ضياء محسن الاسدي
(( أن استعار العقل العربي وتحجيم تفكيره من أخطر أنواع الاستعمار وعلى مدى عقود من الزمن مما أدى إلى تجهيل أجيال كثيرة مضت ولحد الآن من خلاله ورثنا أجيالا محدودة وطفيلية التفكير تعتمد على الغير في تفكيرها وبناء عقولها نتيجة اعتمادها على رجال أحاطوهم بهالة من القدسية والتمجيد والعظمة حتى أصبح التفكير في آلات المعرفة حكرا عليها ولا يسمح المساس بها أو مزاحمتها في استحصال المعرفة والحرية المطلقة في البحث عن المعرفة واعتبرها البعض خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه والقفز على هكذا مسميات ( بعض علماء الدين ) وخصوصا عندما أستيقن هؤلاء البعض أن زمام الأمور انفلتت من أيديهم وأن الجيل الجديد ما عاد ينسجم ويتناغم من طروحاتهم وأفكارهم القديمة النمطية سمحوا لأنفسهم أن يفرضوها على غيرهم علما أنها خدمت مرحلة جيل قديم واكبت عصرهم وأصبح التيار الديني والمعرفي القديم بعيدا عن التيار الديني والثقافي والفكري المجدد للعقيدة والفكر الصحيح وتوجهاته ومقدار فهمها بالأسلوب المتطور الذي يفرضه الواقع الجديد حيث أشتد الصراع في السنوات الأخيرة وما زال هذا التيار المجدد يعاني من تبعات الضغط عليه . فقد كان للرأي الشخصي في مجريات الأمور الحياتية في عصر الرسالة المحمدية ودولته الإسلامية بصمته الواضحة من حث الصحابة في أعطاء الرأي والمشورة واستخدام الفكر والتفكير للعقل والخصوصية في فهم الأمور وما يدور من حولهم وتبادل الآراء وساحة النقاش مفتوحة في شؤون العقيدة والدين والحياة اليومية لكن سرعان ما تلاشت وأفل هذا المفهوم بعد رحيل النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وأسدل الستار على باب النقاش والحوار الحر المطلق وضاقت فسحة التفكير ووضعت الحواجز والعراقيل على العقل العربي المسلم من قبل المتصدين للسياسة والدولة ورُبطت السياسة مع الدين بعدما منحوا البعض من القادة المسلمين لأنفسهم الحرية والسيطرة من خارج المنظومة الدينية والعقائدية وبعض المحسوبين على رجال الدين المتشددين في التحكم في الفرد ومقدراته وعقليته وكانت بدايتها في مرحلة صدر الإسلام الأول وخصوصا في محنة المعتزلة وسد باب الاجتهاد وهي المرحلة الخطيرة من حياة المسلمين في تكميم أفواه بعض الصحابة والتابعين والعلماء والمفكرين وأبعادهم عن محور القيادة والقرار والساحة الدينية والسياسية بعدما أصبحت آرائهم تعارض سياسة الدولة ومؤسساتهم الدينية والسياسية وبدأت حملة أبعاد المفكرين والمجددين لمفهوم العقيدة والدين والمجتمع ومنعهم من ركوب سفينة التجديد الفكري والركب العلمي للعالم حين أرادوا الابتعاد عن مفهوم السلف والتراث الذي ينقصه التطور والحداثة وما زالت هذه المحاولات لعزل التيار الفكري المجدد عن القاعدة الجماهيرية المتعطشة للفهم الجديد والتغير والمعرفة الحقيقية لعقائد الدين الإسلامي ومعرفة تأريخنا الصحيح وتراثنا الفكري والاجتماعي بوضع العراقيل أمامه على سبيل المثال حجة أن هذا التيار الجديد يمس جوهر العقيدة الإسلامية المقدسة والخروج عن مبادئ الإسلام وتارة أخرى أنها تخدم مصالح الفكر الغربي والمرتبط بايدولوجية الغربية وتارة فرض بعض رجال السياسة والأحزاب الدينية خصوصا أفكارها وهيمنتها على عقول الجيل الجديد وعدم السماح لها بالخروج عن نمط تفكيرها ومعرفتها وقد تصل إلى اتهام التيار الجديد بالإلحاد والكفر وغيرها من المسميات التي تنفر المجتمع منهم لكن التيار مستمر في البحث عن ما هو جديد وطرحه للعلن بقوة الحجة ووضوح الرؤى ومنهجية عالية في الإقناع والأسلوب ))
https://telegram.me/buratha