الصفحة الإسلامية

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن القرآن الكريم من سورة الكهف (ح 50)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن السيد محمد باقر الحكيم قدس سره في صفحة دراسات بوكالة براثا للانباء في دراسة معمقة في نظام الشعائر و العبادات في الاسلام: في بعض الشعائر التي اقرها أو وظَّفها القرآن الكريم ، أو المفاهيم التي ثبتها لجزء من معالم الرسالة الاسلامية. و كذلك في السيرة النبوية المباركة. و نشير هنا إلى بعض هذه المعالم منها قضية اهل الكهف التي أشار القرآن الكريم فيها إلى أن المؤمنين الذين غلبوا على أمرهم في ذلك العصر ، اتخذوا عليهم مسجداً تمجيداً لموقف هؤلاء الصالحين الذين رفضوا الوثنية و الطغيان: "وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا" (الكهف 21).

عن المجتمع الانساني في القرآن الكريم للشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: ويـظهر مـن الأحـاديث الواردة عن أهل البيت عليهم‌ السـلام، أن أفـضل شـيء وهبه‌ الله‌ تعالى‌ للإنسان‌ في‌ أصل خلقته هو‌ العقل،‌ فقد روى الكليني بطريق صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جـعفر البـاقر عليه السلام، قال (لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزتي وجـلالي مـا خـلقت‌ خلقاً‌ هو أحب إلى منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إيـاك آمر وإياك أنهى وإياك أعاقب وإياك أثيب) (الكافي 1 / 10 ـ ح 1). ولعل هذا العقل أو بعض درجاته العالية، هو الذي‌ وصل‌ إليه آدم في جـنة الأولى التي أسكنه الله تعالى فيها، وابتلاه واختبره بالتكاليف الإلهية عندما نهاه وزوجه عـن أكـل الشجرة فأكلا منها فبدت‌ لهما‌ سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من‌ ورق‌ الجنة، حيث وجدت عنده قـدرة التـمييز بـين الحسن والقبيح على ما يظهر من القرآن الكريم، والله سبحانه أعلم. والإرادة: هي‌ الحـرية‌ التي تـمثل الميزة والخصوصية‌ الثالثة‌ التي يختص بها الإنسان من بين المخلوقات، وهي تعني الإرادة والاختيار في أن يـسلك طـريق الهدى والصلاح والشكر لله تعالى، فتتطابق إرادته السلوكية مع الإرادة التشريعية لله تعالى فيصل إلى‌ الجنة‌ ورضـوان الله تـعالى، أو يختار طريق الضلال والفساد والكفر بالله تعالى، فتختلف إرادته السلوكية مع إرادة الله التشريعية، فـيسقط في مـهاوى النار. وهذه الحرية تؤهل الإنسان إلى الامتحان والفتنة‌ والاختبار‌ فيتكامل بذلك،‌ كما تجعله أمام المـسؤولية الإلهـية والعقاب والثواب، عندما يكون كامل العقل والعلم بلطف الله تعالى. وبهذه‌ الحرية يواجه الإنـسان جـهاد النـفس، وجهاد العدو، ويتحمل المصاعب والآلام من‌ أجل‌ الأهداف‌ الكبرى. كما أن الإنسان بهذه الحرية، يكون ‌‌فـي‌ مـوضع خطر السقوط والفساد، وسفك الدماء والوقوع تحت تأثير الهوى والشهوات. وهذه‌ الإرادة‌ هـي‌ نـفخة مـن الصفات الإلهية، التي اتصف بها الله تعالى، ويمكن أن تعبر عنها الآية الكريمة‌ التي تحدثت عن النـفخ فـيه مـن روح الله. ولكن مع ذلك نجد‌ أن آيات الاستخلاف تحدثت‌ عن‌ هذه الصفة ـ أيضاً ـ مـثل مـا سبق من آية سورة يونس، وفاطر، وغيرهما. كما أن القرآن الكريم تحدث عن هذه الحرية في خـلق الإنـسان، وقانون الابتلاء الذي يتعرض لها‌ في أصل هذا الخلق. قال تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف 29).

