روت المصادر التاريخية كثيراً من الحوادث الكونية التي حدثت إثر واقعة عاشوراء، ولم تكن تلك الظواهر حالات نادرة، ولم تخص فئة دون أُخرى، كما أنّها اتخذت أشكالاً متعددة. نعرض فيما يلي من تلك الحوادث ما يناسب المقام:
1ــ مطر السماء دماً
جاءت حادثة مطر السماء دماً في جملة من المصادر التاريخية، حيث نقلها الطبري، وابن عساكر، والهيثمي، والطبراني وغيرهم الكثير. يقول الطبري: «...عن نضرة الأزدية أنها قالت: لّما قُتِل الحسين بن علي، أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وجبابنا وجرارنا
مملوءة دماً»[1]، وذكر ابن عساكر مثل ذلك[2]، ونقل الطبراني: «...عن جميل بن زيد، قال: لمّا قُتِل الحسين احمرت السماء. قلت: أي شيء تقول؟ فقال: إنّ الكذاب منافق، إنّ السماء احمرت حين قُتِل»[3]، وروى أيضاً الهيثمي ذلك[4].
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام إنّ بكاء السماء دام أربعين صباحاً، فعن زرارة عن الصادق عليه السلام قال: «...بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي أربعين صباحاً، ولم تبك إلّا عليهما. قلت: فما بكاؤها؟ قال: كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء»[5]، وقد نقل السيوطي في تفسيره الدر المنثور عن ابن عساكر أنّ بكاء السماء هو حمرتها، فقال: «...ما بكت السماء على أحد إلّا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها»[6].
2ــ لم يُرفع حجر إلّا وُجِدَ تحته دم
قال الطبري: «...وعن ابن شهاب، قال لما قُتِل الحسين (رضي الله عنه) لم يُرفع أو لم يُقلع حجر بالشام إلّا عن دم»[7].
وقال ابن عساكر: «...حدثني عمر بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت[8]، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذ حجر إلّا وُجِدَ تحته دم عبيط»[9]. وعن الهيثمي[10] والبيهقي[11] والإصبهاني[12] مثله.
3ــ انكساف الشمس وبدو الكواكب
روت جملة من مصادر المسلمين واقعة انكساف الشمس، ولعل هذه الواقعة من أكثر الوقائع غرابة وإعجازاً، وقد شبّهها مَن شاهدها بيوم القيامة!! قال الهيثمي: «... وعن أبي قبيل، قال: لما قُتِل الحسين بن علي: انكسفت الشمس كسفة، حتى بدت الكواكب نصف النهار، حتى ظننا أنها هي. رواه الطبراني وإسناده حسن»[13].
وقال البيهقي: «... عن أبي قبيل، قال: لما قُتِل الحسين بن علي (رضي الله عنه) كُسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار، حتى ظننا أنها هي»[14]، وروى أيضاً مثله أبو نعيم الإصبهاني[15]، والمزي[16].
ووصف المزي هذه الحادثة عن طريق نقله لرواية ابن عساكر؛ بأنّ السماء قد اسودّت، وظهرت الكواكب نهاراً، وحتى تم مشاهدة الجوزاء عصراً! وأنّه قد سقط التراب الأحمر كذلك[17].
4ــ ما حصل عندما نُحرت إبل معسكر الإمام الحسين (عليه السلام)
لم يسلم من أعوان يزيد حتى البهائم، فأراد الله (عزَّ وجلَّ) أن يبيّن لهم سوء فعلتهم مع الإمام الحسين عليه السلام في كل ما يتعلّق بواقعة الطف، حتى هذه البهائم، فما دامت ملكاً للإمام عليه السلام فإنّ الكرامة الإلهية قد طالتها كذلك، حيث نقل ابن عساكر: «...حدثني: جميل بن مرة قال: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قُتِل، فنحروها وطبخوها. قال: فصارت مثل العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً»[18].
وذكر الهيثمي: «لما قُتِل الحسين انتُهبت جزور من عسكره، فلمّا طُبِخَت إذا هي دم. رواه الطبراني ورجاله ثقات»[19].
5ــ ما جرى لمن شتم الإمام الحسين (عليه السلام)
روى الطبري حادثة الرجل الذي رُمي بحجرين في عينيه ـ وكذلك رواها كثير من المؤرّخين المسلمين ـ فقال: «...وعن أبي رجاء أنه كان يقول: لا تسبّوا علياً ولا أهل هذا البيت، إنّ جاراً لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة، فقال: ألم تروا هذا الفاسق ابن الفاسق إنّ الله قتله ـ يعنى الحسين(رضي الله عنه) ـ فرماه الله بكوكبين في عينيه وطمس الله بصره. أخرجه أحمد في المناقب»[20]. ونقل ذلك أيضاً ابن عساكر[21]، والمزي[22]، والطبراني[23]؛ ممّا يجعلنا نطمئن بصحة هذه الحادثة ووقوعها.
وذكر المزي في تهذيب الكمال: «...عن الربيع بن المنذر الثوري، عن أبيه: جاء رجل يبشِّر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يقاد»[24]. وذكر مثله ابن عساكر[25].
6ــ حادثة الرأس الشريف
روى الطبراني في المعجم الكبير: «لما قُتِل الحسين بن علي(رضي الله عنه) احتزوا رأسه وقعدوا في أوّل مرحلة يشربون النبيذ يتحيون بالرأس، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط، فكتب بسطر دم:
أتـرجو أُمّــة قتلـت حســـيناً
شــفاعة جــدّه يـوم الحسـاب
فهربوا وتركوا الرأس، ثمّ رجعوا»[26].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] اُنظر: الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص144.
[2] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص377.
[3] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص113.
[4] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص193.
[5] اُنظر: ابن شهرآشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج2، ص212.
[6] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور: ج4، ص264.
[7] اُنظر: الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص 145.
[8] رأس الجالوت: هو لقب أمير الجماعة اليهودية في بلاد الرافدين قبل الإسلام وبعده.
[9] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج 14، ص 230.
[10] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص196.
[11] اُنظر: البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوّة: ج7، ص373.
[12] اُنظر: الإصبهاني، أبو نعيم، معرفة الصحابة: ج5، ص 329.
[13] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، ص197.
[14] البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوّة: ج7، ص373.
[15] اُنظر: الإصبهاني، أبو نعيم، معرفة الصحابة: ج5، ص 325.
[16] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص432.
[17] المصدر السابق.
[18] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج 14، ص 230.
[19] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج9، 196. الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير:ج: 3، ص 121.
[20] الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص144.
[21] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج 14، ص 230.
[22] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص438.
[23] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص111.
[24] المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال: ج6، ص433.
[25] اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص217.
[26] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير:ج 3، ص 123. الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى: ص 144
.........
https://telegram.me/buratha