يقوم التنوير الغربي على اعتقاد مسبق بأنّ التاريخ لا يقوم على البراءة، وأنّ البراءة ستسبب أضراراً لهذا العالم، فالفضيلة هي أن تخيف الآخر بدل أن تكسبه حبك. وتعود هذه القناعة في أصولها إلى ثقافة الاستيطان الانكلوساكوني، ولعل أكثر من تأثر بهذه النزعة الآن هم الأمريكيون من المحافظين الجدد.
🏗️ وعلى أساس هذه الفكرة، نشأ كثير من العـאـنف الذي تمارسه أمريكا في العالم وهي تحاول فرض ايديولوجيتها عبر إحتـאـلال العراق وغيره من الدول وقتـאـلهم الملايين. وبرغم هذا فثمة غياب لهذه الفكرة الأيديولوجية عن اذهان النخب، فحين خسرت الولايات المتحدة مقعدها في لجنة حقوق الانسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة في جنيف مطلع أيار/مايو من العام 2001، أصيب كثيرون في أمريكا بالدهشة.
⚠️ إذ دهشت النخب الأمريكية والغربية وتسائلوا كيف يمكن لهذا أن يحدث، فحسب هؤلاء فأنّ أمريكا هي التي أوحت مفهوم حقوق الإنسان للعالم، وهي التي هرع لإنقاذ الأطفال المفقودين وانتشال الديمقراطيات الفاشلة، لكن الإدارة الأمريكية تجاهلت كلام النخب، وأظهرت لا مبالاة، وأدارت ظهرها لهذه القضية. فأمريكا هي نفسها ليست مقتنعة ببرائتها، بل هي من تضع المعايير ولا تعتذر لأحد كما قال تشارلز كروثامر يوماً ما في مجلة التايمز.
🔚 فبناء على عقيدة المحافظين الجدد أن ما ينبغي على امريكا أن تفعله لكي تحقق رسالتها إلى العالم فهو أنّ تنأى بنفسها عن البراءة، أي أن تمارس القسـאـوة والعـאـنف وإخافة الآخرين، بناءً على العقيدة الميكافيليلية القائلة بأن "الفضيلة هي أن تخيف الآخر بدل أن تكسب حبه لك".
التمركز الأنكلوساكسوني، محمود حيدر ص160-161 من مجلة الاستغراب العدد 30.
https://telegram.me/buratha