قال لي احد طواويس الاعلام العباقرة على الواتساب: إن ما كتبته عن سوريا ولبنان دقيق للغاية، لكن الاستراتيجي هو الذي يقرأ قبل عشر سنوات، يعني من وجهة نظره ما يحصل لا يحتاج الى تفسير واجتهاد، لم استغرب قوله ويا ليته او اقله لفت انظار المحور والبيئة الى هذا الامر الذي لا يحتاج الى تنظير او اجتهاد.
نعم، قبل 12 سنة، وتحديدًا في 5-1-2012، كتبتُ ما يحدث اليوم تحت عنوان مقال: “هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية” بقلم: ناجي أمّهز.
تحدثتُ حينها ورسمتُ وشرحتُ أدق التفاصيل السياسية، وحتى الإعلامية منها، عن ما يجري في سوريا وما يُخطَّط لحزب الله. وقلتُ قبل 12 سنة إنه لا حرب إسرائيلية على لبنان؛ لأن الهدف من الحرب على سوريا هو تشويه صورة السيد نصر الله الذي خرج منتصرًا عام 2006، من خلال تقليب الرأي العام السني المتشدد عليه. وبعد تشويه صورته، تنقض إسرائيل على حزب الله، كما حدث منذ أشهر قليلة.
من يقرأ المقال سيجد أنني قلت، رغم سقوط أكثر من ثلثي سوريا في أيدي المتشددين، إن الرئيس الأسد لن يسقط. بينما كتبتُ منذ شهر عن قيام الدولة العلوية.
وأقول لكم: أمامنا 50 يومًا للتحرك والعمل؛ ربما نستطيع إما قيام دولة شيعية أو على الأقل خلق معادلة سياسية تحمينا من المتغيرات الإقليمية والدولية.
لقد كنتُ ضد تصرف الإعلام والإعلاميين التابعين لمحور المقاومة، لأن أسلوبهم الفظ التهكمي أفقد البُعد الإنساني لمعركة حزب الله في سوريا.
مما جاء في مقال *”هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية” *:
“في ظل هذه الأجواء تنشط الحركة الإسرائيلية بنقل المتغيرات الجيوسياسية من رفح إلى الجولان، حيث تُرسم استراتيجية خلق معادلة مصر حسني مبارك بمعادلة سوريا والمتغيرات الجديدة. فلا يمكن لإسرائيل أن تترك معبر رفح، بعد سقوط حليفها مبارك، خاليًا من تواجد عسكري يحميها. وفي الوقت نفسه، لا يمكنها أن تنشر جيشها على طول حدود الصراع مع لبنان مرورًا بالجولان وحتى معبر رفح. لذلك تعمل على تأجيج الصراع في سوريا والضغط المباشر وغير المباشر لمنع أي حلول أو تسويات للوضع السوري، ليتم نقل قواتها العسكرية إلى الحدود المصرية استعدادًا للمتغيرات الشعبية في مصر.
تنظر إسرائيل بعين الرضا إلى تصريحات المعارضة السورية المشابهة لخطاب النظام المصري السابق، سواء في تعامله مع حركات المقاومة أو دوره في الابتعاد عن محور الممانعة. وهذا سيخلق من الجولان “رفح” أخرى. وتعمل إسرائيل مع الأطراف المتحالفة معها على خلق معادلة معبر جديد، وحصار جديد، وغزة جديدة.
من هنا، كتبتُ أكثر من مقال استبعد فيه أي حرب إسرائيلية على لبنان وحزب الله. ذلك أن إسرائيل تريد تأجيج الصراع المذهبي والطائفي في سوريا، مع الإيحاء الدائم والتأكيد على أن بعض عناصر حزب الله يشاركون في قمع المتظاهرين. والجميع يعلم أن هذه الادعاءات كاذبة أصلاً. هذا سيُولد حقدًا على المقاومة، يؤدي دوره لاحقًا مع المتغيرات السياسية. حيث يقوم المغرر بهم بخلق جدار عنصري طائفي يُسهم في عزل المقاومة عن امتدادها الطبيعي. وتُصبح نظرية غزة مطبقة على حدود لبنان. حينها، تطبق إسرائيل مقولة “عصفورين بحجر واحد”: مقاومة محاصرة وانتزاع شرعيتها العربية، وعزلها بطائفة، مما يُفقدها تاريخها ويُسقط تجربتها، دون أن تُطلق رصاصة واحدة.
المتغيرات سريعة، والصور واضحة، والمعركة بخواتيمها. لكن علينا الانتظار، فالأغلبية أصبحوا خارج كادر اللعبة، ولم يبقَ إلا الأقوياء في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الجديد. وفي مقدمة هؤلاء الأقوياء، حزب الله، الذي أصبح أكبر من الفتن وتوابعها، ومن الطائفيين وحقدهم. فالرهان على سقوط نظام الرئيس الأسد لإسقاط حزب الله هو رهان خاطئ. فالذي لا يسمع يمكنه أن يشاهد أن صور أمين عام حزب الله هي التي تُرفع في الأوطان العربية والإسلامية، مما يدل على أن حزب الله أكبر من الجغرافيا ومتغيراتها، والسياسة وتحولاتها.”
https://telegram.me/buratha