جاء في كتاب تفسير سورة الحمد للسيد محمد باقر الحكيم قدس سره: قول مجاهد عند تفسير القرآن بأن العلماء يعلمون تأويله، وقول ابن جرير الطبري في تفسيره المعروف القول في تأويل قوله كذا، الأمر الذي يشعر بأنه يتبنى هذا المبنى. الثاني: وهو الاتجاه الذي يرى أن كلمة التأويل تختلف عن كلمة التفسير في بعض الحدود، وهناك بعض الآراء بخصوص تحديد الاختلاف في هذا الاتجاه، وهي: 1 - الرأي الأول: وقد لوحظ فيه طبيعة المجال المفسر، إذ يرى بعضهم أن الاختلاف بين التأويل والتفسير هو اختلاف بين العام والخاص. فالتأويل مختص في خصوص الكلام الذي له معنى ظاهر فيحمل على غيره فيكون هذا الحمل تأويلا. وأما التفسير فهو أعم منه لأنه بيان مدلول اللفظ مطلقا سواء كان على خلاف المعنى الظاهر أو لا. 2 - الرأي الثاني: وقد لوحظ فيه نوع الحكم فيقال بأن التفسير يصدق على خصوص الموارد التي نتمكن فيها من كشف معنى القرآن المراد من الكلام القرآني بدرجة القطع، وذلك باعتبار وجود الوضوح في نتيجة الكشف حتى لو كان هذا الكشف مستندا إلى أدلة وقرائن أخرى غير اللفظ. وأما إذا بقي هناك احتمال إرادة معنى آخر وإن كان هذا الاحتمال بدرجة ضعيفة فإن بيان المعنى هنا هو تأويل لا تفسير. وهذا يعني أيضا أن أحكام المفسر أحكام قطعية، بينما تكون أحكام المؤول أحكاما ترجيحية. 3 - الرأي الثالث: وهو الرأي الذي يقول بالفرق بينهما على أساس الدليل والمستند الذي يستند إليه في عملية الكشف. فإن كان دليل الكشف عن المعنى دليلا عقليا فهو التأويل وإن كان الدليل على الكشف دليلا شرعيا فهو التفسير. الموقف الصحيح من هذه الآراء: والموقف من هذه الآراء هو أن البحث في التمييز بين التفسير والتأويل والنسبة بينهما، تارة يدرس من زاوية اصطلاحية في علوم القرآن، وحينئذ يمكن قبول أي من هذه الآراء الثلاثة السابقة، لأنه لا مشاحة في المصطلحات، إذ المصطلح هو عبارة عن لفظ يتواطأ عليه العلماء في عملية وضع مقصودة وضمن إطار العلم المعين ووفق أهداف علمية صحيحة، ولكل عالم الحق في تحديد ما يريده مما وضعه من مصطلح وفق هذه الأهداف للتعبير عن مقاصده. ولكن لو درسنا هذا البحث من زاوية أخرى وهي زاوية المدلول القرآني لهاتين الكلمتين باعتبار استخدامهما في القرآن الكريم ومن ثم لا بد من افتراض معنى قرآني مدلول معين لهما يراد الكشف عنه، فحينئذ لا يكون هذا البحث بحثا اصطلاحيا، بل هو بحث موضوعي. وعلى هذا لا يصح اتخاذ المعنى الاصطلاحي لكلمة التأويل كمعنى وحيد للفظ بحيث نفهم كلمة التأويل على أساسه حتى وإن جاءت في النص القرآني أو النصوص النبوية. وبمراجعة مجموع الآيات القرآنية التي استخدمت فيها كلمة التأويل نجد أن كلمة التأويل لا ترادف كلمة التفسير ولا تعني مجرد الكشف والإبانة عن المعنى، بل تعني شيئا آخر وهو ما يؤول إليه الشئ، حيث وردت كلمة التأويل في القرآن في سبعة موارد منها في سورة الكهف: "قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا" (الكهف 78). ويراد من التأويل في جميع هذه الآيات كما قلنا هو ما يؤول إليه الشئ، و لا توجد آية من هذه الآيات يحتمل فيها أن يكون معنى التأويل هو التفسير، سوى آية آل عمران، وذلك لأن التأويل فيها أضيف إلى الآيات المتشابهات. ولهذا ذهب كثير من مفسري هذه الآية إلى القول بأن تأويل الآية هو تفسيرها وبيان مدلولها. وتدل الآية عندئذ على عدم جواز تفسير الآية المتشابهة، ومن ثم يبقى قسم من القرآن الكريم مستعصيا على فهم الإنسان الاعتيادي ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم. والصحيح: أن الذي حمل هؤلاء المفسرين على هذا الرأي هو انسياقهم مع المعنى الاصطلاحي لكلمة التأويل.

جاء في كتاب علوم القرآن عن مفهوم التأويل للسيد محمد باقر الحكيم: التأويل عملية تطبيق وتشخيص تنسجم مع الظاهر والتنزيل والمحكم، وتعتمد على المعلومات والقواعد والضوابط العامة أو الخاصة التي يتلقاها الانسان الصالح من الله تعالى، كما في قوله تعالى: "وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا" (الكهف 82). أو تعتمد على الضوابط والقوانين والقواعد اللغوية أو القرائن الحالية والمقالية أو المعلومات العلمية أو الحسية أو الشرعية أو الطبيعية أو غير ذلك من قوانين العلم والتوثيق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك