الصفحة الإسلامية

العلم وربطه بالقرآن الكريم عند الشيخ احمد الوائلي رحمه الله


الدكتور فاضل حسن شريف

 

اختلفت خطابة الدكتور احمد الوائلي عن بقية الخطباء في عصره بمزجه البحث العلمي والمنبر الحسيني التقليدي اخذا بالاعتدال والوسطية للوصول الى الاستنتاج الصحيح. ومبدأه التبليغ لانه ليس خاص فقط بالرسل عليهم السلام "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (المائدة 67) وانما التبليغ مستمر الى قيام الساعة للقادر عليه. والاسلوب العلمي في الخطابة كما يقول الشيخ الوائلي ليس الشتم والتعدي لان العلم يعتمد على المحاورة بالحسنى للوصول الى الحقيقة وما يستفيد منه المجتمع كما جاء "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ" (الانعام 108).

 

واوضح الدكتور الوائلي إن آراء بعض ما يدعون العلم الصحيح زورا انتقلت إلى الفكر الإسلامي عن طريق كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وغيرهم وأخذت مكانها في كتب التفسير والحديث والتاريخ وتركت بصماتها على كثير من بنود الشريعة. إن بوسع أي باحث الوقوف على ذلك في كتب كثيرة مثل تاريخ الطبري، وتفسيره جامع البيان، وفي كتاب البخاري وغيره من المؤلفات. مثلا في تعليل العداوة بين الإنسان والحية يذكره الطبري في تفسير بسنده عن وهب بن منبه وذلك عند تفسيره "فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" (البقرة 36) و "قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" (الاعراف 24)، يقول الطبري وأحسب أن الحرب التي بيننا - أي نحن والحيات - كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم في إدخالهن - يعني الحيات - إبليس الجنة بعد أن أخرجه الله منها، ويستمر في سرد أفكار عجيبة يستحسن أن يقرأها من يريد الفائدة من تفسيره. ويقول الطبري في تاريخه عند شرح الذبح العظيم الذي فدى به إبراهيم ولده إسماعيل بأمر الله تعالى: إن الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ" (المائدة 27). وينقل في تاريخه قصصا تلمس عليها روح كعب الاحبار ورفاقه واضحا.

 

وعن الاية الكريمة "وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا" (النحل 41)، فقد اكد الشيخ احمد الوائلي انها تبين لنا أن الهجرة عادة تكون لها أغراض وغايات وأهداف تختلف باختلاف نوايا الأناس المهاجرين ورغباتهم وإراداتهم. إن هذا يعني أن الإنسان من الممكن أن يهاجر إلى غرض معين يهاجر من أجل طلب العلم، او يهاجر من أجل طلب المعيشة، او يهاجر فراراً من جور حاكم، أو ظلم سلطان غاشم يحاول أن يسلبه حريته وكرامته، فيهاجر طلباً للحرية، ونشداناً للفضاء الرحب الواسع، وللانطلاق في عالم الإنسانية الفسيح. أما هؤلاء الذين تحدِّثنا الآية عنهم، والتي هي بصدد بيان غاية هجرتهم، فإنهم إنما هاجروا في الله تبارك وتعالى وله ومن أجله، وهذا يعني أن الله تعالى يزكّيهم تزكية ليس بعدها تزكية؛ حيث إنهم قد هاجروا من أجل هدف ديني ورسالي. وهكذا فإننا نجد أن هذه الآية الكريمة إنما هي من أجل بيان أن هناك أهدافاً عظيمة، وغايات كبيرة ونبيلة يمكن أن يقصدها الإنسان، وأن ينحوها وهو ينتقل من مكان لآخر إذا ما أراد أن يترفع بنفسه عن شهوات النفس ورغائبها، وعن طلب حطام الدنيا. وهذا الهدف إنما هو هدف عظيم يستمدّ عظمته من عظمة من يكون العمل لأجله، وهو الله تبارك وتعالى، أو الإسلام، أو غير هذا من الأهداف النبيلة التي تصب في مشروع الرقيّ بالإنسانية، والطلوع بها إلى فضاءات واسعة رحبة من العلوم والمعارف والحريات والحفاظ على الكرامات، والأهم من ذلك كله الحفاظ على الدين والمعتقدات التي يكون منبعها السماء، وغايتها صلاح الأرض ومن عليها.

 

 

وبين الشيخ الوائلي رحمه الله إن علم أهل البيت أما أن يكون بالطرق العادية كالتلقي والمدارسة، أو يكون من قبيل الإلهام وأنهم محدثون، أم الطريق الأول فهو محقق لأهل البيت لأنهم نشأوا في بيت محمد صلى الله عليه واله وسلم وتربوا في حجره وأخذوا العلوم من هذه البيئة وهذا أمر لا غبار عليه، أما العلم بالطريقة الثانية وهو الإلهام والتحديث كما تذهب إليه الروايات فالمسلمون كلهم يقرون بذلك وسأذكر جملة من نصوصهم في إمكان مثل هذا العلم: يقول الآلوسي في تفسيره روح المعاني عند تفسير الآية "قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" (النمل 65) عقب عليها فقال: لعل الحق أن يقال إن علم الغيب عن غيره جل وعلا هو ما كان للشخص بذاته أي بلا واسطة في ثبوته له، وما وقع للخواص ليس من هذا العلم المنفي في شئ وإنما هو من الواجب عز وجل إفاضة منه عليهم بوجه من الوجوه، فلا يقال إنهم علموا بالغيب بذلك المعنى فإنه كفر بل يقال إنهم اظهروا واطلعوا على الغيب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك