الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة لون ومشتقاتها في القرآن الكريم قال الله سبحانه "قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ" ﴿البقرة 69﴾ لونها: لون اسم، ها ضمير، فاقع لونها: شديد الصّفرة، فعادوا إلى جدالهم قائلين: ادع لنا ربك يوضح لنا لونها. قال: إنه يقول: إنها بقرة صفراء شديدة الصُّفْرة، تَسُرُّ مَن ينظر إليها، و "وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ" ﴿النحل 13﴾ الوانه: الوان اسم، الهاء ضمير، مختلفاً ألوانه: كأحمر وأصفر وأخضر وغيرها، وسخَّر ما خلقه لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن، وغير ذلك مما تختلف ألوانه ومنافعه. إن في ذلك الخَلْق واختلاف الألوان والمنافع لَعبرةً لقوم يتعظون، ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء علاماتٍ على وحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة، و "ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ﴿النحل 69﴾ يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك، فيه شفاء للناس من الأمراض، إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون، فيعتبرون، و "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ" ﴿الروم 22﴾ وَأَلْوَانِكُمْ: الواو حرف عطف، الوان اسم، كم ضمير، وألوانكم: من بياض وسواد وغيرهما، وأنتم أولاد رجل واحد وامرأة واحدة، ومن دلائل القدرة الربانية: خَلْقُ السموات وارتفاعها بغير عمد، وخَلْقُ الأرض مع اتساعها وامتدادها، واختلافُ لغاتكم وتباينُ ألوانكم، إن في هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة، و "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" ﴿فاطر 27﴾ به ثمرات مختلفا ألوانها: كأخضر وأحمر وأصفر وغيرها، ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء، فسقينا به أشجارًا في الأرض، فأخرجنا من تلك الأشجار ثمرات مختلفًا ألوانها، منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر وغير ذلك؟ وخَلَقْنا من الجبال طرائق بيضًا وحمرًا مختلفًا ألوانها، وخلقنا من الجبال جبالا شديدة السواد، و "وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" ﴿فاطر 28﴾ وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك، فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف ألوان الثمار والجبال. إنما يخشى اللهَ ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماءُ به سبحانه، وبصفاته، وبشرعه، وقدرته على كل شيء، ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها، ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر، و "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" ﴿الزمر 21﴾ ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج: ييبس، ألم تر أيها الرسول أن الله أنزل من السحاب مطرًا فأدخله في الأرض، وجعله عيونًا نابعة ومياهًا جارية، ثم يُخْرج بهذا الماء زرعًا مختلفًا ألوانه وأنواعه، ثم ييبس بعد خضرته ونضارته، فتراه مصفرًا لونه، ثم يجعله حطامًا متكسِّرًا متفتتًا؟ إن في فِعْل الله ذلك لَذكرى وموعظة لأصحاب العقول السليمة.
قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" (فاطر 27-28) جاء في تفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي: "أَلْوَانُهَا" أجناسها من التين والرمان والعنب وغيرها. أو هيئاتها من الصفرة والخضرة والحمرة ونحوها، و "جُدَدٌ": الخطط والطرائق، وجدة الحمار هي الخطة السوداء على ظهره و "غَرَابِيبُ" معطوف على "بِيضٌ" أو على "جُدَدٌ"، كأنه قال: "وَمِنَ الْجِبَالِ" مخطط ذو جدد، ومنها ما هو على لون واحد: غرابيب. وعن عكرمة: هي الجبال الطوال السود. والوجه في قوله: "وَغَرَابِيبُ سُودٌ" مع أن "غَرَابِيبُ" يكون تأكيد الأسود، أن يضمر المؤكد قبله ويكون "سُودٌ" الظاهر تفسيرا للمضمر، كقول النابغة: والمؤمن العائذات الطير يمسحها * ركبان مكة بين الغيل والسند. وإنما يفعل ذلك لزيادة التوكيد، حيث يدل على المعنى الواحد من طريقي الإظهار والإضمار جميعا، ولابد من تقدير حذف المضاف في قوله: "وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ" (فاطر 27) أي: ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود غرابيب، حتى يؤول إلى قوله: "وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا" (فاطر 27) كما قال: "ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا " (فاطر 27). " وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ" (فاطر 28) يعني: ومنهم بعض مختلف ألوانه كذلك، أي: كاختلاف الثمرات والجبال، وتم الكلام ثم قال: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " (فاطر 28) والمعنى: أن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم، إذ عرفوه حق معرفته، وعلموه حق علمه. وعن الصادق عليه السلام: " يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم).
الوان الطيف مصطلح يطلق على اطياف المجتمع المتجانس الذي لا تناقضة النزعات العنصرية والدينية "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات 13). قوله تعالى "لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرینَ" (البقرة 69)، دلالة على ان الالوان لها تأثير على النفس والروح. قال الشاعر المتنبي: رَأت لَونَ نُورِكَ في لَونِهَا * كَلَونِ الغَزَالَةِ لا يُغْسَلُ. وقال الشريف الرضي: لون الشبيبة أنصل الألوان * وَالشّيبُ جُلُّ عَمَائِمِ الفِتْيَانِ. يلقب الامام الكاظم عليه السلام بالصابر لأنه صبر على الآلام والخطوب التي تلقاها من حكام الجور، الذين قابلوه بجميع ألوان الإساءة والمكروه.
https://telegram.me/buratha