الدكتور فاضل حسن شريف
عن كتاب مصباح المنهاج / التجارة للسيد محمد سعيد الحكيم: يحرم الكذب: كما هو المتبادر منه عرفاً، المناسب لما في لسان العرب من أنه ضد الصدق. وربما قيد بما إذا علم بمخالفة الخبر للواقع. بل ربما ادعى أنه الإخبار على خلاف المعلوم للمخبر وإن صادف الواقع. لكن لا يبعد انصراف الكذب لذلك بسب ارتكاز أن الكذب من الصفات الذميمة، والذم إنما يكون مع تعمد الإخبار بخلاف الواقع، ولا يكون مع الخطأ، مع كون المعنى الحقيقي للكذب هو الإخبار بخلاف الواقع مطلقاً ولو مع الخطأ. كذلك ما تضمن تقييد الكذب بالعمد، مثل ما في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لأمير المؤمنين عليه السلام من قوله: (يا علي من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وما في وصيته صلى الله عليه وآله وسلّم لأبي ذر: "قلت: يا رسول الله فما توبة الرجل الذي يكذب متعمداً؟ قال: الاستغفار وصلوات الخمس تغسل ذلك" إلى غير ذلك. والأمر سهل. وكيف كان فلا إشكال في حرمة الإخبار من غير علم وإن كان مضمون الخبر متحققاً في الواقع، بل هو من الضروريات، كما يقتضيه ما دل على وجوب كون الأمر المشهود به معلوماً، كقوله تعالى: "أَشَهِدُوا خَلقَهُم سَتُكتَبُ شَهَادَتُهُم وَيُسأَلُونَ" (الزخرف 19) ، وموثق السكوني عن أبي عبدالله عليه السلام: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: لا تشهد بشهادة لا تذكرها، فإنه من شاء كتب كتاباً ونقش خاتماً"، وغيرهما. وهو كما يمكن أن يبتني على أخذ العلم في جواز الإخبار واقعاً يمكن أن يبتني في وجوب الاحتياط ظاهراً في الإخبار، وإن كان جوازه منوطاً واقعاً بصدق الخبر.
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: في وجوب قبول الحق: وهو أمر ينبغي أن يكون من الواضحات، فإن الأدلة إنما يحتاج إليها من أجل وصول الحقيقة والتعرف عليه، ليرتفع عذر المكلف، ولا يبقى له حجة على الله تعالى، وذلك إنما يقتضي الاكتفاء بكل دليل يوصل للحقيقة وينهض بإثباته، فإذا وصلت الحقيقة للمكلف بأي وجه فرض فقد أقام الله تعالى الحجة عليه، وتمت المسؤولية في حقه، ولم يبق له عذر. وما له بعد ذلك إلا التسليم والإذعان. وليس من حقه حينئذٍٍ اللجاج والتعنت والعناد والتحكم واقتراح أدلة أخرى. وليس على الله عزّ وجلّ أن يجيبه إلى ما يريد، وهو الغني عنه وعن إيمانه، القاهر فوقه، القادر على عقابه. وقد تكرر في الكتاب المجيد الإشارة إلى تحكم المتحكمين وتعنتهم، والردّ عليهم، والاستهوان بهم، والتهديد لهم. موقف القرآن الكريم من المتحكمين والمتعنتين: قال الله تعالى: "وَقَالُوا لَولاَ نُزِّلَ هَذَا القُرآنُ عَلَى رَجُلٍ مِن القَريَتَينِ عَظِيمٍ * أهُم يَقسِمُونَ رَحمَةَ رَبِّكَ نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم مَعِيشَتَهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَرَفَعنَا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجَاتٍ" (الزخرف 31-32).
عن كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: تركيز الأديان على الثواب والعقاب الأخرويين: وعلى هاتين الحقيقتين البديهيتين الفطريتين ترتكز الأديان عامة في حمل الناس على سماع دعوتها والنظر في أدلته، ثم اعتناقها والالتزام بتعاليمها بعد ثبوتها ووضوح حجته. وذلك بعد أن أكدت الأديان على معاد الإنسان بعد الموت، ثم نيله الجزاء بالثواب العظيم على الإيمان بالدين والتزام تعاليمه، والعقاب الشديد على التسامح في ذلك والتفريط فيه. وفي القرآن المجيد مضامين عالية في الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، تهز الناظر فيها شوقاً للثواب وفَرَقاً من العقاب. نماذج من العرض القرآني للثواب والعقاب الأخرويين: قال عزّ من قائل: "الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلِمِينَ * ادخُلُوا الجَنَّةَ أنتُم وَأزوَاجُكُم تُحبَرُونَ* يُطَافُ عَلَيهِم بِصِحَافٍ مِن ذَهَبٍ وَأكوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشتَهِيهِ الأنفُسُ وَتَلَذُّ الأعيُنُ وَأنتُم فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثتُمُوهَا بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ * لَكُم فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنهَا تَأكُلُونَ* إنَّ المُجرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لاَ يُفَتَّرُ عَنهُم وَهُم فِيهِ مُبلِسُونَ * وَمَا ظَلَمنَاهُم وَلَكِن كَانُوا هُم الظَّالِمِينَ* وَنَادَوا يَا مَالِكُ لِيَقضِ عَلَينَا رَبُّكَ قَالَ إنَّكُم مَاكِثُونَ * لَقَد جِئنَاكُم بِالحَقِّ وَلَكِنَّ أكثَرَكُم لِلحَقِّ كَارِهُونَ" (الزخرف 69-78).
https://telegram.me/buratha