الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في موقع مؤسسة تراث الشهيد محمد بافر الحكيم عن مفهوم الامة في السياق القرآني للدكتور محمد جعفر العارضي: ومما تقدم نصير مع السيد محمد باقر الحكيم قدس سره الى أنَّ القرآن الكريم حينما يؤكد هنا على مفهوم الأُمَّة يعبر بها عن الجماعة التي يشترك افرادها في التأريخ المعنوي العقائدي و السلوكي. وكذلك يشترك ابناؤها في العقيدة و السلوك الاجتماعي القائم على هذه العقيدة؛ فتظهر رابطة السلوك الاجتماعي العام متمثلا بالدعوة الى الخير و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، كما في قوله تعالى: "مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ" (الحجر 5) و هنا اشارة لطيفة من السيد محمد باقر الحكيم قدس سره الى أنَّ «ما يصدر من الناس من اعمال سلوكية و اجتماعية، و ما يقومون به من نشاطات فكرية و معنوية صالحة او طالحة يؤثر بشكل مباشر في حركة التأريخ و الاوضاع الاجتماعية للناس و في تحديد عمر هذه الامَّة او تلك. و لا شك أنَّنا بازاء عمر قيمي و اخلاقي لهذه الامَّة او تلك، فضلا عن العمر التأريخي. وفي التفاتة رائعة من السيد محمد باقر الحكيم قدس سره تأتي مسألة الفروق الدلالية التي تنم عن ذائقة لغوية و مقدرة عالية يتمتع بها في التماس المعنى و التحليل الدلالي السياقي، ولا سيما التفريق بين لفظتي الأمَّة و القوم، إذ يلحظ أنَّ لفظة قوم تستعمل للدلالة على «الجماعة التي تكون الروابط فيما بينها روابط شعوبية ذات علاقة بالدم و التأريخ المادي و الارضي. أمَّا الأمَّة فهي لفظة يراد منها بمعناها اللغوي مجرد الجماعة، و لكنَّها تطورت في الاستعمال القرآني فاصبحت كلمة تعني الجماعة التي ترتبط فيما بينها بالروابط الفكرية والعقائدية والسلوكية.
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: تصديق التبشير والتحذير: فقد بشر الله سبحانه عباده بالرحمة والمغفرة لمن أطاعه منهم وحذرهم من العذاب الأليم لمن عصاه منهم، ومن أجل ابراز هذه البشارة والتحذير بصورة حقيقية متمثلة في الخارج عرض القرآن الكريم لبعض الوقائع الخارجية التي تتمثل فيها البشارة والتحذير، فقد جاء في سورة الحجر التبشير والتحذير أولا، ثم عرض النماذج الخارجية لذلك ثانيا: (نبئ عبادي أني انا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم) (الحجر 49-50). وتصديقا لهذه أو ذلك جاءت القصص على النحو التالي: (ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال انا منكم وجلون * قالوا لا توجل انا نبشرك بغلام عليم) (الحجر 51-53). وفى هذه القصة تبدوا لرحمة والبشارة. ثم (فلما جاء آل لوط المرسلون * قال إنكم قوم منكرون * قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون * وأتيناك بالحق وانا لصادقون * فأسر باهلك بقطع من الليل واتبع ادبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون * وقضينا إليه ذلك الامر ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) (الحجر 61-66). وفي هذه القصة تبدو الرحمة في جانب لوط ويبدو العذاب الأليم في جانب قومه المهلكين. ثم: (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين * وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين * وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) (الحجر 80-84). وفي هذه القصة يبدو (العذاب الأليم) للمكذبين، وهكذا يصدق الانباء ويبدو صدقه في هذه القصص الواقع بهذا الترتيب.
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: أسلوب القسم المكي يمتاز بالشدة والعنف والسباب: فقد قالوا: إن أسلوب القسم المكي من القرآن يمتاز عن القسم المدني بطابع الشدة والعنف، بل وبالسباب أيضا، وهذا يدل على تأثر محمد بالبيئة في مكة التي كان يعيش فيها، لأنها مطبوعة بالغلظة والجهل، ولذا يزول هذا الطابع عن القرآن الكريم عندما ينتقل محمد إلى مجتمع المدينة الذي، تأثر فيه بشكل أو بآخر بحضارة أهل الكتاب وأساليبهم. وتستشهد الشبهة بعد ذلك لهذه الملاحظة بالسور والآيات المكية المطبوعة بطابع الوعيد والتهديد والتعنيف، نجد في القسم المكي لينا وسماحة نحو قوله تعالى "ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين" (الحجر 87-88).
https://telegram.me/buratha