الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في معاني القرآن الكريم: بَصُرَ: فعل، بصُرَ يَبصُر، بَصَرًا وبَصارَةً، فهو بَصير، والمفعول مبصور به، بصُر بالشَّخص ونحوه: نَظَر إليه ورآهُ
بَصُرَ نَظَرَ إليه هَلْ يُبْصِرُه، أبصرُ من زرقاء اليمامة: يُطلق على كلّ بصير بالأمور خبير بها، نظّار إلى المستقبل البعيد. بَصِرَ: فعل، بصِرَ بصِرَ بصِرَ في يَبصَر، بَصَرًا، فهو بصير وبَصِر، والمفعول مبصور للمتعدِّي، بصِر الأمرَ بصِر بالأمر بصِر في الأمر: بصُر به، فطنه، عَلِمَ به، تنبَّأ به بصير في الهندسة. بَصَّرَ: فعل، بصَّرَ يبصِّر، تَبْصيرًا وتَبْصِرةً، فهو مُبصِّر، والمفعول مُبصَّر، بَصَّرَ: أَتَى البَصرةَ، بَصَّرَ: فتَّح عينيه أولَ ما يرى
بَصَّرَ الشيءَ: عرّفه ووضَّحه، بَصَّرَ فلانًا الأَمرَ وبه، تبصيرًا، وتبصرة: علَّمه إياه، ووضَّحه له، بَصَّرَ العَرَّافُ: اِسْتَطْلَعَ الْمُسْتَقْبَلَ. أَبْصَرَ: فعل،
أبصرَ يُبصر ، إبْصارًا ، فهو مُبصِر ، والمفعول مُبصَر، نظر بعينه فرأى، أدرك بحاسّة البصر، أَبْصر: علَّق على بابه بَصِيرةً، أَبْصر الشيءَ: رآه
أَبْصر إليه: التفتَ، أَبْصر: نظر إليه هل يُبْصِرُهُ، أَبْصره: عَلِمه. تَبَصَّرَ: فعل، تبصَّرَ / تبصَّرَ في يتبصَّر ، تبصُّرًا ، فهو مُتبصِّر ، والمفعول مُتبصَّر للمتعدِّي، تَبَصَّرَ مَوْضُوعَ الدَّرْسِ: نَظَرَ فِيهِ مَلِيّاً وَاسْتَقْصَاهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، تَأَمَّلَهُ، تَرَوَّاهُ لِيَتَبَيَّنَهُ، تَبَصَّرَ فِي رَأْيِهِ: تَبَيَّنَ مَا يَأْتِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، تَبَصَّرَ: تأَمّل وتعرّف، تبصَّر الأمْرَ/ تبصَّر في الأمر: تأمَّل وتبيَّن فيه ما يأتيه من خَيرٍ أو شرٍّ تبصّر في المسألة، تَبَصَّرَ الشيءَ: نظر إِليه هل يُبْصِرُه، تبصَّر الكتابَ تبصَّر في الكتابِ: استقصى النَّظر فيه.
الذين في قلوبهم كما قال الله تعالى "وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا" (الاحزاب 12) هؤلاء عديمي البصيرة، ومن اسبابها حب الدنيا كما قال الامام الصادق عليه السلام (حب الدنيا رأس كل خطية). ومن القلوب الفاقدة للبصيرة: القلب الاعمى الذي لا يبصر "وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور" (الحج 46)، والقلوب المريضة "فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" (الاحزاب 32)، و القلوب اللاهية "لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ" (الانبياء 3)، والقلوب المتكبرة "قلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار" (غافر 35)، والقلوب القاسية "وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَة" (المائدة 13)، و القلوب الغافلة "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا" (الكهف 28)، و القلوب المغلفة "وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْف" (البقرة 88)، و القلوب الزائغة "فأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ" (ال عمران 7)، و القلوب الغليظة "وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ" (ال عمران 159)، والقلوب المرتابة "وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ" (التوبة 45)، والقلوب الكاتمة للشهادة "وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ" (البقرة 283).
قال الله تعالى "قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف 108)، على بصيرة: أي على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية. وجاء ان والبصيرة هي المعرفة الثابتة باليقين والشاهد للأمر والحجة والقوة التي تدرك بها الحقائق العلمية وعقيدة القلب، والبصيرة هي النظر في الواقع من خلال النور الذي يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلوب من يشاء من عباده، فإذا قذف الله نوره في قلب عبدٍ مؤمن، فإنه يرى ما أخبرت به الرسل كأنه رأي عين، والبصيرة التي تأتي بالتفقه بالدين.
جاء في تفسير للآية الكريمة "نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا" (طه 104) ان في يوم الحشر يتخافت المجرمون فيقول امثلهم اي اعقلهم وافضلهم بصيرة ان لبثتم الا يوما. عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في مناجاته (الهي هب لي كمال الانقطاع أليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة). ويقول عليه السلام: ليست الرؤية مع الأبصار فقد تكذب العيون أهلها، ولا يغش العقل من استنصحه، فقد البصر أهون من فقدان البصيرة. البصيرة قد تغير مسرى الشخص من النار الى الجنة كما حصل للحر الرياحي عندما حولته بصيرته من جيش الفاسد الطاغية يزيد الى جيش امام المسلمين المصلح الامام الحسين عليه السلام.
من ايات الموعظة القولية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (التحريم 6)، و "اهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَاَ" (القصص 58)، و "يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" (الاحزاب 71). واقوال الانبياء هي ليست لاقوامهم فقط فهي موعظة للبشر ليكونوا على بصيرة كقول موسى عليه السلام "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ" (المائدة 20)، وقول نوح عليه السلام "لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" (الاعراف 59)، و "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا" (نوح 10-11). وهكذا اتباع القول الحسن "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" (الزمر 18).
توحيد الله تبارك وتعالى يؤدي الى صدق السريرة التي بدورها تجعل القلب يرى بعين بصيرة لتقابل وجه الله البصير العالم بالاعمال "فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ" (البقرة 115) الذي هو معكم اينما كنتم "هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (الحديد 3-4).
جاء في الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: قوله تعالى "وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (النمل 54) معطوف على موضع "أَرْسَلْنا" في القصة السابقة بفعل مضمر والتقدير ولقد أرسلنا لوطا. كذا قيل ، ويمكن أن يكون معطوفا على أصل القصة بتقدير اذكر والفاحشة هي الخصلة البالغة في الشناعة. وقوله "وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (النمل 54) أي وأنتم في حال يرى بعضكم بعضا وينظر بعضكم إلى بعض حين الفحشاء فهو على حد قوله في موضع آخر "وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ" (العنكبوت 29)، وقيل: المراد إبصار القلب ومحصله العلم بالشناعة وهو بعيد.
https://telegram.me/buratha