د بلال الخليفة||
لنبدا من التاريخ القريب , حيث حولت الحرب العراقية-الإيرانية , العراق من دولة دائنة لديها أكثر من 35 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية إلى دولة مدينة عليها ديون تصل إلى 80 مليار دولار. ففي نهاية الحرب, طالبت دول الخليج بالديون التي بلغت 49 مليار دولار.
قدرت دراسة أعدها المعهد الياباني لاقتصاديات الشرق الأوسط في عام 1987 إجمالي خسائر الحرب العراقية منذ عام 1980 إلى عام 1985 بقيمة 226 مليار دولار.
وفي تقرير اخر عن الخسائر العراقية بعام 2002 قدر التكلفة الإجمالية التي تحملها العراق طوال مدة الحرب العراقية-الإيرانية التي دامت ثماني سنوات 450 مليار دولار، وهو ما يعادل حوالي 10 أضعاف الناتج المحلي الاجمالي قبل بدء الحرب عام 1980.
بعد ذلك دخل العراق اتون حرب اخرى اشعلها حين احتل الكويت في عام 1990 وكنتيجة لذلك طبق علية نظام العقوبات على مدى السنوات 14 سنة بعد ذلك وكان الحلقة الثانية من مسلسل الكوارث التي حلت بالعراق. كانت تعويضات الكويت وصل الى 120 مليار دولار تقريبا.
أُنشئت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات (UNCC ) في عام 1991 لتجهيز المطالب ودفع التعويض عند اللزوم عن الخسائر الناجمة عن غزو العراق واحتلاله للكويت في المدة من عام (1990-1991). حيث قبل حوالي 1.5 مليون طلب تعويض وهو يساوي 52 مليار دولار.
فرض على العراق من قبل الامم المتحدة عام 1991 استقطاع %30 من مبيعات النفط لدفع التعويضات. ان تكاليف حرب الخليج الثانية وما تبعها من حصار اقتصادي استمر 14 سنة , كانت الخسائر اكبر من تكاليف حرب الخليج الاولى بأضعاف.
لقد سدد العراق من تعويضات الكويت ما قيمته 24 مليار دولار عن طريق مذكرة التفاهم وبرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء عام 2003 وسدد ما مجموعه 48 مليار دولار عام 2017.
جدول يوضح تنامي الدين العام للعراق
السنة الدين الداخلي (مليار دولار) الدين الخارجي (مليار دولار) الدين الكلي
2010 9.9 60.9 70.8
2011 12.5 61.0 73.4
2012 15.4 60.3 74.7
2013 13.9 59.2 73.1
2014 17.0 57.6 74.6
2015 27.1 66.1 98.0
2016 47.1 67.5 114.6
2017 49.2 73.7 122.9
2018 132
توصل العراق عام 2004 مع نادي باريس الى تخفيض ديون الدول الاعضاء في النادي وفق ضوابط واجراءات مشروطة حددت بالآتي:
1. اعادة النظر بأسعار المشتقات النفطية وموازنتها مع اسعار دول الجوار.
2. رفع الدعم عن البطاقة التموينية واستبدال مفرداتها بتعويض نقدي.
3. التوجه نحو خصخصة شركات القطاع العام.
2008 وبموجب ذلك تكون مديونية العراق لدول الاعضاء في النادي قد خفضت بنسبة %80 ويتوجب على العراق تسديد ( 20 %) من الدين المتبقي اي نحو (8) مليار دولار ويكون التسديد على مدى ( 23 ) عاماً من تاريخ 2011.
أما خارج دول نادي باريس، فقد قامت دول اخرى بإعفاء العراق من ديونه بشكل كامل كالصين وقبرص واستراليا ووعدت كل من قطر والسعودية بإعفائه ( 80 %) من المديونية البالغة ( 30 ) مليار دولار. أما الكويت فقد رفض برلمانيا شطب او تخفيض ديون العراق البالغة ( 16 ) مليار دولار والتعويضات التي اقرتها لجنة التعويضات الاممية، ويبدو ان هنالك اتفاقاً قد حصل باستثمار الدين الكويتي في عمليات البناء والاعمار المتوقع تنفيذها في العراق.
كمية الاموال التي يدين فيها العراق نتيجة الحروب العبثية التي ارجعت العراق من مصاف الدول الدائنة والتي لديها فائض في الناتج المحلي الاجمالي الى دولة مثقلة بالدين .
لكن بعد حرب الخليج الثالثة واسقاط نظام صدام , انفتح العراق على العالم ورفع الحظر عن الصادرات النفطية وغير النفطية ورفع العراق من البند السابع, وكما بدا الانتاج النفطي في تصاعد حتى وصل قرابة 4 مليون برميل يوميا.
لكن واقع حال الاقتصاد العراقي المتدهور و سوء الاستخدام في المقدرات المالية التي قدرت بتريليون دولار وحالة الفشل لجأت الحكومة الى تعزيز مديونتها الخارجية والداخلية رغم كمية الايرادات الضخمة بدل ان يتم سداد ذلك الدين، كما تم التجاوز وبشكل كبير على الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزي، فارتفعت مستويات المديونية الخارجية الى مستويات عالية اصبحت فيها الدول الدائنة تضع شروطاً قاسية كما راينا اعلاه، بل أصبحت تتدخل في القرار الاقتصادي للموافقة على منح الديون، مما عزز من تبعية الاقتصاد العراقي نحو الخارج وعمق من التحديات التي تواجهه وجعل مهمة عملية الاصلاح الاقتصادي التي تنادي بها الحكومة صعبة.
مقدار العجز في الموازنات العراقية للمدة 2012 – 2005 الف دينار
السنوات الايرادات العامة النفقات العامة العجز
2005 28.96 35.98 7.02
2006 45.39 50.96 5.6
2007 42.06 51.73 9.7
2008 80.48 86.68 6.2
2009 50.41 69.17 18.76
2010 61.74 84.66 22.92
2011 80.3 102 21.7
2012 102 117 15
2013 119 138 19
2014 لم تقر الموازنة لها العام
2015 94 119 25
2016 81.7 105.8 24
2017 79 100.6 21.6
2018 90.981 103.997 13.0
2019 105 133 27
بالختام
تريد الحكومة اقرار الدين الداخلي بعد ان اقرت سابقا الدين الخارجي, كما انها لم تضع خطة لمعالجة كمية الانفاق المتزايد ولا كيفية معالجة دفع الراتب. تريد دفع الراتب لهذا الشهر والقادم من الدين الداخلي, لكن ثم ماذا بعد ذلك؟ واين سنصل؟ سيتراكم الدين حتى يصل الامر لإعلان الافلاس, وستعجز الحكومة بعد عاجلا ام اجلا عن دفع الراتب.
الوضع الاقتصادي يقترب يوم بعد يوم نحو مصير مجهول والمسؤولون لا يأبهون وكذلك لم نرى لا سابقا ولا حاليا اي منهم من وضع خطة خمسية او عشرية لمعالجة الوضع الاقتصادي.
الامر مقتصر على الشعارات فقط