباري–لابن حجر–ج ٧ ص ٢٧٢، وفي تاريخ الطبري ج ٢ –ص ٢٠٤، حتى وردَ أنّ هند اتخذت من آذان الأبطال وأنوفهم حُليّ وقلائد وأقراط!، من هنا يذكر التاريخ مدى حزن الرسول ووجعهِ”صلى الله عليه وآله” يوم مصرع سيد شهداء عصره حمزة “عليه السلام” ومنظر جثمانه المقطّع إربًا، إذ تؤكد الروايات بأنّ النبيّ لما رأى حمزة قتيلاً بكى بشدّة، فلما رأى كيف مُثِّل به شهق “صلوات الله عليه” ولعلّ الأهمّ مما أريد الإشارة إليه، هي العبرة من حادثة التمثيل بجسد الشهيد حمزة بن عبد المطلب من قِبل آكلة الاكباد جَدّة السفيانيين
للماضين والمعاصرين وبعدهم الأمويّين والعباسيّين، وعلاقة مانراه في عصرنا من توارث هؤلاء سموم أحقاد جدّتهم هند ومَنْ على نهجها الدموي على أهل ولاية محمد وآل محمد، لكونهم حَفَظة الإسلام والإمتداد الطبيعي لهم، وكيف استمر أحفادها ببغيهم جيلًا بعد جيل، وعهود سفيانية متعاقبة، إذ أتقَنَت دورها بتطبيق النهج السفياني سواء في الحرب أو دون حرب، حتى وصلت الرسالة الغادرة في عصرنا الحالي الى أولاد عبد الوهاب الأرهابيين التكفيريين، ودواعش المرحلة، ليتم تنفيس مابقيَ من الغلّ السفياني الداعشي على أتباع آل محمد “عليهم السلام”، في بلداننا الإسلامية في العراق وإيران والبحرين والقطيف والاحساء في الحجاز، وسوريا ولبنان والكويت وأفغانتسان وباكستان ونيجيريا، حيث شهد العراق مثلا أبشع الجرائم، إذ بلغت ذروتها في أكثر من زمان وعلى يد أكثر من “وحشيّ” في مجازر مهولة تأنف ذاكرة الغيور من ذكرها فضلًا عن تفاصيلها، وآخرها مما جرى من تجسيد حقدِ أحفاد هند آكلة الاكباد بحق الشيخ البصير “احمد عبدالله العلي” في درعا السورية، ومثل ذلك مافعلوا بالشيخ “نمر النمر، والشيخ حسن شحاتة، والشيخ الزكزكي، وغيرهم كثير ومن فئات مختلفة
وبذات الأساليب الإجرامية وذات الهدف السفياني، ولو أردنا الإسهاب والتفصيل لطال بنا المقام، ولكننا نقول: في سبيل حبّ علي ابن أبي طالب ونهجه وولايته، لم يتوقّف تقديم القرابين من شيعة أهل البيت “عليهم السلام” في كلّ بقاع العالم وفي كل زمان حتى ظهور الموعود المنتقِم، الآخذ بالثأر المقدّس صاحب العصر والزمان”أرواحنا فداه”.
https://telegram.me/buratha